كيف تربّي طفلك على مبدأ السعادة* لمياء المقدم

النشرة الدولية –

علينا أن نعلّم أطفالنا أن يكونوا متفائلين وإيجابيين تجاه أنفسهم والآخرين

رغم أن السعادة مفهوم واسع، وفي الوقت نفسه نسبي، ويختلف من شخص إلى آخر ومن وضع إلى آخر، إلا أن تربيتنا لأبنائنا على أن يكونوا سعداء أمر ممكن ولا يختلف كثيرا عن تربيتهم على الصدق مثلا أو على احترام الآخرين.

التحلي بالسعادة، والتمسك بها كمبدأ وحق رئيسي في الحياة من المسائل التي يجب أن تُنمّى لدى الأطفال منذ الطفولة وتلقّن لهم من جملة المبادئ التربوية الأخرى كمبدأ التحلي بالفضيلة والتواضع مثلا.بعض خبراء التربية يرون أن السعادة وإن اختلفت وفق تركيبة الشخص واحتياجاته بدرجة أولى، إلا أنه ليس من الصعب وضع أسس عامة لمبدأ السعادة، وفي ما يلي عشر خطوات أساسية في التربية على مبدأ السعادة:

1-  أول درس في السعادة تعلمه لابنك هو أن تحرص بنفسك على أن تكون سعيدا. السعادة معدية كما يقولون. الأطفال الذين يوجدون في محيط وبيئة سعيدة يكبرون على نفس المنهج ويتحلون بنفس الصفات. كما أن البحوث أثبتت أن ردة فعل الدماغ على الضحك المتأتي من آخرين هي نفسها ردة الفعل على الضحك الصادر عن الشخص نفسه، في المقابل أثبتت نفس البحوث أن الأطفال الذين يربّون من قبل أمهات مكتئبات أو محبطات أو مضطهدات يكون أداؤهم في الدراسة أقل بكثير من أقرانهم.

2- تعليم الطفل وتدريبه على مد علاقات مع الآخرين هما مصدران أساسيان للحصول على السعادة. فالقدرة على التواصل مع الآخرين وبناء علاقات معهم ميزة أساسية في تركيبة الشخصية السعيدة. ويتم بناء هذه القدرة لدى الأطفال عن طريق تشجيعهم على مساعدة الآخرين والقيام بمبادرات لطيفة تجاههم، كتقديم هدايا أو مساعدة أحدهم في شيء ما. وقد أثبتت تجربة أجريت على مرضى التصلب المتعدد، أن مساعدة الآخرين، حتى لو اقتصرت على إجراء مكالمة فقط، مصدر كبير للسعادة.

3- كافئ المحاولة ولا تكافئ النتيجة. بمعنى أن تبتهج لمجرد المحاولة التي يقوم بها طفلك في اتجاه ما. إذا أردت أن تحصل على طفل سعيد لا تركّز على النتائج وإنما على المجهود الذي يبذله الطفل لبلوغ نتيجة ما. الأطفال الذين يكافأون على نتائجهم العالية ينتهي بهم الأمر إلى الاكتئاب أو الخوف أو الإدمان أحيانا، ويصبحون مع الوقت مهووسين برأي الآخرين في مستوى ذكائهم. عكس الأطفال الذين يكافأون على جهودهم وعملهم بغض النظر عن النتيجة، فإنهم يبدون استعدادا أكبر لبذل المزيد من الجهد، ويتميزون بالثقة بالنفس.

4- تربية التفاؤل: علينا أن نعلّم أطفالنا أن يكونوا متفائلين وإيجابيين تجاه أنفسهم والآخرين والقضايا التي تتعلق بهم. الأطفال الذين يتميزون بالتفاؤل أكثر قدرة على التأقلم مع المشاكل وحلها والتعاطي مع المتقلبات، كما أن أداءهم في المدرسة وفي الرياضة يكون أفضل من غيرهم. وقد أثبتت دراسة أجريت على مجموعة من المراهقين أن التفاؤل والتعاطي بإيجابية مع الحياة أهم سبب يمنع انتشار الاكتئاب لدى هذه الفئة العمرية الحرجة.

5- إيجاد عادات للسعادة، ويقصد بها تكرار ممارسات بعينها دافعة إلى السعادة. ورغم أن إيجاد عادات بعينها أمر لا يعد سهلا إلا أنه ممكن، ومن بين هذه العادات: تحديد أهداف قريبة وأخرى بعيدة المدى في كل ما يتعلق بالطفل والسعي نحو تحقيقها دون المبالغة في توقع النتائج. فالنتائج في الحقيقة ليست غاية في حد ذاتها بقدر ما هي وسيلة لتعويد الطفل على التطلع والتوجه نحو هدف معين وتنظيم حياته.

6- السلوك الصحي: التحكم في النفس وضبطها أمام المغريات يؤديان إلى السعادة. تجربة بسيطة في صفوف أطفال وضعت أمامهم قطعة حلوى أثبتت أن الذين لم يستجيبوا للإغراء، أبدوا مؤشرا مبكرا على الذكاء والنجاح والتمتع بقدرات اجتماعية عالية.

7- التشجيع على اللعب: يجب أن يمنح الأطفال الوقت والمساحة الكافية للعب مع أقرانهم أو بمفردهم. اللعب وسط مجموعة يكسب الأطفال الكثير من المهارات مثل التواصل، التفاوض، التعاطي مع الخلافات، التعبير عن النفس، تصريف المشاعر وغيرها من الميزات.

8- أقل قدر ممكن من التلفزيون: الإكثار من مشاهدة التلفزيون يعزل الطفل ويحرمه من ممارسة أنشطة أخرى أكثر قدرة على تنمية مشاعره وتحفيز نموه. وقد أثبتت الدراسات وجود علاقة بين الاكتئاب ومشاهدة التلفزيون لدى الكبار أيضا.

9- الذكاء الحسي: تعويد الطفل على تسمية مشاعره والتعرف عليها والتفريق بينها، وبالأخص الحديث عنها. كما أن الإحساس بمشاعر الآخرين مهم جدا، ويمكن تعويد الطفل على ذلك عبر التحول إلى أحاسيسه والتعامل معها بجدية. إذا كان الطفل غاضبا أو حزينا علينا أن ننتقل إلى نفس منطقته الحسية أولا ومن ثم نحاول التواصل معه.

10- الأكل المشترك: الأكل في أوقات محددة ومع جميع أفراد الأسرة أساس مهم للسعادة. الخبراء يقولون إن العادات الأسرية البسيطة مثل الأكل المشترك تجعل الأطفال أكثر ثباتا وتحميهم من الإدمان، ومن بعض المشاكل النفسية المتعلقة بالأكل مثل إدمان الطعام المرضي أو العزوف المرضي عنه (أنوركسيا).

نقلاً عن صحيفة “العرب”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button