«التوطين» .. بين عبد الناصر و«أبو إياد»* رجا طلب

النشرة الدولية –

كتبت في هذه الزاوية قبل أسبوع مقالاً بعنوان «الصندوق الأسود» عن «اوري لوبراني» المخطط الاستراتيجي الإسرائيلي الذي نسق احتلال جنوب لبنان وكان أحد المقربين من بن غوريون وخطط لإقامة دولة للفلسطينيين في صحراء سيناء وهذا هو المقال الخامس الذي أكتبه في (الرأي) وخارج الأردن خلال أقل من ثلاثة شهور والتي كرستها كلها لتسليط الضوء على صفقة القرن وجذورها التاريخية.

مشاريع الحلول السياسية للقضية الفلسطينية كثيرة، بدات مع قرار التقسيم الصادر عام 1947 رقم 181، وفي خضم عملية البحث والتمحيص عن جذور «صفقة القرن» وتحديداً مشروع توطين الفلسطينيين في صحراء سيناء عثرت وفي متابعة تاريخية لما جاء في الفيديو الشهير لصلاح خلف «أبو إياد» الذي يشير فيه الى مقاومة الفلسطينيين لهذا المشروع على تفاصيل صادمة تؤكد تورط الرئيس جمال عبد الناصر ونظامه «الثوري والقومي» في هذا المشروع عام 1953، حيث شرح الاديب الفلسطيني معين بسيسو في كتابه «دفاتر فلسطينية» تفاصيل مثيرة عن هذا المشروع الذي تصدى له وقتذاك بشعار «كتبوا مشروع سيناء بالحبر وسنمحوا مشروع سيناء بالدم»، ويعلق الدكتور ابراهيم حمامي رئيس مركز الشؤون الفلسطينية على انتفاضة قطاع غزة عام 1955 والتي أنهت مشروعاً مصرياً أميركياً بمشاركة مندوبين عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، لتوطين اللاجئين في سيناء بالقول (أن مشروع التوطين جاء نتيجة قدر كبير من التفاهم المشترك آنذاك بين حكومة جمال عبد الناصر الثانية التي تشكلت بقرار من الرئيس محمد نجيب من جهة، ووكالة الغوث من جهة أخرى، لتصفية القضية الفلسطينية، وأن الأمر تجاوز مرحلة التفاهم إلى مرحلة الاتفاق الرسمي، وهي المرحلة التي قادها حسن إبراهيم وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، ليوقع في النهاية وزير الخارجية محمد فوزي على الاتفاق، الذي خصص لتنفيذه مبلغ 30 مليون دولار أميركي تنفق لأغراض الإنشاء والاستيطان).

من المهم الإشارة إلى أن عبد الناصر لم يقدم على ذلك المشروع إلا بعد التوافق التام مع سياسة «ايزنهاور» المسماة «سد الفراغ» والتي من أبرز نتائجها أجبار أميركا لكل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على انهاء العدوان الثلاثي على السويس، وموافقة البنك الدولي على منح مصر القرض الخاص ببناء السد العالي والتى بلغت تكلفته مليار دولار في ذلك الوقت، وهو ما يثير ومن جديد تساؤلات جدية حول الانقلاب على الملك فاروق والدور الأميركي فيه وعليه.

هذا هو التاريخ، وعلينا إعادة قراءته وبلا خداع للذات.

الرأي الأردنية

زر الذهاب إلى الأعلى