معرض رماد وطين منحوتات معاصرة بروح فنية بصرية

غزة – فاطمة الزهراء سحويل –

يحترق الفحم ليصبح رمادا بلا فائدة يبقى هامدا بلونه الرمادي الفاقد للمعنى ، الرماد والطين كيف يرتبطان بحياة الانسان واستمراريته، وما الذي يميزه عن غيره ليجذب الفنانة التشكيلية رنا البطراوي التي استمرت في جمعه كمادة لمنحوتاتها المصغرة ولوحاتها عاما كاملا.

جمعت مادة الرماد و بحثت  بعمق عن أصولها، وارتباطها بحياتنا، فماهي خصائصها ومكوناتها، وكيف تبدو في الصور المجهرية ؟

مشروع رماد طين يأتي ثمرة المنحة الانتاجية التي حصلت عليها البطراوي ضمن مشروع روابط معاصرة الذي ينفذه محترف شبابيك للفن المعاصر، الدائرة الفنية للاتحاد العام للمراكز الثقافية في غزة بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان عبر منحة الفنون البصرية نماء واستدامة.

 

 

اعتبرت رنا البطراوي الرماد محطة توقف في حياة الانسان من حين لآخر، ليبني نظاما وقوانين مختلفة عما سبق قائلة: ” بعد تعرضه للأزمات يفقد الكثير من انسانيته وذكرياته فلا تعود حياته كما كانت، يحاول التعايش من جديد وتبدأ دورة الحياة الانسانية مرة أخرى مع شركاء البقاء”.

وقد جسدت الفكرة على هيئة مجسم مكون من الرماد والخشب يأخذ شكل السمكة المقطعة رمزا للانقسامات، وحالة التشظي التي يتنقل فيها الانسان عبر مراحل عمره المتناقضة.

كما استخدمت البطراوي رماد الثمار والأخشاب والأعشاب مع مادة الرماد على هيئة مصغرات لتمنح زائر المعرض ضوءاً على احتراقها، ونموها من جديد، لتبين معايشة الطبيعة والواقع.

 

 

جمعت بين الجمال الفني والفكري صنعت من الرماد حياة معاصرة، وجعلت له ظلا بعد أن كان مادة خام مجردة مهملة ، اعتمدت في عملها على صنع مادة الطين كمنحوتات معاصرة متأثرة بمشاهد الساحل الفلسطيني ووجوه الحياة المتعددة، معتبرة المنطقة نقطة نهاية البداية التي تمثل تحد لاستمرارا الأحلام والأفكار بعد كل رماد.

بالإضافة إلى اظهار الارتباط والتكامل بين دور المرأة والرجل في البقاء، وهو ما ظهر في حالة التشابك بين المواد المستخدمة في تكوين مجسمات تنوعت بين الرماد والطين مع الرمل والفحم.

استوحت من أكاليل الورد فكرة أطواق النجاة التي زينت أحد جدران المعرض لتعبر عن الفرح والحزن معا مستخدمة ألوانا هادئة تتماشي مع اللون الرمادي كاللون الأصفر والبنفسجي والبني لتمتزج في تكوين الحالة النفسية لاستخدام الرماد والرغبة في تغيره، لتمنحه معنى ينثر الأمل.

كما تقول البطراوي:” أن الحالة الفلسطينية مليئة باللون الرمادي كجدار الفصل العنصري الذي يأكل أراضي الضفة المحتلة، ويظهر في حصار قطاع غزة  الذي يجعلنا نعتقد أننا وصلنا للنهاية لكن عندما تنبعث الحياة بروح فنية بصرية يمكننا أن نبدأ من جديد.”

 

 

معرض رماد نثر رسالة في عيون زواره تحمل روحا بصرية مجسدة في لوحات بأسلوب النحت المسطح والمصغر تحكي قصة جانبان متناقضان فكلما اعتقد الزائر أنه وصل للنهاية يمكنه أن يبدأ مرة أخرى، فالوصول إلى حالة النهاية  يصادفه التوقف للتصالح مع ذواتنا المتشظية إلى ذوات وذوات، والعمل على بناء كيانات جديدة تجتمع في درب واحد لنعيش تجربة وعي تجعلنا نشتاق لكل الأشياء الممتعة في الحياة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى