حماس تعود لغزاً!* رجا طلب

النشرة الدولية –

لا أريد العودة إلى الجذور التاريخية لتأسيس حركة حماس وبروزها المفاجئ على الساحة الفلسطينية “كند” لنضال منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها وذلك في خضم تفجر الانتفاضة الفلسطينية العملاقة عام 1987. ففي صفحات تلك الحقبة التاريخية توجد الكثير من القضايا الملتبسة والمختلف عليها والتي مازالت حتى اللحظة تشكل خليطاً من علامات التعجب والاستفهام وخليطاً آخر من الاتهامات، بالإضافة إلى التساؤلات بشأن هوية الحركة والبوصلة النضالية لها، وطبيعة التحالفات السياسية والعسكرية الخاصة بها والعوائد المالية لتلك التحالفات التي باتت تحير بعض المسؤولين في الحركة الذين فقدوا توازنهم السياسي والفكري نتيجة تناقض التحالفات التي تقيمها الحركة ونوعية الخطاب العلني أو ذلك الذي يقال في الكواليس وهو الخطاب “المتحول والمتغير” حسب نوعية العاصمة والخدمة او الخدمات المطلوبة منها. فالخطاب في القاهرة هو النقيض تماماً للخطاب في أنقرة أو الدوحة، والخطاب في طهران مختلف ومناقض “للجميع”!

 

في الموضوع التاريخي، سوف أتوقف عند نقطتين أساسيتين ألا وهما:

 

  • موضوع الهوية السياسية للحركة … حاولت حماس إخفاء حقيقة أنها جزء لا يتجزا من حركة الإخوان المسلمين “تنظيم الأردن”. حاولت ذلك قدر المستطاع، وهي نقطة كانت ومازالت تشير إلى فقدان الحركة ثقتها بمشروعها السياسي ومشروعية هذا المشروع في أوساط الشعب الفلسطيني، كما تؤكد تلك النقطة على عدم وجود توافق تاريخي بين حركة الإخوان المسلمين ومشروع التحرر الوطني الفلسطيني وتحديداً في بعده العسكري أو المواجهة المباشرة مع الاحتلال، وبالتالي غياب الفكر والنهج والأدوات لمواجهة الاحتلال.

 

  • إخفاء حماس لحقيقة أنها تطمح للسلطة، وكان اخفاء هذه النقطة يضفي على الحركة نوعاً من “الملائكية” أو “الزهد السياسي” في عيون الجماهير الفلسطينية، إلا أن مشاركة حماس المفاجئة في انتخابات المجلس التشريعي في يناير (كانون الثاني) 2006 “فضحت طموحها السلطوي” خاصة أن تلك الانتخابات جرت بموجب اتفاقات أوسلو التي رفضتها الحركة بشدة، وشكل فوزها في تلك الانتخابات منعطفاً استراتيجياً في سلوكها السياسي وبخاصة بعد سيطرتها على قطاع غزة بقوة السلاح وعبر الدم وسعيها الدائم إلى ابقاء سيطرتها الامنية والعسكرية والاقتصادية عليه والذي تحول “دولة” مقابل دولة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حتى إن بعض الصحف الغربية باتت تطلق مصطلح “حماس ستان” أو “دولة غزة” على القطاع في ظل سلطة حماس الأمنية. ووفرت السيطرة على غزة للحركة هامشاً كبيراً للغاية من الحرية والمناورة السياسية جعلتها تصبح “رقماً صعباً” في الحالة الفلسطينية وبقيمة مضافة أكثر من سلطة الرئيس محمود عباس في رام الله.

 

لم تستسلم حماس لنتائج فشل مشروع “أخونة الربيع العربي” ومارست “التقية الشيعية” وحاولت قدر المستطاع ممارسة الانتهازية السياسية تارة والانتهازية الدينية تارة أخرى، ونجحت في إعادة إنتاج نفسها من جديد على غرار بداياتها حركة بلون إسلامي – إخواني، وبهوية ملتبسة فلسطينية- وإقليمية، وبمشروع سلطوي لا يعرفه ولا يطلع عليه إلا “الراسخون في العلم” من قيادات الحركة.

 

لم نعد نعرف هل حركة حماس يحركها يحيي السنوار “رجل القطاع القوي”، ومهندس الاحتكاك الموسمي مع الاحتلال، أم يقودها اسماعيل هنية الذي يضع “قدماً” عند مصر و”قدماً” أخرى عند الدوحة، أم صالح العاروري الذي بات مفتاح بوابة الحركة لدى إيران وبوابتها لدى أنقرة.

 

انا لا أتهم حماس بالانتهازية بقدر ما اتساءل، وتحديداً بعد 32 عاماً على عمر الحركة التي حاولت ربط ولادتها بالانتفاضة المجيدة والعملاقة للشعب الفلسطيني، والتي استمرت، أي الحركة، إلى الآن مناقضة، بل وفي كثير من الأحيان معادية لمشروع التحرر الوطني الفلسطيني.

 

والسؤال المطروح اليوم: حماس إلى أين؟

الإمارات 24

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى