صورة قاتمة تخيم على سوق العقار البريطاني وخسارته بمليارات الدولارات
النشرة الدولية –
توقع تقرير آفاق سوق العقارات الشهري الصادر عن المعهد الملكي للمسّاحين القانونيين البريطانيين استمرار إنخفاض أسعار العقارات في عموم بريطانيا خلال الأشهر الستة المقبلة وطيلة عام 2019 وبالتحديد في لندن وجنوب شرق انكلترا عمومًا. كما لفت التقرير إلى صورة قاتمة تخيم على سوق العقار في عموم بريطانيا، متمثلة في ضعف المبيعات واستمرار استفسارات المشترين عن البيوت المتوافرة للبيع في الهبوط للشهر الثامن على التوالي، كما أفادت صحيفة الغارديان.
وأشار التقرير إلى أن متوسط الوقت الذي يستغرقه بيع عقار ظل ثابتًا عند 19 أسبوعًا، وهي أطول فترة منذ بدأ المعهد الملكي للمساحين القانونيين يسجل بيانات في عام 2017. أضاف إن بيع عقار في جنوب شرق انكلترا يستغرق فترة أطول متوسطها 21.5 أسبوع.
وقال المعهد في تقريره إن ركود السوق يثني الباعة المحتملين عن طرح عقاراتهم في السوق، وإن انخفاض عدد العقارات التي تُعرض للبيع تسارع في الآونة الأخيرة.
لا يسجل المعهد أسعار العقارات، لكنه يقدم محصلة تقييمية إيجابية أو سلبية لاتجاهات الأسعار. وقال المعهد إن الموازنة السعرية الصافية ما زالت سلبية، وإن المؤشرات تتجه نحو هبوط معتدل في أسعار العقارات على مستوى البلاد خلال الربعين المقبلين من العام. أضاف إن لندن وجنوب شرق انكلترا هما المنطقتان الوحيدتان اللتان من المتوقع أن تستمر أسعار العقارات في الهبوط فيهما طيلة العام.
الإيجارات تتأثر
وأكد هدد كبير من المساحين البريطانيين الذين شاركوا في استطلاع المعهد من سائر أنحاء بريطانيا أن بريكسيت عامل مهم وراء هبوط الأسعار.
ويبدو أن الإيجارات تسير في اتجاه واحد مع أسعار العقارات نحو الهبوط. وتبيّن الأرقام الرسمية أن متوسط الإيجار الشهري هوط إلى 757 جنيهًا إسترلينيًا من 757 جنيهًا إسترلينيًا قبل عام استمرارًا للاتجاه الذي بدأ بعد الاستفتاء على بريكسيت في عام 2016.
واشارت الإحصائيات الإقتصادية إلى ظهور تواصل إنخفاض تدريحي لأسعار العقارات في بريطانيا خلال الشهور الماضية، وتواصل لأزمة السوق العقاري مع اقتراب استحقاق الخروج من الاتحاد الأوروبي وازدياد المخاوف بشأن الانعكاسات الاقتصادية على الخروج، حيث أظهرت أحدث الأرقام تسجيل مزيد من التراجع في الأسعار خلال العام الحالي.
ويُعتبر السوق العقاري في بريطانيا بالغ الحيوية والأهمية، حيث يستقطب استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات من مختلف أنحاء العالم، بما فيها منطقة الخليج، حيث تُعتبر عقارات بريطانيا وجهة تقليدية مهمة للاستثمارات الخليجية، فيما كان السوق العقاري البريطاني يُحقق طوال السنوات الماضية أرباحاً كبيرة وأفلت من الركود حتى خلال الأزمة الاقتصادية العالمية.
وبحسب البيانات التي نشرها موقع “زوبلا”، وهو أكبر موقع إلكتروني في بريطانيا لتداول العقارات، فإن السوق العقاري البريطاني بالمجمل فقد 26.9 مليار جنيه إسترليني (35.5 مليار دولار أميركي) من قيمته خلال الشهور الستة الأولى من العام الجاري، وذلك على الرغم من التباين في تراجعات الأسعار من منطقة إلى أخرى وبين مدينة ومدينة داخل بريطانيا.
وشرح الموقع في البيانات التي اطلعت عليها “العربية.نت” ونشرت مضمونها العديد من وسائل الإعلام أن كل وحدة عقارية في بريطانيا خسرت ما متوسطه 927 جنيها إسترلينيا (1226 دولارا) من قيمتها السوقية خلال الفترة المشار إليها، أي منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر يونيو الماضي.
وبحسب هذه الأرقام فإن القيمة السوقية الإجمالية لعقارات بريطانيا أصبحت عند 8.2 تريليون جنيه إسترليني (10.8 تريليون دولار أميركي).
وفي تفاصيل الأرقام التي تكشف وضع السوق العقاري في بريطانيا فإن ثمة العديد من المناطق والمدن حافظت على الارتفاع في الأسعار، ومن بينها العاصمة لندن التي تحتضن أغلى العقارات في بريطانيا، والتي سجلت ارتفاعاً خلال الفترة المشار إليها بنسبة 0.75%، لكن أكبر الارتفاعات في الأسعار كانت في شمال شرق إنجلترا التي ارتفعت فيها الأسعار بنسبة 3.31% خلال الفترة ذاتها، تليها مقاطعة “ويلز” التي لا تزال عقاراتها تسجل مكاسب حيث ارتفعت فيها الأسعار خلال الشهور الستة الأولى بنسبة 1.40%.
وبالمجمل فإن المناطق التي سجلت عقاراتها تراجعاً في الأسعار لا تزال أكثر من تلك التي ارتفعت، أما الأسوأ حالاً فهي مناطق جنوب غرب إنجلترا التي هوت أسعار العقارات فيها بنسبة 2.51% خلال ستة شهور فقط.
ولا يزال متوسط سعر المنزل في العاصمة لندن مرتفعاً، حيث بلغ مع بداية شهر يوليو الحالي 665 ألف جنيه إسترليني، وهو أعلى متوسط سعري للعقارات مقارنة بمختلف أنحاء بريطانيا.
وقال المتحدث باسم “زوبلا” لورنس هول: “ليس مفاجئاً أن نرى تراجعاً في أسعار العقارات ببريطانيا منذ بداية العام الحالي وحتى الآن”، مشيراً إلى أن “حالة عدم الوضوح التي تحيط بمسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي تؤثر بشكل كبير على السوق العقاري”.
يشار إلى أن بريطاتيا يتوجب أن تخرج من الاتحاد الأوروبي بشكل كامل ونهائي قبل نهاية شهر مارس من العام القادم، حيث إنها طلبت تفعيل المادة 50 في نفس الشهر من العام 2017، وهو ما يعني أنها يتوجب أن تغادر الاتحاد خلال عامين على الأكثر من تاريخ إيداع طلب الخروج لدى رئاسة الاتحاد الأوروبي.
“الغارديان” ووكلات