حرب طويلة.. صامتة* صلاح الساير
النشرة الدولية –
كتبت، قبل أيام، عن «السلام الافتراضي» وأشرت الى خطورته، وأكتب اليوم عن «الحرب الافتراضية» أو توهم الحرب، وأقصد الحالة الغريبة العجيبة وربما الشاذة التي نعيشها في المنطقة العربية منذ انطلاق أول رصاصة في حرب 1948 فيما يسمى بالصراع العربي ـ الإسرائيلي. فالعرب ومذاك وهم ينامون ويستيقظون على أساس ان الحرب بينهم وبين إسرائيل ستنشب بعد قليل (!) رغم أن إسرائيل دولة بعيدة عنهم ولا وجود لحدود مشتركة أو موارد طبيعية يمكن الاختلاف عليها ولا أسباب واضحة تستوجب هذا الصراع المجاني والافتراضي.
إنها أطول حرب صامتة عرفتها البشرية، فهي مستمرة منذ ما يقارب القرن، كانت فيها جبهات القتال، ولم تزل، صماء بكماء باستثناء أيام معدودات دارت فيها المعارك في حرب أكتوبر وقبلها حرب 67، والغريب في هذه الحرب الوهمية ان مصر أكبر وأقوى دولة عربية ترتبط مع إسرائيل باتفاقية سلام، ومثلها فعلت المملكة الاردنية الهاشمية وهي الدولة المعنية مباشرة بذلك النزاع الافتراضي الذي تسبب في تراجع التنمية وعدم احترام حقوق الانسان في عدد من الدول العربية التي عرفت مقولة «لا صوت فوق صوت المعركة» ولم يزل البعض يتصايح في هذه الحرب ويخوض غبار الكلام.
عرفت الشعوب وسائر الأمم الحروب والقتال وتعددت فيها الجبهات والميادين. بيد انه لا احد يشبهنا او يفعل فعلنا. ولا احد يخوض حربا كمثل حربنا مع إسرائيل. حرب ضد العدم، بلا بدايات ولا نهايات. حرب خالية من الحرب. وحالة عداء وانقطاع وكراهية وخصومة. حرب تهدر بشعاراتها حناجر ملايين البؤساء دون ان يقدم احد تفسير لهذه الحرب الطويلة المتجمدة التي يخوضها العرب وحدهم بعد ان علقوا في مآزق هذه الحرب الافتراضية وعجزوا عن الخروج منها. حرب طاحنة لا يتجاوز قتلاها ضحايا حوادث السيارات في أي مدينة عربية مكلومة بالتخلف.
الانباء الكويتية