الطلاق البريء* صالح الشايجي
النشرة الدولية –
نامت في أذهاننا واستقرت وأكلت وشربت، ومن قبلنا نامت في أذهان من سبقنا من آباء وجدود وجدود الجدود، مقولة إن الطلاق شر وإنه باب يفتح ليخرج منه أولاد المطلقين ويتشردون ويلطمهم الزمان وتتلقفهم الأرصفة ويصيرون عالة على الحياة وعلى الأحياء.
أثبتت الأحداث والقصص الكثيرة لأبناء المطلقين بطلان هذا الادعاء الفج وعدم صحته البتة، بل ربما كان العكس هو الصحيح، بمعنى أن يكون أبناء المطلقين أسعد من أبناء البيوت المتماسكة والتي استمرت فيها الحياة الزوجية ولم تنقطع، وبالطبع هذا ليس كلاما مطلقا ولكنه صادق وواقعي في كثير من جوانبه ومما نرى في حياتنا.
ليس صحيحا أن الطلاق يؤدي إلى ضياع الأولاد وتدمير مستقبلهم، ولكن ما يدمر مستقبل هؤلاء الأولاد هو قصورهم هم عن مواكبة الحياة وعجزهم عن بناء حياة قويمة وناجحة لهم وليس الطلاق هو السبب في ذلك الفشل والضياع، فهؤلاء الفاشلون سيفشلون حتى لو كانوا أبناء بيوت مستقرة.
وقد يكون أبناء بيوت مستقرة ومتماسكة فاشلين وعالة على أهاليهم وعلى مجتمعاتهم.
ليس كل الفاشلين هم من أبناء الأسر المطلقة، وليس كل الضائعين هم من أبناء الأسر المطلقة ولا كل المجرمين ولا كل المنحرفين ولا كل المعقدين.
لا الطلاق يفسد مستقبل الأولاد ولا استمرار الحياة الزوجية ينتج عباقرة وصالحين وبنائين وموهوبين، وليس من علاقة بين استمرار الزوجية ونجاح الأولاد، ولا من علاقة بين الطلاق وفشل الأولاد، فقد يحدث العكس وينجح أبناء الطلاق ويفشل أبناء الحياة الزوجية المستمرة.
الأرجح هو أن نستند في هذا الخصوص على النظرية القائلة إن أبناء الطلاق يتولد لديهم التحدي والرغبة في الاعتماد على النفس من اجل مواجهة مصاعب الحياة وبناء مستقبلهم بشكل سليم وينجحون نتيجة ذلك التحدي ويكون الطلاق محفزا لهم ولا يكون عامل ضعف يفت من عزيمتهم ويضعف إرادتهم، بينما قد يفشل أبناء البيوت المتماسكة بسبب رتابة حياتهم واعتياديتها وخمول عامل التحدي لديهم أو بسبب عدم وجوده على الإطلاق.
هذه أمور غير مسلم بها بشكل كامل، ولكنها ترجيحات واحتمالات تحتملها الحالتان حالة الطلاق وحالة استمرار الزواج مع التنبيه بعدم تحميل الطلاق مسؤولية ضياع الأولاد ونشوء عقد لديهم.
الانباء الكويتية