ترميم اللسان* صلاح الساير
النشرة الدولية –
نقول «إذاعة» ومصدر الكلمة «ذاع» وتعني فشا، وانتشر، وشاع بين الناس. فكل وسيط (ميديا) يسهم بإشاعة الأمر وانتشاره بين العموم ينبغي أن يحمل صفة «إذاعة». ذلك ان إذاعة الشيء تتحقق عبر وسائط مختلفة، وليست قصرا على الصوت. فذيوع الأخبار (انتشارها) وذلك قد يشمل الطباعة والنشر والفيسبوك والملصق الإعلاني. فالتلفزيون «إذاعة» مرئية، والصحيفة «إذاعة» مقروءة. فلماذا نقتصر صفة «إذاعة» على المحطات الصوتية والمسموعة عبر أجهزة الراديو؟ مثل إذاعة الكويت أو إذاعة القاهرة أو نحو ذلك من إذاعات.
نتحدث عن زميلنا صالح الشايجي ونقول انه كان يعمل «مذيعا» في إذاعة الكويت، وذلك خطأ شائع يشمل جميع المذيعين العرب. فالأستاذ الشايجي كان «يقرأ» الأخبار للمستمعين عبر الراديو، وكذلك كان «يقدم» البرامج المختلفة في التلفزيون أو «الإذاعة المرئية». فهو «مقدم برامج» مثلما هو «قارئ أخبار» أما مهنة مذيع فلا وجود لها. لأنها أقرب ما تكون إلى «اسم فاعل» لا اسم مهنة، فكل من يذيع أمرا بين الناس فهو مذيع أو ذائع. فالناشر والمغني والصحفي مذيعون، و«الدلال» في سوق الحراج مذيع، هو الآخر.
الطبيب أو المهندس مهن ملازمة لأصحابها داخل وخارج دائرة العمل بعكس «مذيع الإذاعة» الذي ليس بمقدوره أن يشيع القصص أو يقدم البرامج أو ينشر الأخبار بعيدا عن الميكرفونات والكاميرات وأجهزة البث. ومثلما يبدو فإننا، ومذ عرفنا أجهزة الراديو كنا، ولم نزل، نتكئ على لغة رخوة، ونتحدث بلسان أعوج تنقصه الدقة، فنطلق أسماء خاطئة، ولا أحد يقدم على إصلاح الخطأ الشائع، رغم معرفتنا بأن اللغة وعاء الفكر، وبعضنا يدرك خطورة تصدع الوعاء وضرورة رأب صدع اللغة وأهمية ترميم لسان العرب.
الأنباء الكويتية