قد تكون الحلول آتية على جناح التوطين* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

تشبّه إحدى الجهات السياسية وضع الدولة اللبنانية برجل مريض مستلقٍ على ظهره ويتغذى عبر المصل، هذا المصل هو الدين الذي تمده الدول الكبرى للبنان كي لا ينهار، لكن للأسف حتى هذا “المصل الدين” الذي يحول دون الموت الرحيم “للمريض الدولة” يوزع على الأقارب اي العائلة والأنسباء والى آخره من المحيطين، وهذا ما يحول دون الشفاء التام.

تضيف: “إن الحلول الجدية لم تطرح بعد، وما يجعل من بعض المسؤولين غير مستعجلين لوضع الحلول على الطاولة، هو، ان هناك من يتكل على الحل الآتي مع التسوية الإقليمية او ما يعرف بصفقة القرن”.

هناك من يتكل على الحل الآتي مع التسوية الإقليمية

ماذا عن صفقة القرن وماذا يدور في أذهان بعض السياسيين؟ وهل فعلاً أن الحلول قد تكون آتية مع هذه الصفقة؟ وهل موعد تحقيقها أصبح وشيكاً؟

يقول بنيامين نتنياهو وبعد انتصاره في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في 9 إبريل/نيسان ان “السعي سيتواصل من أجل تحقيق السلام مع العالم العربي، هذا يحدث فعلاً، حتى وأنا أتحدث إليكم الآن وفي هذه الأثناء، إنه يحصل”. كما انه ومن المتوقع أن تعلن الإدارة الأميركية عن هذه الصفقة بعد شهر رمضان، حيث أعلن جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي وصهره وبعد ساعتين فقط من تكليف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين رسمياً، نتنياهو، تشكيل الحكومة، أمام حشد من السفراء الأجانب، أنّ “صفقة القرن ستعلن بعد انتهاء شهر رمضان، في أوائل يونيو/حزيران المقبل”.

في الشق اللبناني، ماذا دار في الكواليس عن هذه الصفقة؟

توضح الجهة السياسية نفسها “منذ التسعينيات راجت فكرة ان المجتمع الدولي بحاجة لمراضاة لبنان نظرا لموقعه وخصوصيته والدور الذي يلعبه في المنطقة، من هنا فإن لهذا المجتمع مصلحة بعدم افلاس البلد، ولا ان تعود الحروب اليه، ذلك انه سيطلب منه توطين اللاجئين الفلسطينيين الموجودين على أراضيه، مقابل تسديد الديون المتوجبة عليه للمؤسسات الدولية، وهذا ما سوف يشكل تبعات وأزمات سياسية وديموغرافية خطيرة “. “لذا نرى بعض السياسيين غير مستعجلين لإيجاد الحلول الناجعة لاتكالهم ربما على ما هو آتٍ”.

 

المجتمع الدولي بحاجة لمراضاة لبنان نظرا لموقعه وخصوصيته

أما بالنسبة للحديث عن افلاس وشيك، تضيف ان: “البلد مفلس حقيقةً وليس على وشك، لكن اعلان الافلاس هو قرار سياسي دولي بيد القوى الكبرى كالولايات المتحدة التي تحاول شد الخناق على لبنان من خلال العقوبات طمعاً بتنازلات قد يقدمها حزب الله”، “ومن يتحدث عن حلول تأتي من هذه الطبقة السياسية عينها هو واهم، لأن الذهنية الميليشيوية هي التي تسيطر على ارباب الحكم، خرجوا من خطوط التماس  ايام الحرب ليضعوا خطوطا جديدة على طاولة مجلس الوزراء”.

لكن ماذا في جعبة حزب الله من تنازلات إن وجدت؟

توضح الجهة عينها: “ان اقصى ما يستطيع الحزب تقديمه هو تسهيل عمل الحكومة، ومن هنا أقدم نوابه على التصويت لصالح تنظيم قطاع الكهرباء في مجلس النواب، أيضا تأجيل الحديث عن مكافحة الفساد “. “لكن عن الطموحات الأميركية في تسهيل امورها في المنطقة وتطمين إسرائيل بجعل حدودها آمنة، او دخوله بالتسويات الاقليمية لصفقة القرن، فهو ما زال بعيدا جدا عن منطق ومسار الحزب ان لم نقل مستحيلاً”. تختم الجهة السياسية.

على الصعيد العملاني، أين الحكومة اللبنانية واركان الدولة في مواجهة الكارثة القادمة، وما هي التحصينات ان بمواجهة التسويات الاقليمية او لمواجهة افلاس الدولة؟

ما يثير العجب هو اعتراف كل الطبقة السياسية بالأخطاء المتراكمة للدولة وعدم القيام بأية اصلاحات منذ 1992 الى اليوم، ولكن هنا الاعتراف ليس فضيلة، اذ  أنه لا يكفي، خاصة بعد الحديث المتداول من قبل اركان الحكم عن تحميل المسؤولية وإلقائها على المواطن المرهق اصلا من ازمات متراكمة. أضف الى ذلك أن النقاشات السياسية الدائرة في البلد لم ترتقٍ الى مستوى جدية وخطورة الكارثة القادمة، عدا عن تقاذف للتهم واقتراح الحلول غير المجدية فيما بينهم.

“نمرّ اليوم بأزمة في لبنان وتتم معالجتها. ونتأمل أن تنتهي في أسرع وقت ممكن، لأن الوضع لا يسمح بالتمادي بالوقت. ومن ليس لديه الخبرة لإنهائها فليتفضّل إلى بعبدا ونحن نقوم بإنهائها له”. هذا ما صرح به رئيس الجمهورية ميشال عون من بكركي، متوجها الى رئيس الحكومة سعد الحريري.

الحريري الذي حذر أنه “في حال لم نتخذ قرارات تقشفية حقيقية فقد نصل إلى كارثة حقيقية خلال سنة…، وسنصل الى مكان لا تحمد عقباه”. ونسب اليه كلاماً عن تخفيض للرواتب لموظفي القطاع العام المدنيين أو العسكريين، كلام رئيس الحكومة تقاطع مع تصريح وزير الخارجية جبران باسيل، الذي قال فيه “إذا لم نخفض التقديمات للموظفين لن يكون هناك رواتب”، لكن هذا التصريح واجه معارضات شديدة خرجت من عند “عديل” باسيل النائب شامل روكز وزميله في التيار النائب والوزير الياس بو صعب، ومن ثم توالت ردود الافعال المعارضة والرافضة للمساس برواتب الموظفين وتعويضات العسكريين أو بالتدبير رقم 3، وهذا ما انسحب على مواقف حركة أمل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي و حزب الله.

في حال لم نتخذ قرارات تقشفية حقيقية فقد نصل إلى كارثة حقيقية خلال سنة

حزب الله الذي برد همه في ملاحقة الفساد، أو قرر تأجيل البحث عن الفاسدين لظروف سياسية واقليمية ضاغطة عليه الان، وخاصة أن من سوف يطالهم هذا الملف هم الحلفاء قبل الخصوم، وهو بحاجة لكل دعم بعد العقوبات الشديدة التي طالت إيران وطالته، وبما أن الولايات المتحدة الاميركية تلاحقه بالمرصاد، وآخر اسماء ممولة لحزب الله خرجت عبر بيان تلاه منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية، ناثان سايلز: “لحزب الله امتداد عالمي حقيقي. لديه عملاء وممولين، وشركات وهمية، وأصول وممتلكات أخرى، في دول الخليج، وأفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وفي النصف الغربي من الكرة الأرضية. ونعلم أنّ الأجندة الحقيقية لهذه المجموعة هو الإرهاب العالمي”. والاسماء التي ادرجت أدهم حسين طباجة، محمد ابراهيم بزي، علي يوسف شرارة، مموّلون رئيسيون لحزب الله وتمدّه بـ”بملايين الدولارات، حسب البيان.

هذه المجموعة ربما لن تكون الاخيرة بعدما وضعت السياسة الاميركية نصب عينيها محاربة الحزب أينما وجد له امتداداً.

لكن الحزب وجد دعما لدى الرئيس ميشال عون، الذي أعلن من موسكو ان لبنان سوف يكون على رأس “المقاومة الاقتصادية” والمقصود بهذا النوع من المقاومة قد يتضح في الأيام المقبلة.

وخلال خطابه في الاحتفال الذي أقيم بالعيد السنوي لـ”كشافة الامام المهدي”، قال السيد نصرالله “كنا نتمنى لو أن القادة السياسيين يذهبون إلى الحل بمحض إرادتهم، لكن يبدو أننا ذاهبين مجبرين بسبب شروط سيدر والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي”.

“اننا ذاهبين مجبرين” ماذا قصد بها السيد؟

كثر الكلام في الآونة الاخيرة ومع اشتداد الأزمة الإقتصادية، على وجوب ادخال المصارف والبنوك اللبنانية كجزء من الحل، وذلك من خلال فرض ضرائب على المصارف والشركات الكبرى، واعطى نصرالله ملامح واتجاه السياسة التقشفية، ان الحزب “سيتحمل مع القوى السياسية جانباً من المسؤولية في المناقشة والتصويت في مجلس الوزراء، وهو منفتح على كل نقاش، لكن لدينا ثوابتنا القديمة التي لا تدخُل في أي مزايدات، وهي عدم المس بالفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود وعدم فرض أي ضرائب جديدة عليها، وهذا الأمر خط أحمر”.

يتفق الرجلان عون ونصرالله على عدم المس بالرواتب، وتقول بعض الجهات المطلعة ان الرئيس عون ومن خلال اعلانه عن “المقاومة الاقتصادية” يريد بذلك انهاء حقبة سيطرة “الحريرية السياسية” على الاقتصاد اللبناني والتي ادت الى هذه النتيجة. من هنا قد تتضح ملامح حقبة جديدة تعزز دور ومركزية الدولة على القطاعات المصرفية والمالية، فيستطيع حينها حزب الله تجنب ثقل وآثار العقوبات الدولية عليه بعدما تلقى جرعات دعم رئاسية عبر إطلاق لحقبة جديدة من “المقاومة الاقتصادية”، في مواجهة “الحرب الاقتصادية”.

في هذه الاثناء، يدفع المسؤولون بعضهم بعض كي يلقموا السم للمواطن، فهل سيصمد البلد عبر جرعات “المصل”، ام ان التسوية “مؤامرة التوطين” تجري بعيداً عن الاعلام وسوف تتضح ملامحها قريبا.

عن السياسية اللبنانية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button