جبران باسيل “يأكل” المشهد حتى في رمضان* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

يخوض وزير الخارجية جبران باسيل معاركه، واحدةً تلو الاخرى، صافعاً الابواب بوجه خصومه كما أعداءه، غير حافل بردات الفعل تجاه مواقفه، مسدداً الخطى الى هدف واضح حتى الآن، بعبدا، ببهرجة ملفتة، يقول المراقب لحركة باسيل انه كان بإستطاعته ان يستعمل وسائلاً أقل لفتاً للأنظار، إلا إذا أراد ان يقول للقاصي والداني أنا “الوالي”.

باسيل الساعي الى التعامل بمبدأ الندّية مع زعماء تقليديين في البلد  كنبيه بري ووليد جنبلاط حجز مقعدا لنفسه عن طريق اختراع المعارك الوهمية تارة والشعبوية اطوارا اخرى. لم يتوانى باسيل على فتح معارك سياسية مع اي فريق في البلد، مع الاشتراكي ومن رشميا نبش القبور ووأد المصالحة، مع المردة، استفز رئيس التيار سليمان فرنجية بمحاولات التهميش بدأً بقانون الانتخاب إلى تشكيل الحكومة، مع القوات، وبعد نتائج الانتخابات النيابية التي اسفرت عن الإنجاز الكبير وكتلة قوامها 15 نائباً، سقطت ورقة التفاهم وبفضله، لانه اراد الاستئثار بالحصة الاكبر في الحكومة، حتى رئيس الحكومة سعد الحريري “حليفه” لم يسلم منه، فبعد ان فتح حزب الله ملف الفساد، أطلقت محطة ال OTV سهامها اللاذعة تجاه الرئيس فؤاد السنيورة مطلقةً عليه تسميات الدفتردار والخازندار وكاخيا القصر ومذكرةً بدور السنيورة خلال حرب تموز وما تلاها من أحداث 7 آيار، ما إستدعى رداً عنيفا من على شاشة المستقبل.

واليوم وللسيطرة على احداث مسلس الموازنة، اخرج غضب المتقاعدين العسكريين امام السراي الحكومي الذين هددوا بإقتحامه، مما لجم رئيس الحكومة وقلص دوره والمفروض ان له دور البطولة.

مع حركة أمل فبعد ان وصف رئيسها نبيه بري بال”البلطجي” ايام الانتخابات لزوم ادوات التصعيد، عاد وتراجع وصوت له لرأسة المجلس النيابي قائلا: “جوهر كل معركتنا الميثاقية هو أن الأقوياء هم من يجب أن يتمثّلوا، وخضنا معركة الرئاسة بعنوان الرئيس القوي لذلك، التسليم بقوة تمثيل الرئيس بري والتصويت له أمر طبيعي وينسجم مع قناعاتنا.”

هذه “القناعات” حمالة الأوجه جديرة بالإعجاب، جبران باسيل يستطيع ان يقول الشيء ويفعل نقيضه، وهذه موهبة، فهو مع محور الممانعة من جهة، وها هو مسؤول المنطقة الخامسة في “حزب الله” يقدم له قذيفة استخدمتها المقاومة، وباسيل يلتقط الصور معها، اي القذيفة، بفرح وزهو، وفي مكان آخر يعتبر ان لا مشكلة ايديولوجية لديه مع إسرائيل.

في العودة الى مسلسل الموازنة، اصر وزير المال /الخارجية جبران باسيل على انه: “بتخلص بس تخلص” مع ان وزير المال علي حسن خليل كرر اكثر من مرة ان الموازنة انتهت بالنسبة له.

الملفت ان مقدمة تلفزيون البرتقالي مساء امس 22/آيار أوضحت: ” أن لكل وزير الحق كاملا في إبداء الرأي والمناقشة، فكيف إذا كان رئيس أكبر تكتل نيابي، وممثلا لمكون لبناني كبير… ولا داعي في هذا المجال، لا للفلسفة ولا للتحريض، إْذ ليس مطلوبا أن يكون هناك خاسر ورابح في النقاش، بل المطلوب أن تتحقق مصلحة لبنان واللبنانيين بلا لف ودوران، على ما قال الوزير جبران باسيل… “بتخلص بس تخلص”. والموعد المقبل الجمعة، وإن لم يكن الجمعة، فالإثنين أو الثلاثاء وربما أكثر، لأن عامل الوقت لن يكون ضاغطا هذه المرة، تماما كأي عامل مفتعل آخر، كالشعبوية والمزايدة أو التلويح بالوقوع في المحظور”.

بما معناه، ان نهار الجمعة المقبل قد لا يكون آخر حلقات هذا المسلسل.

يوضح المراقب، ان التناطح مع الرئيس بري يعود مرة اخرى، فلا زالت هناك مواجهات وتسجيل انتصارات من على طاولة مجلس الوزراء على قاعدة الأمر لي، فالموازنة التي اشبعت بحثا وتمحيصا والتي لن “تشيل الزير من البير”، وكرر الوزير الاصيل حسن خليل اكثر من مرة انه لا مبرر للتأخير والمطلوب اصبح حاضراً، فهل فعلا المطلوب اصبح حاضراً بالنسبة لوزير الخارجية؟

ماذ في جعبة جبران باسيل؟

كان وزراء “التيار الوطني الحر” قد اقدموا على توقيع استقالاتهم المسبقة في حال لم يحققوا الخطة التي قدّمها كلً منهم خلال مائة يوم، وهذه المهلة قد انقضت منذ نيل حكومة “الى العمل” ثقة المجلس النيابي، فهل يقدم باسيل على استخدام هذه الإستقالات، كم روِج في الاعلام الفترة الماضية اذ لم يصل الى تسويات سياسية تدور في رأسه.

ماذا يريد جبران باسيل؟

هناك من يرى التالي: أن نبيه بري الخبير بإخرج الارانب من القبعات، ازعج باسيل بطرح تعديل قانون الانتخاب، وهو ما عده الكثيرون انه مبكر نوعا ما والحكومة مازالت في طور اعداد الموازنة، والكل يعلم كم اتعب القانون الحالي، باسيل، للسير بموجبه.

وهناك من يرى ان جبران باسيل يساوم على استعادة النفوذ في موقع رئاسة الاتحاد العمالي العام وهو ما يجعله يماطل في جلسات الموازنة.

فهل الحل والربط قد يتم بلقاء بينه وبين رأس المجلس نبيه بري يعقد قريبا، فيعود التسليم للأقوياء في مواقعهم؟

قد لا يتدخل حزب الله، وله اسبابه، يقول المراقب أن الحزب عينه ابعد بكثير مما يجري على الساحة اللبنانية، ان الاحداث الحقيقية هي ما سوف يجري بعد انتهاء شهر رمضان والذي أعلن عنه جاريد كوشنير ، وما كان يحكى عنه في السر، اصبح يتداول في العلن عن “صفقة القرن”، يبدأ حينها الفيلم الاسرائيلي الايراني الأميركي الطويل، عنوانه بالمبدأ “التوطين”. لبنان الى الان غارق في “كوما” المسلسلات والموازنة، غير جاهز لأي صفقة، كالعادة “كومبارس” في الأحداث التي تجري على أرضه، لا يسأل عن موقفه أو رأيه، وللكلام تتمة.

بيروت في 23/آيار/2019

زر الذهاب إلى الأعلى