عدم الإنحياز إنتهت .. والعصا لن تُمسك من المنتصف..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
انتهى زمن عدم الإنحياز، وأصبحنا في زمن التكتلات التي ترفض التعاطف مع الآخر، وانتهى زمن إمساك العصا من المنتصف كونها تتعارض مع القوانين الجديدة للعبة العالمية، وأصبح شعار العالم في شتى المجالات ” إن لم تكن معي فأنت ضدي” ، مما يُشير الى قرب نهاية الوسطية، لذا على كل من يحاول الرقص على الحبال ان يتوقف فالرقص أصبح محرما والمطلوب تحديد المواقف وتَحمل نتائج القرار مهما كانت صعبة لانها لن تكون أصعب من الموت وحيداً.
ما يحصل في العالم ليس بالجديد على الفكر الإنساني حيث ذابت الطبقة الوسطى وتضخمت طبقة الفقراء وكذلك الأغنياء، لذا نجد ان من الغباء البحث عن صناعة منطقة وسطى ما بين الجنة والنار، وعلى الجميع إتخاذ أغنية المطرب كاظم الساهر نبراساً حين ” اختاري الحب أو اللاحب فجُبنٌ ان لا تختاري”، هذا هو العالم الجديد ومن يخرج عن النص سيكون عدو جميع الأطراف كون المقربون منه لن يثقون به، والأعداء يريدون هدر دمه، وبالتالي يكون قد خسر نفسه بعد ان خسر الطرفين.
المرحلة الجديدة التي ارتسمت بعد أحداث البرجين في أميركا، ساهمت في تغير خارطة العالم وتكتلاته والاتفاقيات العسكرية والأمنية والسياسية وتلقائياً الإقتصادية، وبالذات بعد تغول البنك الدولي على الدول الفقيرة، فأصبحت هذه الدول تنفذ ما يُطلب منها دون نقاش، ثم تراجع الدور الروسي وأصبح العالم يقاد من قطب واحد غير محايد، وهذا القطب المتمثل في الولايات المتحدة يرفض سماع “لا” و”ربما” ويريد من الجميع ان يقولوا بصوت واحد “نعم” حتى في إستضافة كأس العالم بكرة القدم.
تحديد المواقف أصبح مطلباً بعد ان إستشرى سياسياً، فانتقل للرياضة وأذرعها الصحفية، فحالياً لا يوجد منطقة وسطى الا للحالمين في البقاء بمناصبهم، لكن هذا لن يطول في ظل الرغبة بتحديد المواقف علانية، فاليوم في عصر الأقطاب إما أن تكون قطباً او عضو في قطب، لتحمي نفسك ووطنك من قادم الأيام ولعدم التحول الى عدو لا يملك من أمره شيء، ويصبح الفرد والمجتمع مجرد ريشة في مهب الريح، وشاهدنا في بعض المواقف السياسية والعسكرية كيف تقف دول القطب الواحد سوياً متحدة ضد أي قرار يؤثر على قوة قطبيتها، مما يعني ان على الجميع دول وأفراد البحث عن حماية مبكرة لضمان البقاء والقوة وعدا ذلك فان أصحاب نظرية إمساك العصا من المنتصف سيكونون خارج اللعبة أي كان نوعها وأهدافها.