دماء رومانسية* صلاح الساير
النشرة الدولية –
بدأ تجييش العقل العربي بعد حرب 1948 وتنامت مشاعر العنف والاحتقان والانتقام، ثم زاد الطين بلة سيطرة الانقلابيين العسكر على القصور الحاكمة وعلى العقول المغلوبة على أمرها بدعوى (الصراع العربي- الإسرائيلي) فعرف الناس العرب (قضية تحرير فلسطين) و(دعم المجهود الحربي) وسادت شعارات العنف وأغنيات الحرب وتمجيد السلاح وأغرم الناس بالعساكر والعمل الفدائي، وعكست ألوان أعلام الدول العربية بيت الشعر المشهور والعنيف
(بيض صنائعنا سود مواقعنا.. خضر مرابعنا حمر مواضينا)
ثم جاء الإسلام السياسي ليرجح كفة العنف بالحديث عن الجهاد واستعادة الأندلس السليب ولم يبق للسلم والمحبة مطرح في هذا العقل الموتور.
نعم عرفنا الحروب وخضنا غمارها قبل حرب عام 1948 وبعدها.
غير انها حروب محدودة تندلع بين طرفين (قبيلتين أو دولتين) وحالما تضع الحرب أوزراها تنتهي آثارها مثلما يحدث ويتكرر لدى الأمم الاخرى.
وكثير من الاحيان يتحول العدو إلى حليف وتعود العلاقات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية الى سابق عهدها، فلا تعشش الكراهية والعداوة في الصدور لسنوات عديدة مثلما حدث لنا مع اسرائيل حيث ينام العرب ويستيقظون على آمال حرب مقبلة لن تجيء ولن تحدث إلا في خيال الواهمين.
مأزق خطير أوقعنا أنفسنا فيه أدى الى تمهيد الأرض للمشاعر السلبية في عقولنا وقلوبنا.
فأصبحنا نستسيغ العنف ونتعامى عن انتشار الكراهية دون بدائل حقيقية.
فالتاريخ الهندي، على سبيل المثال، يعج بالمحاربين الأشاوس، ورغم تلك القسوة فقد اصبح غاندي رمزا وطنيا للهنود وهو المعروف بدعوته إلى المصالحات ونبذ العنف ونشر السلام، اما نحن فلم يزل بطلنا القومي عنترة بن شداد يغازل عبلة بشعر يقطر دما ورومانسية، في آن واحد، وهو يقول:
(ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني.. وبيض الهند تقطر من دمي)
يا ساتر! ليه بس القسوة دية؟!
الانباء الكويتية