الجندي والبشير* صالح الشايجي

النشرة الدولية –

يوم الخميس الفائت توفي الفنان الممثل المصري محمود الجندي، وتم في اليوم نفسه إسقاط الرئيس السوداني عمر البشير والتحفظ عليه نتيجة ثورة شعبية استمرت لعدة أشهر كللها الجيش بالتدخل وإنهاء حكم البشير.

في وفاة الجندي حزن الناس وعبروا عن أحزانهم في فقدهم لفنان محبوب وممثل جيد رسم في ذاكراتهم أدوارا عديدة لشخصيات ترسخت في أذهانهم وأحبوها وأحبوا بالتالي من أداها وأبدع في أدائها.

أما عزل البشير أو إنهاء حكمه الممتد على مدى ثلاثين عاما، فقد أفرح الناس الذين ابتهجوا وتضامنوا مع الشعب السوداني الذي عانى كثيرا من قسوة حكم البشير وفساده وهدر مصالح السودان ونهب ثرواته وحكرها في أيدي قلة فاسدة من المتنفذين الفاسدين وعلى رأسهم البشير نفسه.

إنها مقارنة رسمها القدر لإظهار مكانة الفن وسموه فوق السياسة وسمومها ودهاليزها المظلمة.

إن السياسة وبالذات في عالم العرب وبالأخص في جمهورياتهم الديكتاتورية القمعية، مسرحها الأقبية والدهاليز المظلمة والأزقة المعتمة، وأفرادها والعاملون فيها من قطاع الطرق والمشبوهين وأصحاب التواريخ المخجلة إلا من ندر منهم الذين دخلوا ذلك العالم الأسود بحسن نية جاهلين ما في داخله وبعدما يكتشفون حقيقته الملوثة يحاولون الخروج منه بكراماتهم، فمنهم من ينجح ويخرج سالما ويجنح بعيدا، ومنهم من تقطع عليه الدرب فيزج به في السجن وقتله بعد تلطيخ سمعته وتشويه سيرته وقلب حقيقته الشريفة الكريمة إلى سيرة شوهاء ملطخة.

إن اللصوص والمثلومين في شرفهم والناقصين في آدميتهم، لا يطيقون الشرفاء الناصعين الأسوياء، لذلك يسعون إلى تدميرهم وتشويه سمعتهم من أجل تقريبهم منهم وكي لا يبدوا أمام الناس بقيمة أكبر من قيمة هؤلاء اللصوص والأدنياء.

وهذا هو واقع السياسة في جمهوريات الدم العربية.

هذا ما سار عليه بعض رؤساء جمهوريات الدم العربية الذين ولغت أيديهم بالدماء وما كفوا حتى ثارت عليهم شعوبهم ومزقنهم شر تمزيق واللهم لا شماتة.

بينما الفن ورغم كل ما يحيط بأهله من شائعات وترويج أباطيل ومحاولة تعكير جوه ووصمه بصفات ليست فيه، فهو على الأقل يخرج على الناس بالنور وتحت الشمس، لا متواريا ولا خجلا كما هو حال أهل السياسة الذين جللهم العار حتى بعد موتهم.

الانباء الكويتية

زر الذهاب إلى الأعلى