لا كنائس ولا مآذن.. كيف يبدو رمضان في الصين؟* مها الجويني

النشرة الدولية –

لا كنائس ولا مآذن، علم البلاد يرفرف وراية العمال وشعب بثغر باسم يقول لك: نيهاو! إنها الصين، بلد التنين والسور العظيم والقصور الفخمة والبنايات الشاهقة التي تحاول لمس السماء.

هنا، في المركب الجامعي للطلبة الأجانب بجامعة تيانجين للعلوم والتكنولوجيا أقضي أنا الباحثة التونسية في مجال الذكاء الصناعي والفن، أيام  شهر رمضان المعظم لثاني مرة في حياتي وقد غدا للأمر نكهة خاصة، فرغم غياب الفوانيس واحتفالات رمضان وحضن أمي وصوت القرآن في المساجد إلا أنني لا أشعر بالغربة، بل أعتبر أن شوارع الصين مألوفة عندي وكأنها امتداد لتونس.

أنتهي من المحاضرات وأجلس إلى الإنترنت وأتصل بأهلي وأتحدث مع القريب والبعيد وأضحك وأشاهد أولى حلقات المسلسلات وأسأل عن مواعيد البث والإعادة.

شكراً للتكنولوجيا! لقد تلقيت التهاني بالشهر الكريم واتصلت بأهلي والتقيت بعرب من الأردن مقيمين بالصين، شاركتهم الإفطار وغنينا مع بعض «يسعد للأردنية » ودعونا صاحب المحل الصيني لمشاركتنا الطعام والمرح.

فالصين ليست سجناً شيوعياً كما يظنها البعض، بل هي دولة مدنية تحترم حقوق الجميع ولنا هنا مطاعم إسلامية تخصنا نحن المسلمين، وخلال هذه الأيام يتفهم الأساتذة بأننا نصوم وبالتالي هناك أنشطة رياضية قد نغيب عنها، أنا شخصياً توقفت عن الرقص مع جمعية الطلبة الأجانب لأن التدريب في النهار وأنا أحتاج الماء فأحاول أن لا أجهد جسدي كثيراً هذه الأيام.

في أيام رمضان يرهقني أن أحيا بتوقيت تونس وبجغرافيا الصين، أمشي في الأسواق وذهني معلق بأسواق شعبية، أحادث الناس وأنتظر أن يسألني أحد عن رأيي في مسلسلات رمضان، وأنتظر أن يدعوني أحدهم لأشاركه العشاء، أو للعب الشطرنج. إنه رمضان الكريم حيث يتسامح المتخاصمون ويحيا المرء فينا ببركات الرحمن.

ورغم هذا الإرهاق إلا أن إبتسامتي تأبى أن تفارق وجهي، أضحك وأبتسم وأمازح أصدقائي الصينيين، قائلة: رمضان كريم!

 

زر الذهاب إلى الأعلى