هل تمهد شركات التكنولوجيا الطريق لـ”فقاعة جديدة”؟
النشرة الدولية –
منذ أكثر من خمسة أعوام برز وصف “اليونيكورن” أي أحادي القرن في وادي السيليكون في الولايات المتحدة للإشارة إلى تلك الشركات الناشئة التي تتخطى قيمتها مليار دولار، وحينها كان الوصف للإشارة إلى الضخامة والندرة معًا.
ففي هذا التوقيت لم يكن عدد تلك الشركات يتخطى 39 شركة لذا كان الوصف ملائمًا أما في يومنا هذا فقد تخطى العدد 337 شركة، بل ودخلت تصنيفات جديدة من بينها الحصان ذو القرون في الإشارة إلى الشركات التي تزيد قيمتها على 10 مليارات دولار، أو حتى الحصان المجنح (في إشارة للقدرة والندرة أيضًا) في إِدارة لكل الشركات التي تتجاوز 100 مليار دولار.
والكثير من تلك الشركات هي شركات التكنولوجيا التي تمتلك بطبيعة الحال القدرة على النمو القياسي السريع، بما أثار التخوف من عودة ظاهرة الفقاعة الاقتصادية، ولكن هذه المرة فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا.
والأزمة أن شركات مثل “ليفت” و”سلاك” و”إير بي إن بي” وغيرها إما قامت بطرح أسهمها بالبورصة أو تستعد لذلك، بسبب وصولها إلى مرحلة لم يعد بإمكانها فيها الاعتماد على التمويل الخاص، فضلًا عن تخوفها من انتهاء مرحلة الانتعاش الحالي والدخول في ركود يجعل الطرح خاسرًا.
وبشكل عام هناك نوعان من شركات التكنولوجيا أو تطبيقاتها في الآونة الأخيرة من الناحية الاقتصادية، الأول يشمل التطبيقات التي تعتمد على الإعلانات والمحتوى، مثل “لينكد إن” و”فيسبوك” و”تويتر” و”سناب شات”.
وبلا استثناء تشير كافة الاستطلاعات والدراسات إلى تراجع الاهتمام والإيرادات بهذا النوع من التطبيقات التكنولوجية، بسبب صعوبة الإبقاء على المحتوى متجددًا، حيث يخدم “فيسبوك” على سبيل المثال حاليًا 2.37 مليار مستخدم نشط شهريًا وفقًا لإحصاءات الربع الأول من العام الحالي، وهو نفس الرقم الذي يخدمه الموقع في الربع الأخير من 2018.
بل وتظهر استطلاعات “سناب شات” تدهورًا وليس ثباتًا في عدد المستخدمين بما يعكس أزمة لمثل تلك التطبيقات، لاعتمادها على ما لا تتحكم به كلية وهو المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، لذا فإذا لم يكن متجددًا (كأي منتج تجاري) فإن المستخدمين ينصرفون عنه بعد فترة.
ولعل هذا يبرر ما قاله “مارك زوكربرغ” لدى إطلاقه الشكل الجديدة للفيسبوك عن رغبته في “استعادة الثقة والاهتمام” من جانب شريحة كبيرة من مستخدمي الموقع، بما يعكس قلقًا لدى الشركة من تراجع الاهتمام به.
أما النوع الثاني من التطبيقات فيشمل تلك التي تعتمد على تقديم الخدمات مثل “أوبر” و”ليفت”، وتعتبر “فوربس” أن تعامل الأسواق مع الطرح العام الأولي للجمهور عكس المخاوف من “الفقاعة التكنولوجية حيث فقد سهم “أوبر” حوالي 18% من قيمته خلال يومين فقط من الطرح.
وعلى الرغم من أن أشكالا تكنولوجية حديثة، مثل تكنولوجيا البعد الثلاثي على سبيل المثال، حققت نجاحات استثنائية خلال العام المنصرم، بتحقيق شركاتها نموًا وصل 120% في بعض الحالات إلا أن هذا لم يطمئن الأسواق.
ولعل هذا يبرر ما أصاب الكثير من الشركات التكنولوجية العملاقة، والتي فقدت بعضها 40% من قيمتها خلال الربع الأول من العام الحالي، وذلك على الرغم من إعلان بعضها عن نتائج أعمال “جيدة” وليست سيئة.
فالكثير من الشركات وصلت إلى مرحلة “التشبع” من حيث أهم عاملين في مجال النمو، وهما القدرة على تحقيق الأرباح والقدرة على النمو، بما يجعل بعض شركات التكنولوجيا تدرك ضرورة تغيير مثل هذا الوضع بالاستثمار في مجالات جديدة.
وتضرب “بلومبرغ” مثلًا بـ”أمازون” التي لم تصبح الآن شركة تكنولوجية فحسب، بل أصبحت شركة تجارة تجزئة مباشرة واستثمار في الزراعة والصناعة بل في خدمات الشحن وغيرها، بما يعكس توجهًا للشركة العملاقة لاستثمار الوفورات لتصبح “شركة كل شيء” كما وصفتها “فوربس”، لتتجنب أي تراجع مستقبلي يصيب شركات التكنولوجيا.