لست كاتباً حقيقياً!* دانة الراشد
النشرة الدولية –
لست كاتباً حقيقياً إن كانت كتاباتك مجرد أصداء للآراء السائدة في مجتمعك، فما أكثر الأبواق وما أسهل أن تكون أحدها! لست كاتباً حقيقياً إن كانت الكتابة مجرد وسيلة لكسب الشهرة أو الأموال أو أي نوع من الوجاهة، لست كاتباً حقيقياً إن كانت كتاباتك مجرد قوالب جميلة خاوية المعنى، لست كاتباً حقيقياً إن لم تحرك كتاباتك تروس العقول وتتحدى تلك الآراء السائدة ذاتها، فيتوقف القارئ عندها وتجعله يعيد النظر فيما كان يخاله من المسلمات.
لست كاتباً حقيقياً إن لم تكن قارئاً حقيقياً يقرأ صفحات الوجوه قبل صفحات الكتب، لست كاتباً حقيقياً إن لم تشحذ بصيرتك كي تنفذ إلى لب الأمور وغاياتها، لست كاتباً حقيقياً إن لم تعرف قيمة السكون والخلوة في تكوين آرائك الخاصة والتحليق بعيداً عن سرب الجهل والنمطية، لست كاتباً حقيقياً إن لم تختل مع ذاتك كي تعطي الأفكار فرصة لأن تتبلور وتتكون، لست كاتباً حقيقياً إن كنت تطلق أفكارك فوراً دون تمهل كطلقات النار الهوجاء.
لست كاتباً حقيقياً إن لم تقم بالبحث والتمحيص قبل الكتابة عن موضوع ما، لست كاتباً حقيقياً إن كانت كتاباتك مجرد ردات فعل على كل صغيرة وكبيرة، لست كاتباً حقيقياً إن لم تضف كتاباتك بعداً جديداً للأمور.
لست كاتباً حقيقياً إن كنت تتشدق بالكلمات والأسلوب المتعالي كي تثبت أفضليتك، لست كاتباً حقيقياً إن لم تمس كلماتك قلوب العامة فتضيء البريق في أعينهم من جديد، لست كاتباً حقيقياً إن لم تنزع رداء الكبر النخبوي وتنزل من برجك العاجي، لست كاتباً حقيقياً إن لم تتخل عن ذلك الدور الفوقي في “تثقيف” الآخر والذي وكلته لنفسك.
لست كاتباً حقيقياً إن كنت تعتبر نفسك كاتباً حقيقياً! لست كاتباً حقيقياً إن لم تكتب من الصميم، فلتكن كتاباتك نقية وحقيقية، وإلا فليصمت قلمك حتى يجد صوته الأصيل.
* “ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب”.
(جبران خليل جبران)
الجريدة الكويتية