الرئيس المصري يبدأ بجولة سياسية لدول غرب أفريقيا والولايات المتحدة
النشرة الدولية –
بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء، جولة مباحثات سياسة خارجية، تشمل كل من الولايات المتحدة إلى جانب ثلاث دول في غرب أفريقيا، وهي غينيا وساحل العاج والسنغال تهدف إلى تعزيز دور مصر في القارة السمراء.
وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير بسام راضيبيان، إلى أنه وللمرة الاولى منذ العام 1965 لرئيس مصري، زار السيسي جمهورية غينيا، وعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الغيني ألفا كوندي، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين.
ونوه إلى ترحيب الرئيس الغيني بزيارة الرئيس السيسي التاريخية، لكونها أول زيارة لرئيس مصري إلى غينيا منذ أكثر من خمسة عقود، منوهاً إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وضرورة العمل على تطوير مختلف أطر التعاون المشترك، لاسيما من خلال متابعة النتائج المثمرة التي أسفرت عنها المباحثات المعمقة التي تمت خلال زيارته الثنائية إلى مصر في مايو 2017، خاصةً في المجالين الاقتصادي والتجاري.
وقال الرئيس الغيني كوندي، الدور المصري المحوري والنشط في عمقها الاستراتيجي في أفريقيا، خاصةً مع انطلاق الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، منوهاً إلى حاجة القارة إلى قيام مصر بتعظيم انخراطها الإيجابي والفعال في معالجة مختلف الشواغل الأفريقية، لاسيما المتعلقة بقضايا السلم والأمن والتنمية، لما لها من ثقل وتواجد مؤثرين على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأوضح المتحدث الرسمي، أن السيسي أعرب، خلال المباحثات، عن سعادته بزيارة غينيا، مشيداً بتميز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنوع مجالات التعاون المشترك بينهما، ومؤكداً عزم مصر على تطوير آفاق التعاون مع غينيا، في ضوء اهتمام مصر بمد جسور التعاون مع الجانب الغيني بهدف تعزيز التنمية والاستقرار والبناء، واستثماراً للرصيد التاريخي الممتد بين البلدين، لاسيما من خلال الدفع نحو عقد الدورة المقبلة من اللجنة المشتركة بين الجانبين في شهر سبتمبر القادم على مستوى وزيري الخارجية.
وأكد الرئيس اهتمام مصر المتبادل بالارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية مع غينيا بما يساهم في دفع التكامل الإقليمي والأفريقي في ما يتعلق بالتجارة البينية وتحقيق هدف منطقة التجارة الحرة الأفريقية، كما أوضح تطلع مصر للمساهمة في تطوير جامعة “جمال عبد الناصر” بكوناكري لتكون منارة تعليمية وثقافية، ليس فقط للشعب الغيني، ولكن للقارة الأفريقية ككل.
كما أكد الرئيس حرص مصر على مواصلة تقديم الدعم الفني للأشقاء الغينيين في مجال بناء القدرات والتدريب للكوادر الغينية في مختلف التخصصات، خاصةً الأمنية والعسكرية، وذلك في إطار بروتوكول التعاون العسكري الموقع بين البلدين في نوفمبر 2018، معرباً في هذا السياق عن التطلع إلي أن يمثل ذلك البروتوكول انطلاقة في مجال التعاون المشترك خلال المرحلة المقبلة.
وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات بين الرئيسين تطرقت كذلك إلى موضوعات الطاقة في أفريقيا في ضوء تولي الرئيس “ألفا كوندي” مهمة تفعيل المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة، حيث أكد الرئيس مساندة مصر للرئيس “كوندي” ولجهوده في هذا المجال لإنجاح المبادرة في تحقيق الأهداف المرجوة منها، بما ينعكس إيجاباً على مساعي التنمية بالقارة.
كما تم تناول عدد من الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فى مقدمتها سبل الارتقاء بدور وفعالية الاتحاد الأفريقي في ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد، حيث أعرب الرئيس الغيني عن دعم بلاده الكامل لمختلف التحركات المصرية في هذا الإطار، في حين أشار الرئيس إلى اعتزام مصر تسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك وتحقيق مردود إيجابي ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الأفريقية، خاصةً من خلال التركيز على عدد من الأولويات الرئيسية التي تنطلق من أجندة عمل الاتحاد الحالية، وعلى رأسها صياغة تصور متكامل لمشروعات الربط والبنية التحتية القارية.
وأضاف راضي أن المباحثات شهدت التوافق حول ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمي للعمل على صون السلم والأمن وتحقيق الاستقرار في القارة الأفريقية، خاصةً في منطقة الساحل، من خلال رؤية جماعية لمواجهة التحديات المتعلقة بانتشار بؤر الأنشطة الإرهابية والجريمة المنظمة.
وقد شهد الرئيسان في ختام المباحثات التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الثقافة، والرياضة، والإعلام، والتجارة.
وقال مدير مركز النيل للدراسات الأفريقية، محمد عز الدين، إن مصر عادة بقوة إلى محيطها الأفريقي، مشيرًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي يحرص على التكامل مع دول القارة، وتحقيق التنمية لشعوبها.
وأضاف لـ”إيلاف” عودة مصر لمحيطها الأفريقي، تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية، وأن يستفيد أبناء الدول الأفريقية بثروات بلدانهم، مشيرًا إلى أن هناك مجالات مهمة تمثل فرصا استثمارية واعدة للسوق المصرية، ومنها القطاع الزراعي، الذي تتمتع مصر فيه بخبرات واسعة، والصناعة وقطاع النقل والمواصلات والسياحة.
ولفت إلى أن مصر متقدمة جدًا في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، ويمكن توظيفها لخدمة الاقتصاد المصري والأفريقي، وتحقيق تنمية للشعوب الأفريقية، المتعطشة للاستثمار في هذا المجال، منوهًا بأن دولة موريشيوس استطاعت تحقيق تنمية اقتصادية بسواعد أبنائها بفضل التقدم التكنولوجي وكذلك دول رواندا التي عانت من الحروب الأهلية وفقدت نحو مليوني شخص فيها، معتبرًا أنها الآن من الدول المتقدمة على مستوى أفريقيا بعد إتباع سياسة صارمة تجاه الفساد والقبلية.
وذكر أن تحقيق التنمية لشعوب أفريقيا يحتاج إلى أن يعمل كل في مكانه، وتضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، موضحًا أن دول أفريقيا تفتد للتنسيق بين هذه الجهات أو الأضلاع الثلاثة في العمل، ويجب أن تعمل مصر على التنسيق بين هذه الجهات، وبينها وبين منظمات المجتمع المدني في دول القارة.
وقال إن هذا التنسيق سوف يحقق مجموعة من الأهداف المهمة، وتتمثل في تحقيق التنمية لشعوب القارة و الاستفادة من مواردها الطبيعية واستغلال للخامات الغنية التي تسعى الدول الكبرى والمنظمات العابرة للقارات إلى نهبها، مشددًا على أهمية أن يكون هناك تنسيق بين دول القارة من أجل توسيع مجال عمل منظمات المجتمع المدني الأفريقية والمصرية على حساب المنظمات الأجنبية التي لا تبغي الخير لشعوب أفريقيا، بل تعمل لحساب أجندات استعمارية خارجية، ليست في صالح دول القارة أبنائها.
واعتبر عز الدين أن منظمات المجتمع المدني الدولية تعتبر شكلا من أشكال الاحتلال أو الاستعمار الحديث، منوهًا بأن هذه المنظمات حلت محل الباحثين الأنثربولوجيين الذين كانوا يساعدون الدول الأجنبية في احتلال دول القارة، معتبرًا أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي تعتبر امتدادا لدورها التاريخي في تحرير دول القارة من الاستعمار الأجنبي، ولكن هذه المرة عبر تحقيق التنمية الاقتصادية والقضاء على التبعية، ومكافحة هيمنة الدول الاستعمارية على موارد واقتصاديات دول القارة.
وحسب الخبير الاقتصادي، على الإدريسى، أن زيارات السيسي المتتالية لدول أفريقيا تهدف إلى استعادة مصر ريادتها ونفوذها الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي في القارة السمراء، بعد توليها رئاسة الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أنها فرصة جيدة أيضًا لمقاومة نفوذ الدول غير الصديقة التي تسعى للإضرار بمصر، ومنها إسرائيل التي تتواجد بقوة في محيط مصر الأفريقي.
وأوضح لـ”إيلاف” أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي تعمل على تعزيز التبادل التجاري، الذي لا يزيد على 4.5 مليارات دولار، حجم التجارة بين مصر ودول الكوميسا حوالي 2 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم خلال المرحلة المقبلة.
وأفاد بأن مصر سوف تنشئ صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا، معتبرًا أنه سوف يحفز الشركات المصرية للعمل والاستثمار في أفريقيا، وبالعكس يحفز عمل الشركات الأفريقية في مصر، بالإضافة إلى تفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية، مما يعمل على زيادة التبادل التجاري بين دول القارة السمراء.
ولفت إلى أن رئاسة مصر للاتحاد سوف تفعل من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين القاهرة مختلف العواصم الأفريقية، وتعظم من استغلال الموارد المتاحة في دول القارة.
وذكر أن هناك فرصا واعدة للاستثمار في أفريقيا، بمجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى ريادة الأعمال، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمرات دول الكومسيا، بالإضافة إلى الاستثمار في تدريب الشباب في مختلف المجالات، فضلًا عن الاستثمارات في البنية التحتية في مختلف دول القارة وتهيئة مناخ الاستثمار في دول القارة.
ولفت إلى أن العمل على التكامل الأفريقي، يحقق التنمية لشعوب القارة، ويعظم استفادتها من مواردها الطبيعية، ويقطع الطريق أمام الدول غير الصديقة مثل إسرائيل الدول الاستعمارية السابقة، التي تسعى للهيمنة على دول القارة، ونهب ثرواتها وتحقيق تنمية اقتصادية علي حساب الشعوب الأفريقية.