هلع في سريلانكا.. والعمليات الارهابية في الفصح الأسوأ منذ نهاية الحرب الأهلية 2009
النشرة الدولية –
“لم أستوعب ما حدث.. كانت حالة من الهلع”، بهذه الكلمات وصف الشاب السريلانكي بهانوكا هريشاندرا (24 عاما) رد فعله بعد واحدة من الهجمات المميتة التي شهدتها بلاده يوم الأحد.
الشاب حكى لوكالة “أسوشييتد برس” عن تلك اللحظات التي تلت هجوما استهدف فندق “شانغري” في العاصمة كولومبو، ضمن سلسلة الهجمات التي شهدتها الجزيرة السياحية الواقعة في جنوب آسيا وخلفت أكثر من 260 قتيل و450 جريحا.
كان هريشاندرا متجها ناحية الفندق لحضور اجتماع هام.
وعندما مرت السيارة، التي كانت تقله من خلف مبنى الفندق، أدرك الشاب، وهو صاحب شركة تسويق، أن شيئا ما قد حدث.
طُلب منه الابتعاد عن المكان لأنه “غير آمن”.
لكن السيارة واصلت السير باتجاه مدخل الفندق الأمامي.
وهناك شاهد الدماء في كل مكان، وسيارات الإسعاف تحمل القتلى والجرحى.
اتجه إلى فندق “سينامون غراند”، في العاصمة أيضا، بحثا عن الأمان.
لكن ما أن وصلت السيارة إلى المكان، وهم هو بدخول الفندق، حتى سمع صوت انفجار.
حضرت طواقم الإسعاف، وأخرجت الشاب من وسط الدخان المتصاعد من المكان.
السيارة التي أقلته إلى الفندق كانت قد غادرت، فاستقل عربة أجرة صغيرة، وذهب لمقابلة أصدقاء في مقهى مجاور.
وهناك، كان أصدقاؤه يتصلون للاطمئنان على سلامة بعضهم البعض.
فاليوم لم يمر بسلام: سلسلة هجمات دامية اعتبرت الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية.
في المساء، جلس مع العائلة لمتابعة حظر التجول. كانت هناك مشاعر قلق، لكن مع توقف الهجمات، هدأت هواجسه.
بالطبع، لا يتذكر الشاب شيئا عن الحرب الأهلية، التي انتهت بينما كان لا يزال مراهقا.
الآن يخشى أبواه أن تؤدي هذه الأحداث إلى موجة من العنف العرقي بعد حرب دامية.
لكن الشاب أثلجت صدره مشاهد تأتيه على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي لطوابير من البشر ينتظرون التبرع بالدم: “طوابير طويلة لا يمكن رؤية نهايتها”.
مواقع استهدفتها التفجيرات
ضريح القديس أنتوني، مدينة كوتشيكادي
كنيسة القديس سيباستيان، مدينة نيجومبو
كنيسة صهيون، مدينة باتيكالو.
فندق “سينامون غراند”، العاصمة كولومبو
فندق “شانغري”، كولومبو
فندق “كينغسبيري”، كولومبو
حديقة حيوان “دهيوالا”، جبل لافينيا
منزل في حدائق ماهاويلا، مدينة ديماتاجودا
سلسلة الهجمات التي وقعت في يوم عيد الفصح تعتبر الأسوأ منذ نهاية الحرب الأهلية السريلانكية في عام 2009، فيما لم يوجه الاتهام رسميا لأي جهة.
ما هي ديمغرافية سريلانكا؟
يعيش في سريلانكا نحو 22 مليون نسمة، 74.9 بالمئة من العرقية السنهالية، و11.2 بالمئة من السريلانكيين التاميل، و9.2 من السريلانكيين المور، 4.2 بالمئة من التاميل الهنود، بالإضافة إلى 0.5 بالمئة من عرقيات مختلفة.
ويتكلم نحو 87 بالمئة من السريلانكيين اللغة السنهالية (اللغة الرسمية للبلاد)، فيما يتكلم 28.2 بالمئة لغة التاميل (لغة رسمية أخرى)، ويستطيع 23.8 بالمئة التحدث باللغة الإنكليزية.
ويعتنق نحو 70.2 بالمئة من الشعب السريلانكي الديانة البوذية، فيما يعتنق الهندوسية نحو 12.6 بالمئة، والإسلام نحو 9.7 بالمئة، والمسيحية الكاثوليكية نحو 6.1 بالمئة.
يعتمد الاقتصاد السريلانكي على السياحة وصناعة المطاط والشاي وجوز الهند والتبغ ومحاصيل زراعية أخرى. ويمثل الهجوم الأخير ضربة قوية لقطاع السياحة الذي تعتمد عليه البلاد.
نمور التاميل
عام 2009 أعلنت الحكومة السريلانكية انتصارها في الحرب الأهلية التي استمرت لـ 26 عاما ابتداء من تموز/يوليو 1983، وكانت بين الحكومة السريلانكية و”نمور التاميل”.
و”نمور التاميل” هي حركة سريلانكية انفصالية تسعى لانفصال إقليم “إيلام التاميلية” المكون من مناطق تقنطها عرقية التاميل شمال وشرق البلاد، وقد صنفت الحركة إرهابية من قبل 32 دولة منها الولايات المتحدة والهند.
وقد أسفر الصراع بين الحكومة السريلناكية ونمور التاميل عن مقتل من 80 إلى 100 ألف مدني وعسكري.
وكانت سريلانكا قد أعلنت حالة الطوارئ في أذار/مارس 2018 بعد أن هاجم متظاهرون بوذيون شركات إسلامية ومنازل وأحد المساجد في مدينة كاندي وسط البلاد.
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية قد ذكرت أنه تم العثور على رجل مسلم ميتا في مبنى محترق فيما يبدو أنه كان ردا على قيام رجال مسلمين بضرب بوذي في وقت سابق.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية، اتهمت جماعات بوذية متشددة مثل بودو بالا سينا (BBS)، والمعروفة باسم القوة البوذية، بإثارة الكراهية الطائفية في سريلانكا.
وتتهم BBS مسلمي سريلانكا بتهديد الهوية البوذية للأمة، وتتمتع بدعم على أعلى المستويات في المؤسسة السياسية، بحسب تقرير لمجلة “تايم”.
جماعة التوحيد
ليس لسريلانكا تاريخ مع الجماعات الدينية المسلحة، لكن في عام 2016 كشفت السلطات أن 32 شخصا من المسلمين غادروا البلاد للانضمام إلى تنظيم داعش.
قادة المجتمع الإسلامي في سريلانكا نفوا الأمر واتهموا الحكومة بتشويه صورة المسلمين في البلاد.
وكان ضابط كبير في شرطة سريلانكا قد حذر 11 نيسان/أبريل من خطر وقوع هجوم إرهابي يستهدف كنائس مهمة في البلاد، فيما حذر مصدر أمني آخر من قيام جماعة “جماعة التوحيد” بهجوم، بحسب ما نلقت وسائل إعلام ووكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت الشرطة السريلانكية قد ضبطت مجموعة من المتفجرات في كانون الثاني/يناير الماضي بعد اعتقال أربعة رجال من مجموعة إسلامية كونت حديثا.
وقد أفادت تقارير صحافية بوجود علاقة بين أعضاء داعش في الهند وبين عناصر إرهابية في سريلانكا، وقد تزايدت المخاوف من ازدياد نشاط العناصر المتطرفة في سريلانكا عقب هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وعودة مقاتلي التنظيم إلى بلادهم الأصلية.