تقرير: من الفائز ومن الخاسر حتى الآن بعد مرور عام على إندلاع الحرب التجارية؟
النشرة الدولية –
قبل عام تقريبا، وتحديدًا في السادس من يوليو عام 2018، أشعل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فتيل الحرب التجارية بين بلاده وبين الصين، عندما فرض رسومًا جمركية على سلع مستوردة من بكين قيمتها 34 مليار دولار، بحسب تقرير لـ”ساوث تشاينا مورنينغ بوست”.
قبل أيام من حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب، توصل البلدان إلى اتفاق هدنة على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا خلال يونيو الماضي، وقررا استئناف المحادثات التجارية، ما أشعر الأسواق العالمية بالارتياح.
في حين أن تطور المفاوضات المقبلة سيجذب انتباه المستثمرين، فإن فرصة التصعيد باستخدام الرسوم الجمركية قد خفت حدتها (إلى الآن على الأقل)، ويمكن للأسواق أن تتنفس الصعداء، بيد أن المخاوف تجاه الاقتصاد العالمي لم تتلاش تمامًا بسبب التعريفات التي فرضت بالفعل.
كيف تضرر أكبر اقتصادين في العالم؟
يوضح تحليل أجرته “إيه إكس إيه إنفستمنت مانجرز” أن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة تقلصت بأكثر من 7% خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، بعدما سجلت معدل نمو من رقمين (10% فأكثر) في 2018، وبالنظر إلى السلع المستهدفة بالتعريفات فقد تراجعت بنسبة 30%.
بالنسبة لأمريكا، تركزت الأضرار في جانبين، أولًا، تحملُ المصدرين وطأة الصدمة الناجمة عن فرض رسوم انتقامية، وتظهر البيانات الرسمية أن الصادرات الخاضعة للتعريفات الصينية انخفضت بنسبة 38% بعد ثلاث جوالات من التصعيد.
كان المزارعون الأمريكيون هم الأكثر تضررًا، حيث أفادت تقارير بتوقف صادرات فول الصويا إلى الصين العام الماضي، لكن في إطار تقديم الدعم للدوائر الانتخابية المفضلة له، طالب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بكين بشراء كميات كبيرة من السلع الزراعية كشرط لاستئناف المحادثات.
الضحية الأخرى للحرب التجارية هي المستهلك الأمريكي، ووفقًا لبحث أجراه الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن التعريفات الجمركية التي فرضت العام الماضي، خفضت دخل الأسر الأمريكية بمقدار 1.4 مليار دولار شهريًا.
يتوقع تحليل آخر تسبب جولة رفع التعريفات الجمركية الأخيرة والتي طالت سلعًا صينية بقيمة 200 مليار دولار، في تحمل الأسرة الأمريكية تكاليف إضافية قدرها 831 دولارًا في المتوسط بسبب ارتفاع الأسعار وخسائر الكفاءة الاقتصادية.
الفائز والخاسر
بعيدًا عن الصين والولايات المتحدة، عانت التدفقات التجارية في جميع أنحاء العالم من التعديلات القسرية في سلسلة التوريد العالمية، ووفقًا لتحليل “إيه إكس إيه” الذي ركز على التغيرات في آسيا فإن المكاسب والخسائر المحققة من هذا الصراع كانت غير متوازنة.
كانت فيتنام وتايوان وكوريا الجنوبية واليابان من بين أكبر الرابحين، ونمت صادراتهم المتجهة إلى الولايات المتحدة بوتيرة أسرع من نمو الطلب الأمريكي الطبيعي، لكن على جانب آخر تراجع طلب الصين على مكونات الإنتاج من بقية آسيا مع انخفاض صادراتها إلى أمريكا.
المستفيد الأبرز هو فيتنام، حيث نمت صادراتها إلى كل من الصين والولايات المتحدة إلى ما يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وارتفع فائضها التجاري مع أمريكا بنحو 30% خلال الخمسة أشهر الأولى من العام مقارنة بنفس الفترة من 2018.
في المقابل، كانت بقية الاقتصادات الآسيوية خاسرة (جاءت الهند في منطقة وسط بين الخسارة والمكسب) وعلى سبيل المثال، تراجعت صادرات كوريا الجنوبية وتايوان واليابان إلى الصين كثيرًا خلال العام الماضي، بأكثر مما يممكن لمكاسب التجارة مع أمريكا أن تعوضه.
في حين أن هذه الاقتصادات استفادت من التحولات قصيرة الأجل، فبمجرد إعادة ضبط سلسلة التوريد العالمية بالكامل، قد لا تعود قادرة على المنافسة مع الأسواق الناشئة التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة للغاية.
من الخطأ القول إن لا أحد يكسب من الحرب التجارية، فقد استفاد البعض بالفعل من إعادة التوازن العالمي للتجارة والإنتاج، ومع ذلك، فإن هذا التوزيع غير المتكافئ للمكسب والخسارة يوحي بأن العالم ككل يعاني، وإذا سمح للحمائية بالاستمرار، فقد يتكبد الجميع خسارة دائمة في الإنتاج العالمي.