عندما يكون الصداع أكثر من مجرد آلام… بعض أنواعه تقتضي اللجوء إلى طلب العناية الطبية

النشرة الدولية –

ربما يكون الصداع العرضي مسبباً للإزعاج، ولكنه ليس بالأمر الذي يستدعي مزيداً من القلق لأجله؛ لكن ماذا لو كان الصداع أكثر تواتراً، وكان الألم أكثر حدة، ويستمر لفترات أطول من المعتاد؟ متى تنبغي عليك زيارة الطبيب؟

تقول الدكتورة إليزابيث لودر، رئيسة شعبة الصداع في قسم الأعصاب بمستشفى «بريغهام» لأمراض النساء، التابعة لجامعة «هارفارد»: «لا تحمل معظم نوبات الصداع العادية إشارات خطرة على صحة الأعصاب، ويمكن علاجها من تلقاء نفسها. ومع ذلك، فإن إدراك المرء لسمات الأنواع المختلفة من الصداع، يمكن أن يساعد على تحديد ما إذا كان الصداع الذي يعاني منه أكثر مدعاة للقلق ويستلزم التدخل الطبي».

– ثلاثة أنواع

هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الصداع: صداع التوتر، والصداع النصفي، والصداع العنقودي.

– صداع التوتر

> صداع التوتر (Tension headache). هو النوع الأكثر شيوعاً من أنواع الصداع. وعلى الرغم من المسمّى، فإن توتر أو إجهاد العضلات ليس من الأسباب الواضحة أو المباشرة لهذا الصداع، الذي يكون في المعتاد خفيف الأثر. ويعاني بعض الناس من صداع التوتر بين الحين والآخر، بينما يعاني البعض الآخر منه بوتيرة أكبر، مثل ثلاث أو أربع مرات كل أسبوع. ويسبب صداع التوتر ألماً مزعجاً وضاغطاً على كلا جانبي الرأس، لذلك تشعر كما لو أن رأسك بين دفتي سندان حديدي. وينتقل الألم إلى منطقة الكتفين والعنق أيضاً. ويمكن للنوبة الواحدة من هذا الصداع الاستمرار لمدة 30 دقيقة، وحتى 7 أيام كاملة.

ورغم أن سبب صداع التوتر غير معروف على وجه الدقة، فإن من محفزاته:

– التوتر والإجهاد.

– قلة النوم.

– الإرهاق.

ويمكن علاج صداع التوتر بتناول مسكنات الألم من دون وصفة طبية، مثل أسيتامينوفين (تايلينول)، أو العقاقير غير الستيرودية المضادة للالتهابات، مثل الأسبرين، أو نابروكسين (آليف)، أو إيبوبروفين (أدفيل، أو موترين). ومن الخطوات المعينة للتغلب على هذا الصداع هناك: الحمام الدافئ، أو الغفوة القصيرة، أو الوجبة الخفيفة.

– الصداع النصفي

> الصداع النصفي (Migraine). هو النوع الأكثر حدة من أنواع الصداع، ويمكن أن يكون مسبباً لمزيد من الإنهاك. وفي الحالات العادية منه، يتركز الألم على أحد جانبي الرأس، ويبدأ غالباً حول العين ومحجر العين، ثم ينتشر إلى مؤخرة الرأس. وتستمر نوبات الصداع النصفي من 4 إلى 72 ساعة.

من أبسط وسائل تذكر سمات الصداع النصفي هي العبارة المختصرة «باوند» (POUND) باللغة الإنجليزية، وتعني: الألم النابض (P: pulsating pain)، ونوبة الألم الشديدة المستمرة غير المعالجة لنحو يوم كامل (O: one – day duration of severe untreated attacks)، والألم الأحادي (U: unilateral «one – sided» pain)، والغثيان والقيء (N: nausea and vomiting)، والشدة المعيقة للحركة (D: disabling intensity).

ورغم أن نوبات الصداع النصفي قد تكون مفاجئة من دون سابق إنذار، فيمكن أن تهاجم أو تشتد سوءاً بسبب محفزات معينة أو عوامل مشددة للنوبة، مثل الضوء الساطع، أو الضوضاء الصاخبة، أو الروائح القوية النفاذة. ويسبق نوبات الصداع النصفي، لدى بعض الناس، عدة ساعات من الإرهاق، والاكتئاب، والتهيج، وانعدام الراحة.هناك نحو 20 في المائة من المصابين بالصداع النصفي يشاهدون في بعض الأحيان «هالة بصرية» تسبق نوبة الصداع، وقد تشمل رؤية بعض المؤثرات البصرية، مثل البريق الخاطف، أو الضوء الساطع، أو الخطوط المتموجة، وربما فقدان الرؤية تماماً لفترة مؤقتة. كما يمكن للهالة البصرية أن تسبب الخدر، أو الوخزات على إحدى جانبي الجسد، ولا سيما في الوجه أو اليد.

إذا أصابك الصداع النصفي في وقت مبكر، فربما تتمكن من السيطرة عليه بتناول مسكنات الألم من دون وصفة طبية. فإن لم يساعدك ذلك، أو إن أصبح الصداع النصفي أكثر تكراراً، فعليك استشارة الطبيب بشأن العقاقير الأقوى أثراً في علاجه.

ويصف كثير من الأطباء عقاقير التريبتان، مثل ريزاتريبتان (ماكسالت)، وسوماتريبتان (إيميتريكس)، وزولمتريبتان (زوميغ). وهي متوافرة في صورة أقراص، أو رذاذ أنفي، أو حقن يمكن للمرضى أن يحقنوها لأنفسهم. وتوفر عقاقير التريبتان في غالب الأحيان التسكين الكامل لآلام الصداع النصفي، في غضون ساعتين من تناول الدواء.

 

– الصداع العنقودي

> الصداع العنقودي (Cluster headache). يصيب الصداع العنقودي الرجال خمس مرات أكثر من النساء. ويسمى بهذا الاسم نظراً لأن نوباته تميل لأن تأتي في مجموعات متعاقبة، من نوبة واحدة إلى 8 نوبات خلال شهر إلى ثلاثة أشهر، كل عام أو عامين.

يصيب هذا الصداع أحد جانبي الرأس، ويتسم بالألم الشديد. وتكون حدقة العين على الجانب المصاب بالألم حمراء ومائية، وقد يتدلى الجفن من شدة الألم، ويصاب الأنف بالاحتقان أو الرشح.

ويبدأ الصداع فجأة ويستمر نحو 30 إلى 60 دقيقة في المتوسط. ويعاني المصابون بالاضطراب والاهتياج طوال مدة النوبة، إضافة إلى الغثيان والحساسية المحتملة للضوء والصوت.

ولا توفر مسكنات الألم من دون وصفة طبية الراحة الكافية من هذا النوع من الصداع. وعند الإمكان، فإن الجرعة المكثفة من الأكسجين قد تكون مفيدة للغاية إن بدأت بعد هجوم الألم بوقت قصير.

ويتاح كثير من العقاقير التي يمكنها المساعدة في منع نوبات الألم الشديدة، وتقلل من فترة الصداع العنقودي.

وعلى سبيل المثال، يمكن لدواء سوماتريبتان أن يوفر الراحة السريعة في كثير من الأحيان، ولا سيما عند تناوله بطريق الحقن، ولكن الرذاذ الأنفي أو الأقراص قد تساعد أيضاً.

 

– مسببات الصداع الأخرى

يمكن حدوث الصداع أيضاً بسبب ظروف أو مواقف أخرى، على سبيل المثال:

– الصداع المرتد «الارتدادي» (Rebound headache) من جرعات الدواء المفرطة: حيث يمكن لكثير من العقاقير المستخدمة في سرعة تسكين آلام الصداع، على سبيل المفارقة، أن تسبب الصداع من طريق آخر إن استخدمت كثيراً.

وإن كنت تستعين بمسكنات الألم (الأدوية من دون وصفات طبية) لأكثر من 10 إلى 15 يوماً في الشهر، فربما تصاب بالصداع الارتدادي. تحدث إلى طبيبك بشأن الإجراءات الأخرى التي يجب اتباعها للتعامل مع الصداع، والمساعدة في تقليل استخدامك للعقاقير المسكنة للآلام.

– صداع الجيوب الأنفية (Sinus headache): يمكن لعدوى الجيوب الأنفية أن تسبب ألماً على الجبين، وحول الأنف والعيون، وعلى الوجنتين، وفي الأسنان العليا.

– تجمد الدماغ (Brain freezes): يصاب بعض الناس بألم الصداع الحاد المفاجئ أثناء تناول الطعام، أو احتساء مشروب بارد. فإن كنت تتضايق من هذه الآلام حاول تناول الطعام ببطء، وليكن طعامك دافئاً قبل تناوله قدر الإمكان.

– صداع التمارين الرياضية (Exercise headache): يمكن للتمارين الشاقة والمفاجئة أن تسبب الصداع.

وكل ما عليك هو جدولة الإحماء الرياضي تدريجياً، أو تناول مسكنات الألم من دون وصفة طبية قبل ممارسة التمارين.

 

– إشارات إنذار لبعض حالات الصداع

> تعد بعض أنواع الصداع كإشارات إنذار لأمر هو أكثر خطورة. وعليك الاستعانة بالرعاية الطبية العاجلة إذا ما واجهت أي حالة مما يلي:

– الصداع الذي يزداد مع السعال ومع الحركة.

– الصداع الذي يزداد سوءاً بمرور الوقت.

– الصداع الذي يهاجمك فجأة، سيما عند الاستيقاظ من النوم.

– الصداع الذي يمنعك من ممارسة الأنشطة اليومية العادية.

– الصداع الذي يرافق الإصابة بالحمى، أو تيبس العنق، أو الارتباك، أو انخفاض مستوى التيقظ، أو الذاكرة، أو الذي يرافق الأعراض العصبية، مثل اضطرابات الإبصار، أو التلعثم في الكلام، أو التعب، أو الخدر، أو النوبات العصبية.

زر الذهاب إلى الأعلى