مضارب بني كولا* صلاح الساير
النشرة الدولية –
الاختلافات بين البشر أوضح من الاختلافات بين سائر الكائنات. فالإنسان ليس كسواه، فهو يفكر ويتحدث ويرتدي الثياب ويزرع وينتج. والاختلاف بالطباع والمزاج والثقافة والرؤى والقدرات والتربية وغير ذلك من تفاصيل تفرض الاختلاف بين الناس.
بيد أن هذا الاختلاف أو التفرد المعهود والملازم للمجتمعات البشرية انطمست ملامحه في المجتمعات العربية الراهنة، حيث الناس يتشابهون بالأزياء والأعمال والسلوكيات والأهداف والأحلام والعقد النفسية.
وأمسوا كمثل أسراب الطيور يحلقون معا ويحطون في الوقت ذاته، وكأنهم كائنات مبرمجة.
أسوق الأمثلة من مجتمعنا المحلي (الكويتي) وقت كان الناس في الماضي يعيشون التفرد والتعددية والاختلاف في الثياب والأفكار والسلوك.
فبعض الرجال يرتدي البشت والبعض يضعه مطويا تحت ابطه، وآخر يعتمر عقالا يختلف عن عقال الشخص الجالس بقربه، وآخر يلف الغترة (جريمبه)، والثاني يضعها على الكتف.
رجل له شوارب غليظة، وآخر حليق الشنب، وثالث لديه شنب (هتلر)، وهذا يرتدي بنطالا وذاك يرتدي دقلة.
وفلان ملحد وابن عمه متدين، وشاعر يمدح الألمان وآخر يمجد الإنجليز، ناهيك عن تنوع الأصول واختلاف الأفكار وتعدد الأعمال.
مع شيوع الرأي الأوحد وانتشار ثقافة امتلاك الحقيقة وكراهية الحياة وهيمنة شهوة الاستهلاك واستسهال التنميط وتأثير «التعليم والإعلام» على الذهنية الجمعية، تقلصت الاختلافات بين الأفراد في المجتمعات العربية، فلا تفرق زيد عن عمرو، حيث تتم قولبة الأفراد في قوالب محددة يكون الاختلاف فيما بينها كالاختلاف بين المشروبات الغازية (حسب علامتها التجارية) فالقوارير (البشرية) الفارغة في المعامل تصطف وراء بعضها على سير الإنتاج الذي يحركها حتى تتم تعبئتها جميعها بمادة الكولا قبل إغلاقها وعرضها في الأسواق. تختلف الملصقات والكولا واحدة.
وصدق الشاعر البنغالي حين قال (نفرات كتير لكن سيم سيم)!