عواصم كبرى تُحذّر إيران: تراجعوا عن تخصيب اليورانيوم

النشرة الدولية –

أنذرت عدة عواصم كبرى إيران وطالبتها بالتراجع عن رفع مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب، حفاظاً على الاتفاق النووي المهدد بالانهيار، في حين جادلت طهران بأنها لم تخرق المعاهدة، وأكد رئيس البرلمان علي لاريجاني أن بلاده تتوحد عندما تواجه تنمّراً.

غداة أول خطوة كبيرة تتجاوز فيها بنود الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015، حذرت عدة عواصم إيران من زيادة احتياطيات اليورانيوم المنخفض التخصيب، 3.67 في المئة، وطالبتها بالتراجع عن خطوتها التي تأتي في خضم تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمهورية الإسلامية إلى التراجع الفوري عن قرارها تجاوز المستوى المسموح به.

وأفاد بيان أصدرته الرئاسة الفرنسية أن ماكرون “أخذ علماً بقلق” بإعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخطي طهران الحد المسموح به.

وأضاف قصر “الإليزيه” أن ماكرون “طلب من إيران العودة من دون تأخير عن هذا التجاوز، والامتناع عن أي تدبير إضافي من شأنه أن يمس بالتزاماتها النووية”.

وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “ندعو زملاءنا الإيرانيين إلى ضبط النفس، وعدم الانسياق وراء العواطف، واحترام الأحكام الرئيسية من الاتفاق”، رغم الضغوط والعقوبات الأميركية.

وأعربت الصين عن أسفها لقرار إيران، لكنها اعتبرت أن “الضغط الأقصى” الذي مارسته الولايات المتحدة هو “السبب الرئيسي” للتوترات.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ: “ندعو جميع الأطراف لرؤية الأمر من منظور طويل الأمد وشامل، وممارسة ضبط النفس والتمسك بالاتفاق النووي الإيراني معاً، بهدف تجنب المزيد من التصعيد في ظل الوضع المتوتر”.

 

وفي وقت سابق، ذكر المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن رئيسة الوزراء تبحث مع شركائها في الاتفاق النووي، وعلى نحو عاجل، ما يجب أن يتم اتخاذه من خطوات مع إيران، وفقا للمعاهدة.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن لندن ستواصل العمل على حماية الاتفاق النووي مع شركائها.

وأكد المسؤول البريطاني أن بلاده أكدت مرارا أن التزامها بالاتفاق مرتبط بالتزام طهران بتعهداتها، مضيفا: “نطالب إيران بالتراجع عن تخفيض” التزاماتها.

وفي الوقت نفسه، وصف وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، تجاوز إيران بأنه “ابتزاز نووي”، قائلا إن مواصلة الضغوط العالمية قد “تجبر طهران على التراجع”.

وعقب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الخطوة الإيرانية محذراً طهران بأنها “تلعب بالنار”.

وقال ترامب، حينما سئل إن كان لديه أي رسالة لإيران: “لا توجد أي رسالة. إنهم يعرفون ما يفعلون، ويعرفون ما يخاطرون به، وأعتقد أنهم يلعبون بالنار. ليس لدي أي رسالة لإيران”.

وأكد الرئيس الأميركي، في اتصال مع نظيره الفرنسي، ضرورة مواصلة “الضغط الأقصى” على طهران.

وجاء في بيان للمتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض، ستيفاني غريشام، أنه “ليس هناك شك في أن إيران كانت تنتهك بنود الاتفاق حتى قبل وجوده”.

وشدد البيت الأبيض مرة أخرى على أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يسمحوا لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وأن سياسة الضغوط القصوى ستتواصل من أجل وقف ما وصفه بـ “سلوكيات إيران المدمرة”.

وفي وقت سابق، دعت الخارجية الأميركية، في بيان لها، مساء أمس الأول، الجمهورية الإسلامية إلى وقف تخصيب اليورانيوم، معتبرة أن “إيران الرائدة في رعاية الإرهاب تستخدم برنامجها النووي لابتزاز المجتمع الدولي وتهديد الأمن الإقليمي”.

وأشار البيان إلى أنه “يجب ألا يسمح أي اتفاق نووي جديد للنظام الإيراني بتخصيب اليورانيوم على أي مستوى”.

وأوضح أن إدارة الرئيس ترامب تدعو المجتمع الدولي إلى “استعادة معيار حظر الانتشار النووي القديم المتمثل في عدم التخصيب لبرنامج إيران النووي”، لافتاً إلى أن “إيران تمتلك القدرة المطلقة على السعي للحصول على الطاقة النووية السلمية دون تخصيب محلي”.

ويتناقض اتهام “البيت الأبيض” لطهران بانتهاك الاتفاق قبل وبعد التوقيع عليه في 2015، مع ما قالته رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جينا هاسبيل، في شهادتها أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: “إنهم حالياً، وتقنيا ملتزمون بالاتفاق”.

وقال داريل كيمبول، المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة، إن اتهام البيت الأبيض “غير منطقي”.

وأضاف أن انتهاك إيران لا يؤثر في هدف الاتفاق الأساسي، وإنما هو خطوة سياسية تهدف إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي، والصين، وروسيا، لتعويض طهران عن الأضرار الخطيرة التي لحقت باقتصادها بسبب العقوبات الأميركية التي انتهكت الاتفاق النووي.

في المقابل، رفضت إيران اتهام البيت الأبيض بأنها لاتزال تنتهك، منذ فترة، بنود الاتفاق النووي.

وتساءل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، من بيان البيت الأبيض في رسالة عبر “تويتر”: “هل أنتم جادون؟”.

لكن ظريف قال إنه لا انتهاك للاتفاق في الخطوة التي اتخذتها بلاده بزيادة مخزون اليورانيوم المخصّب، وجادل بأن طهران تمارس حقها في الرد على انسحاب الولايات المتحدة وإعادتها فرض عقوبات عليها.

وقال رئيس البرلمان علي لاريجاني، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، في بث مباشر: “على السيد ترامب إدراك أنه عندما يتحدث أحد بلغة تنم عن التنمر ضد أمة متحضرة، فإنها تصبح أكثر تكاتفا”.

إلى ذلك، ذكر المتحدث باسم الهيئة القضائية غلام إسماعيلي، أمس، أن عددا لم يحدده من المشتبه فيهم، العديد منهم يحمل الجنسيتين الإيرانية والأميركية، الذين اعتقلوا قبل أقل من عام يواجهون احتمال صدور أحكام بالإعدام عليهم في محاكمات عسكرية.

 

وأضاف إسماعيلي: “اثنان من المتهمين، وهما ليسا من أفراد الجيش، حكم عليهما بفترات سجن طويلة”.

على صعيد آخر، أصدر المرشد الأعلى علي خامنئي أمراً بتعيين العميد محمد رضا آشتياني في منصب نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، كما أصدر أمراً آخر بتعيين العميد غلام رضا سليماني بمنصب رئيس مؤسسة قوات التعبئة التابعة لـ “الحرس الثوري” المعروفة بـ “الباسيج”.

رغم العقوبات الأميركية الخانقة التي تكبل اقتصاد البلاد، والغموض الذي يلف المستقبل، نتيجة تصاعد التوتر الجيوسياسي في الخليج، تسجل بورصة طهران ازدهارا.

وعرفت البورصة نشاطا محموماً أمس، بعد الذروة المسجلة أخيراً في سوق في ارتفاع متواصل منذ 12 شهرا، وأوضح متعامل في البورصة منذ فترة طويلة أن النشاط نتج بشكل أساسي عن انهيار العملة الإيرانية.

وقال إن “الزيادة في أسهم البورصة ليست ناجمة عن زيادة الربحية، بل عن ارتفاع قيمة أصول الشركات” التي شهدت ارتفاعا حادا بموازاة تدني قيمة الريال. ويحقق المؤشر الرئيسي في البورصة “تيدبيكس” زيادة منتظمة منذ مايو 2018، أي منذ إعلان واشنطن الخروج من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران.

وتسارع ارتفاع السوق في الاشهر الثلاثة الماضية وسجل “تيدبيكس” مستوى قياسيا تاريخيا ببلوغه 248.577 الأسبوع الماضي، متخطيا ضعف مستواه قبل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى