الإخوان ومتلازمة استوكهولم* صلاح الساير
النشرة الدولية –
حنين «الإسلام السياسي» في بلاد العرب إلى الخلافة العثمانية (الحكم التركي) حنين غريب عجيب.
والأغرب منه التغزل علانية برموز وأصول العثمانيين والسعي الحثيث إلى تجميل تلك الفترة وصرف الأبصار عن حقيقتها.
وكأن المدن العربية التي وقعت تحت الحكم العثماني كانت ترفل بثياب الحضارة والرقي والمدنية، أو أنها كانت تنافس مدن العالم جمالا وتنظيما.
ومثلما يبدو فإنه غزل يعكس اضطرابا نفسيا يذكرنا بـ «متلازمة استوكهولم» التي يعرفها الطب وعلم الجريمة، حيث تعجب الضحية بجلادها فيتكون لدى الرهينة شعور إيجابي تجاه المجرم الخاطف.
بعد استقلال الهند عن بريطانيا سعى الهنود إلى بناء بلادهم وتطوير ذواتهم وامتلاك سبل النجاح والفلاح.
فقطعوا أشواطا لافتة في التنمية والإصلاحات والإنجازات المبهرة دون إضاعة أوقاتهم بالحنين (المريض) إلى فترة الامبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس. ومثلما يعرف الجميع، فإن السينما الهندية (بوليوود) تنتج اليوم أفلاما تعرض للتاريخ الهندي العريق.
كما يحرص الهنود على مشاهدة أعمال درامية تناقش قضاياهم الخاصة ولا أحد يفعل فعلنا حين نتراكض على مسلسلات تركية مترجمة تمجد تاريخ العثمانيين. وأخص المديح الذي لقيه مسلسل «قيامة ارطغرل» على سبيل المثال.
إنها «نوستالجيا» في غير مكانها الطبيعي تكشف عن شوق مريب بلا جذور، وحنين بلا أصل يدفع البعض إلى تمجيد فترة تاريخية لا تخصنا أمجادها ولا علاقة لنا بإنجازاتها ولا تمثل ثقافتنا أو لغتنا.
وكأننا أمة بلا تاريخ ولا أمجاد ولا إنجازات (مع شديد احترامي للشعب التركي) ومثلما يبدو فإن الإسلام السياسي «العربي» الذي سقط سياسيا بعد افتضاح «الربيع العربي»، يسقط سيكولوجيا وحضاريا لعجزه عن الفهم الحقيقي لحضارة العرب ودورهم في المسيرة البشرية.
وكأن القوة الخفية والمحركة لفكرة «الإسلام السياسي» تسعى إلى طرد العرب من جنة الذاكرة من خلال الترويج لبدائل أخرى غير عربية!
الانباء الكويتية