ما زلنا نترقَّب!* إيمان جوهر حيات

النشرة الدولية –

دقيقة واحدة علمتنا الحياة التي هي مصدر خبراتنا، والتي تتشكل منها ثقافتنا، كيف نرى هذه الدنيا التي نعيش بها؟ وكيف نواجه عثراتنا؟ وكيف نستفيد من نهوضنا؟ وبمجرد غض النظر عن الحقيقة التي شكلت منظومة أفكارنا سنسقط في دوامة التاريخ، ولن نكون سوى أمة من الأمم التي تبددت بسبب طغيانها أو جهلها. علينا أن ندرك ان حياتنا في هذا الكون ليست للأبد، ومن واجبنا أن ننظر الى أجيالنا من بعدنا بعين الحب والمسؤولية، وهذا بالطبع يستدعي منا التخلص من ثقافة الاستحواذ الموروثة من الطبيعة القاسية لبيئتنا. وأن ننظر الى الأمور بعين متفحصة وعقل واع لا يستغني عن المنهجية العلمية، التي تعتمد نتائجها على سلسلة من الإجراءات الدقيقة للتوصل الى أفضل النتائج الخاضعة للمراقبة والمتابعة، وتسجيل كل المستجدات التي تمكننا من النظر الى الأمور بطريقة منطقية وعقلانية وحيادية. هذا حقيقة ما نفتقده وللأسف، فما زالت الأعراف والعادات والتقاليد هي المسيطرة في البلد، وما زالت الواسطة والمحسوبية سائدتين، وما زالت نعرة العنصرية والقبيلة والطائفية مستمرة، ونسمعها كل يوم بأقوال وأفعال بعض النواب والمسؤولين والمغردين بلا توقف، فأين الوطن؟ ربما الاحباط هو الشعور المسيطر على كلماتي، ولكن ما زلت متعلقة ببصيص من الأمل أراه في أداء البعض من أبناء وطني، الذين يجتهدون ويبادرون بإنجازات واسهامات ترتئي رفعة وسمو هذا الوطن. استمعت لكلمة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، في ملتقى الكويت للاستثمار 2018، بعنوان «الاستثمار في كويت المستقبل». وما شد انتباهي هو بعد النظر للأمور والرغبة في تقريب المسافات، وان تكون الكويت حلقة وصل لكل من هم حولنا، وتعم الفائدة على الجميع بالتبادلات التجارية، التي تقوي الاقتصاد، والتبادلات الثقافية التي تزيد من وعينا وتقرب المسافات بيننا، ونتمنى أن نشارك جميعا في تحقيق تلك الرؤية وتحويلها الى واقع مدروس يصب في مصلحة المجتمع والوطن، فهل نستطيع أن نحقق هذا الحلم؟ ام سيكون مصيره كمصير كل الخطط السابقة التي باءت بالفشل؟ تلك ليست تساؤلاتي وحدي، بل هي تساؤلات أغلبية ابناء الوطن الذين ضاقوا ذرعا مما يشهدونه من هدر وفساد مستمر. تلك الرؤية تحتاج الى مشرعين لديهم بعد نظر، وتحتاج الى تعديل الكثير من القوانين المقيدة للحريات والمناهضة للمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل دولة الكويت. تلك الرؤية تحتاج الى اجتثاث ثقافة الكراهية والاتكالية وتدشين مناهج تعليمية مطورة تشجع على التفكير والنقد والتساؤل والحوار والإنجاز. تلك الرؤية تحتاج الى تطبيق الديموقراطية بشكلها الصحيح، والتي لا تقوم إلا بوجود أحزاب سياسية لا تقصي حقوق الأقلية. تلك الرؤية تحتاج وعياً أخلاقياً منبعه احترام الحقوق الإنسانية. مازلنا نترقب بكل شغف ان نرى بوادر حقيقية لإحداث تلك النقلة الجوهرية التي هي أساس نهضة وتقدم الأمم.

القبس الكويتية

زر الذهاب إلى الأعلى