الفن والبيئة والإنسان* صلاح الساير
النشرة الدولية –
أرفع في آذان المدن الصماء الصوت.. أصرخ في أسماع العالم.. عبر ضجيج مصانعه، ومزارعه، وشوارعه، ومدارسه، ومعابده، وجوامعه.. أطرق بوابات العالم بيتا بيت.. كي أوقظ كل الملكوت.. كي أخبر إنسان العصر كيف يموت.. كيف يدمر هذا الكائن بالريموت.. كيف تلوث هذا الكوكب بنفايات، وبغازات، ودماء تجري في الطرقات.. وغيوم الدخان الأصفر، وبأنهار زيوت.. اسأل هذا البحر الهادئ كالمبهوت.. أحياة في جوفك أم موت؟ رحم أنت أم تابوت؟ أين صديقي الإنسان، الطفل، الطير، الشجر، الغيم، الماء؟ اسأل كالمبهوت.
ما تقدم كلمات أغنية فيلم «بكاء النوارس» الحائز الجائزة البرونزية في مهرجان القاهرة عام 1996 وكنت قد طلبت من المرحوم الشاعر سليمان الفليح كتابتها. وبعد كتابة هذا النص الشعري (البيئي) بامتياز، طرقت باب الفنان الكبير عبدالكريم عبدالقادر لمعرفتي بسعة إدراكه وقدرته على الفهم السليم لدور الفنان تجاه مجتمعه. فوافق على تسجيل تلك الأغنية البيئية (تطوعا) وإسهاما منه في خدمة الوعي البيئي، ومثله فعل الموسيقار يوسف المهنا الذي قام بتلحينها وتأليف الموسيقى التصويرية للفيلم التلفزيوني (تطوعا) فكان ذلك مثالا على وعي بعض الفنانين ومبادراتهم التطوعية الخيرية.
بعد ذلك بعامين غرقت السودان في فيضانات غزيرة وتعرض الناس هناك للمجاعة فقمت بكتابة كلمات أغنية «يا انسان» ومطلعها (يا إنسان هناك إنسان يعاني الألم والجوع.. والأحزان من الحرمان بعيونه تفيض دموع) وبعد أن تلقفها الفنان أنور عبدالله مرحبا و(متطوعا) بتلحينها مساهمة منه في دعم العمل الخيري، سألني عن المغني؟ فأجبته بلا تردد «عبدالكريم عبدالقادر» ولم افكر بأحد آخر مع احترامي للآخرين. وبالفعل وافق (ابو خالد) ثانية على أداء الأغنية (متطوعا) ومشاركا في ذلك العمل التطوعي الخيري.. ولم تزل هذه الأغنيات تصدح في عالم اليوتيوب لتؤكد حضور الفن العربي في مضامير الخير.