كأس أفريقيا وفرصة أحمد الأخيرة* د. محمد مطاوع

النشرة الدولية –

رغم أن القارة الأفريقية تمتلك نصف الثروة النفطية والمعدنية حسب الأرقام الاقتصادية، ووجود ما يزيد عن ربع سكان العالم في دولها، ورغم عراقة هذه القارة وضربها في جذور التاريخ، إلا أنها أيضا تعتبر من أكثر قارات العالم معاناة من ظاهرة الفساد.

وحسب المصادر الاقتصادية المتعددة، فإن الفساد كلف القارة السمراء في العام الماضي فقط ما يقرب الترليون دولار، وتم تهريب ما قيمته 50 مليار دولار من المال الفاسد، إلى خارج القارة.

ولأن كرة القدم جزء أصيل من مكونات هذه القارة العريقة، فقد أصابها ما أصاب باقي القطاعات من فساد وترهل، بات أكثر وضوحا خلال الأعوام الأخيرة، ومصدر قلق متنام لدى الجميع.

رحل الرئيس السابق عيسى حياتو عن مقعد رئاسة الكاف، بعد 30 عاما قضاها في المنصب القاري ومعه سنوات طويلة في الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي وصل إلى منصب نائبه، وعضو لجنته التنفيذية، وطاله ما طال معظم الزملاء السابقين في الفيفا من تهم الفساد، التي كانت حاضرة في انتخابات رئاسة الاتحاد الأفريقي التي أقيمت العام الماضي، وكانت نتيجتها إخراج حياتو من المشهد، وتصعيد الرئيس الحالي أحمد أحمد من مدغشقر.

رحيل حياتو، كان له الدور الأكبر في سحب تنظيم كأس الأمم الأفريقية من الكاميرون، بعد اكتشاف عدم جاهزية الدولة لاستضافة حدث كبير سيضم 24 فريقا للمرة الأولى، وفتح ملفات الاستضافة في بطولات سابقة، انطلاقا من مبدأ المحسوبية والمجاملة والمصالح، وبشكل جعلنا نتابع مباريات على ملاعب أشبه بحقول الأرز، وهو ما شاهدناه في نسخة 2017 في الجابون، إلى جانب الملف التحكيمي الذي مازال يرهق الأندية والمنتخبات داخل القارة السمراء على حد سواء، وكان سببا لتفجير أزمة نهائي أبطال أفريقيا الأخير بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي المغربي.

رحل حياتو، ولكن ما اتهم به من فساد ما زال شاهدا على عقود ثلاثة، دفعت بالكرة الأفريقية للحضيض، رغم التألق العالمي لنجوم كبار، وظهور مبهر لعدد من منتخبات القارة في نهائيات كأس العالم، إلا أن داخل أفريقيا بقي يشكل عالما مظلما، حيث تلاحق تهم الرشاوى والتلاعب بنتائج المباريات وفساد التحكيم.

الرئيس الحالي وبتعرضه للمساءلة قبل أيام لتهم فساد أطلقها السكرتير السابق للاتحاد، بات في مرمى النيران، وأداءه المسرحي في نهائي الأبطال أكد أنه ليس بالشخص القادر على تحمل مسؤولية اتحاد بهذا الحجم والتحديات والاتهامات، وقد يكون ضحية قادمة لأي أزمة إدارية أو فنية أو تحكيمية خلال البطولة القادمة، والتي ينظر لها العالم أجمع بعين الاهتمام، نظر لاشتمالها على عدد من أهم نجوم الكرة في أوروبا وفي مقدمتهم محمد صلاح ورياض محرز وحكيم زياش وساديو ماني، وغيرهم من النجوم الآخرين.

بطولة أفريقيا التي تنظمها مصر بعد أيام بمشاركة 24 منتخبا، ستنجح بجهود مصر التي تصدت بكل ثقة للتحدي الكبير رغم ضيق الوقت، ولكنها ستكون أيضا اختبارا أخيرا لرئيس الاتحاد الحالي أحمد أحمد، لتنظيف الاتحاد من بقايا حياتو، ومواجهة التحديات التي فرضتها التزاماته السابقة وخاصة فيما يتعلق بالنقل التلفزيوني وعقود الشراكة، التي ما زالت لا ترضي العديد من أعضاء الكاف، وفي نفس الوقت، تطوير ملف التحكيم، والخروج من نطاق اتهامات الفساد الذي يهدد مستقبل الاتحاد الأفريقي بشكل كامل.

عن موقع كوورة

زر الذهاب إلى الأعلى