د. الشعـلان: فـي الشّهـر الفضيل أجدنـي أكثر هدوءاً وسلاماً وتسامحاً
النشرة الدولية –
شهر رمضان الكريم له إيقاعه المختلف عن بقية أشهر السنة، فهو شهر التصالح مع النفس والآخرين، شهر تتجلى فيه الروح بتأملاتها بعظمة الخالق، شهر يأخذنا إلى تنقية الروح وغسل الأرواح من الذنوب ومراجعة الذات، لرمضان عند كافة الناس طقوس خاصة يمارسونها بأشكال مختلفة، وخاصة الكتاب والأدباء لهم طقوس ربما تختلف عن غيرهم في رمضان من حيث قضاء أوقاتهم سواء في الكتابة أو القراءة أو ربما الاستراحة من التحبير في الشهر الكريم والتفرغ إلى العبادة والتواصل مع الآخرين في الأمور الحياتية.
«الدستور» في «شرفة المبدعين» تلتقي كل يوم مع مبدع أردني أو عربي وتسأله عن طقوسه الإبداعية في رمضان، وإيقاع هذا الشهر الفضيل بالنسبة له، والعادات والتقاليد عند المبدعين العرب في بلدانهم، في هذه الشرفة نلتقي القاصة د. سناء الشعلان، فكانت هذه الرؤى والإجابات.
* ماذا عن طقوسك التي تمارسيها كمبدعة خلال شهر رمضان؟
ـ شهر رمضان فيه فسحة نفسيّة وروحيّة ونقاء رؤية وقريحة بما يتيح لي أن أكتب، وأبدع بشكل متدفّق، ولذلك أحرصُ في هذا الشّهر الكريم على أن أخصّص وقتاً يوميّاً دائماً لأجل الكتابة، وفي الغالب يكون وقتي هذا في الجزء اللّيليّ من رمضان بعد صلاة العشاء والتّراويح؛ حيث أنتهي من واجباتي الدّينيّة والأسرية والوظائفيّة، ويخلو لي اللّيل لأجل دفقات الإبداع التي تتّسع نفسي لها.
والإبداع في شهر رمضان لا يمنعني كذلك من أن أُغرق في تفاصيل هذا الشّهر في جوانبها الدّينيّة والاجتماعيّة؛ إذ إنّ هذا الإغراق فيها، والانخراط بها يمتّع روحي، وينشّط حواسي وأحاسيسي وقريحتي، بما يشحنني بالمزيد من العطاء والإبداع، ويتيح لمخيالي أن يحلّق في عوالم تشكيل الفكرة وبناء اللّغة.
* هل الشّهر الفضيل يعتبر فرصة للتأمل والقراءة أم فرصة للكتابة الإبداعيّة؟
ـ لا شكّ أنّ شهر رمضان يقودني إلى التّأمّل في مستويات كثيرة؛ منها الرّوحيّة والفكريّة والإبداعيّة، وتنشّيط التأمّل فيها هو حافز كبير لي للكتابة الإبداعيّة التي لا يمكن أن تنبثق من قلمي وفكري ورؤيتي دون حالة تأمّل عميقة في الذّات والآخر والمجتمع وعوالمه، ولا يمكن أن أتخيّل أنّ هناك كتابة إبداعيّة يمكن أن تتمخّض من مبدع غير منغمس في التأمّل العميق، وهذا التّأمّل له محرّكاته وبواعثه ومحفّزاته الكثيرة والمختلفة عند المبدعين، وشهر رمضان هو محفّزي الأكبر في هذا الشّأن.
* برأيك ما الذي ترينه مميزاً في رمضان عن أشهر باقي السّنة؟
ـ هذا الشّهر الذي يمثّل أيقونة دينيّة ورمزيّة للمسلمين في أصقاع المعمورة يتوافر على معاني ومُثل وبركة وخير جعلته مقطوعة روحيّة خاصّة، وأنا متأثّرة بهذه الأيقونة الخالدة التي اسمها «شهر رمضان»؛ ففيه أجدني أقرب إلى الله وخلقه وإلى نفسي، وفي هذا الشّهر أجدني أكثر هدوءاً وسلاماً وتسامحاً، كما يتّسع قلبي، وتتّسع روحي في هذا الشّهر، ولذلك أغدو قادرة على محبّة النّاس أكثر، وأغدو أكثر قدرة على التّواصل معهم؛ ولذلك أصبح أقرب إلى نفسي، فأكرمهما بصلة الرّحم والإحسان والعبادة، والعمل بإخلاص أكبر، وبذل الجهد في إسعاد من حولي، والانقطاع لله ولخلقه ولنفسي، وأكثر ما أهبه لنفسي من فرح في هذا الشّهر هو أن أخلص لإبداعي وقلمي وثقافتي، بعد أن أقوم بواجباتي الدّينيّة والأسريّة على خير ما أقوم به.
* ما هي رؤيتك للجانب الثقافيّ في رمضان على صعيد الأنشطة؟
ـ الجانب الثّقافيّ على مستوى النّشاطات العامّة يتراجع في شهر رمضان لانغماس الأفراد والجماهير في تفاصيل خصوصيّة هذا الشّهر، ولذلك يغدو من الصّعب على المتابع لها أن يلتزم بحضور الفعاليّات الثّقافيّة في خضم التزامه بنشاطات يوميّة أسريّة ودينيّة، ولذلك لا تحظى النّشاطات بإقبال جماهيريّ معتاد بسبب ذلك، على الرّغم من إصرار كثير من المجتهدين في الشّأن الثّقافيّ على إقامة هذه الفعاليّات مهما كان الإقبال عليها قليلاً أو نادراً.
أعتقد أنّ الحضور للثقافة ينحصر في رمضان في النّشاط الشّخصيّ للقارئ أو المبدع، لاسيما فيما يخصّ شؤون القراءة والكتابة بعيداً عن حضور الفعاليّات أو الانخراط بها.
* هل ثمة حقول معرفيّة تفضّلين القراءة فيها عن غيرها في الشهر الكريم؟
ـ أجد نفسي في رمضان منساقة إلى القراءة في الثقافة الدّينيّة الإسلاميّة وفي الديانات المقارنة والملل والنّحل على أن لا يقطعني ذلك عن القراءة في الأدب ونقده وقضايا الفكر المعاصر، على أنّني أخصّص أكثر من وقت في نهارات رمضان ولياليه لأجل القراءة في القرآن الكريم وبعض التّفاسير التي تطلّ على معاني القرآن من أكثر من زاوية ورؤية.