الحقيقة والأحقية* صالح الشايجي
النشرة الدولية –
المتشبثون بالمواقف والآراء التقليدية فيما يخص القضية الفلسطينية والتي تتلخص بضرورة تحرير الأرض من النهر إلى البحر واستعادة الحقوق التاريخية للفلسطينيين في أرضهم وما إلى ذلك من آراء، هم بالتأكيد محقون وآراؤهم جديرة بالاحترام والتقدير ويجب النظر إليها نظرة غير متجنية.
وهم أيضا ينظرون إلى صفقة القرن على أنها تفريط بالحقوق الفلسطينية وإنهاء لها، وما إلى ذلك من مبررات تؤدي إلى اتخاذهم موقفا ضديا مما يسمى بصفقة القرن.
وهم أيضا محقون في ذلك ومنسجمون مع أنفسهم ومع ما يحملون من آراء وأفكار تتوافق وتوجهاتهم، ولا يمكن تخطيئهم أو اتهامهم بالمزايدة.
ولكن هذا لا يعني الانصياع إلى ما يرون والسير وراء تلك الآراء التي ما زالوا يتشبثون بها رغم العديد من الشواهد والحوادث التي أبطلت أحقيتها ونفعها للقضية الفلسطينية.
ليس بالضرورة أن تكون الحقيقة تعني الأحقية، وليس مجديا في كثير من الأحوال الارتهان إلى الحقيقة وانتظار تحقيقها، رغم الشواهد والمعطيات التي تدل على استحالة ولا أقول صعوبة تحقيقها، وهذا ما ينطبق تماما على القضية الفلسطينية التي بات في حكم الأكيد والمؤكد استحالة التشبث بركائزها التقليدية والتي نشأت كردة فعل طبيعية على احتلال بلد وتشتيت شعب.
نحن مثل أولئك المتشبثين بركائز القضية ونؤمن بعدالتها ونؤكد صحة آرائهم ولكننا نختلف مع آرائهم في طرق حل القضية.
إن صفقة القرن تئد القضية الفلسطينية وهذا صحيح جدا ولكنها على الأقل تحقق للفلسطينيين بعض المصالح وتجعلهم يعيشون كسائر الشعوب ولو بحقوق منقوصة، والعقل يقول أن تحصل على حقوقك منقوصة خير من أن تضيع كلها.
ما دام ليس هناك طريق آخر سوى قبول ما يفرضه الواقع السياسي وما تفرضه القوة، فإن رفض السير على هذا الطريق هو تفريط بالمصالح وهو ضرب من الجنون وعناد يؤدي إلى مزيد من الخسائر.
إن جُل المتشبثين بالركائز التقليدية للقضية الفلسطينية، هم مستفيدون من بقائها على هذا الوضع البائس، وآخرون غير معنيين بها أساسا وغير متضررين من بقائها على هذه الحال التي لا تضرهم ولا تؤثر على مصالحهم الحياتية ولا يعانون ما يعانيه الفلسطينيون في الضفة وغزة.
الانباء الكويتية