بين كفتيّ السيادة* إيمان جوهر حيات
النشرة الدولية –
هكذا كنا نردد ولا نزال، فالكويت بالنسبة لنا البيت الكبير الذي نشعر تجاهه بالولاء والانتماء. والسؤال هل ما زالت الكويت لنا؟ عندما نشاهد الإخفاقات المتكررة لأداء الحكومة ونرى تدني مستوى البلد في أغلبية المجالات المثبتة بالمؤشرات العالمية المرصودة، ونشهد كمية الاختراقات التي تَحدَّث عنها أغلب أعضاء البرلمان.. وكذلك بعض الأطراف من الحكومة، وتأخر الفصل في قضايا الفساد لسنوات طوال بسبب المعوقات الإدارية المعهودة، ولا يلقى أغلبية المسؤولين أو المتنفذين الفاسدين الجزاء على أعمالهم المشبوهة، بل يفلتون من كل المساءلات وتتبخر الأموال المنهوبة بعد أن يتسنى لهم الهروب من العدالة بطرق غامضة وغير معلومة. كيف لنا أن نثق بأداء تلك الحكومة؟ وكيف تتحقق سيادة القانون، وميزان العدالة لا يرى إلا المستضعفين الذين جار عليهم الزمن؟ إن تعريف القانون يختلف باختلاف المنظومة الثقافية والاجتماعية والسياسية والتاريخية من دولة لأخرى ويختلف باختلاف درجة وعي وثقافة أفراد المجتمع، وعدم تحقيق العدالة التي تنظر لكل أفراد المجتمع على قدر المساواة ولا تميز بينهم، وعدم اتساق القانون مع واقع المجتمع باختلاف أطيافه وتلبيته لحاجات أفراده، يؤديان إلى تحايل وتعدي البعض على القانون، وما يترتب على ذلك من تفش للفساد والمحسوبية والواسطة وكسر لهيبة القانون وسيادته التي لا تتحقق دون توازن كفتي العدالة والأمن، وميلان الميزان لأي كفة دون الأخرى لن يؤدي إلا لتبعثر تلك السيادة وضياع الهيبة. سيادة القانون تستوجب احترام حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأي اختراق لتلك الحقوق لن يقود البلد إلا لمزيد من القلاقل التي نحن جميعا في غنى عنها. أغلبية الحكومات عندما تتعرض لضغوطات أو تهديدات داخلية أو خارجية، تتشبث بترسيخ الأمن على حساب العدالة المتمثلة في الحقوق والحريات العامة لأفراد المجتمع، لغاية الحفاظ على أمن واستقرار البلد.. والسؤال هنا: هل بالفعل تشديد القبضة الأمنية يحقق ذلك الاستقرار والأمن للمجتمع؟ ربما يتحقق ذلك بشكل مؤقت وبوقت محدد مع ضرورة إيضاح الأسباب بشفافية لكل أفراد المجتمع الذين اضطرت من خلالها الحكومة لتقييد بعض حقوقهم وحرياتهم، وألا يكون حجة لفرض السيطرة، حيث إن الاستمرار بتشديد القبضة الأمنية على افراد المجتمع من دون وجود وضع طارئ لذلك يؤدي للشعور بعدم العدالة والحرمان الذي عادة ما يقود للإخلال بهيبة القانون وسيادته. كما أنه لا تنمية تقوم من دون سيادة القانون التي يضمن من خلالها المستثمرون حقوقهم التي تحفظها مجموعة من الأنظمة والقوانين الواضحة والمستقرة والبعيدة عن الممارسات الخاطئة. فسيادة القانون هي امتثال جميع أفراد المجتمع بمن فيهم المسؤولون والقياديون تحت سلطة القانون بلا تمييز. فلا سيادة للقانون من دون وعي أفراد المجتمع وإشراكهم في صنع القرارات، وتوازن كفتي العدالة والأمن، والثقة المتبادلة بين الحكومة وكل المواطنين.
القبس الكويتية