غضب في الأردن بسبب “جابر”.. فيلم يزعم أحقية اليهود بمدينة البتراء

ثار في الأردن غضب وجدل بسبب فيلم سينمائي قيد التصوير يسمى “جابر”، تلاه انسحابات فنانين أردنيين من العمل، وإصدار نقابة الفنانين الأردنيين بيانا يطالب المشاركين بالانسحاب، لحين “وضوح الحكاية” التي أثارت الجدل والشكوك بسبب مغالطات تاريخية زعم فيها النص بأحقية اليهود في جنوب الأردن، وفق ما صرح أول الممثلين المنسحبين الفنان علي عليان بعد قراءة نص الفيلم والنقاش مع المخرج.

علي عليان ينسحب من الفيلم
وأكد عليان أن “الفيلم يحمل مغالطات تاريخية، وإسقاطات جديدة… وفيه تزوير للتاريخ في منطقة بلاد الشام، وتحديدا البتراء وجنوب الأردن”.

وكان الممثل عليان، رئيس فرقة المسرح الحر أعلن انسحابه من طاقم الفيلم ببيان على صفحته في فيسبوك، موردا ما جرى بينه وبين المخرج محي الدين قندور.

فقال “تناقشت مع المخرج بالأفكار المطروحة، وأجابني، إنها حقائق تاريخية وإن الفيلم سينفذ كما هو مكتوب لأنه لن يعرضه في العالم العربي بل في أميركا، وسألني سؤالا صريحا: هل أنت لا تؤمن بالأفكار التي يطرحها الفيلم؟
قلت له: لا، طبعا لا أؤمن.
قال: إذن لن نستكمل العمل معا، قلت: نعم لن أعمل بهذا الفيلم، وانتهى الحوار بانسحابي التام ولست مسؤولا عن تصميم البوستر المسبق” الذي يحمل اسمه وصورته.

النقابة تطالب الفنانين بالانسحاب
وطلبت نقابة الفنانين الأردنيين من منتسبيها المشاركين في الفيلم في بيان وزع على وسائل الإعلام أمس “التحقق ومراجعة النقابة عند اختيارهم للمشاركة في الأعمال الأجنبية”، وطالبتهم بالانسحاب من الفيلم لما يشوب مضمونه من “أحقية اليهود في جنوب الأردن وفلسطين”. كما دعا البيان “الجهات الرسمية لإيجاد صيغة عبر محددات لحماية الوطن والأمة”.

وفي تصريح لنقيب الفنانين حسين الخطيب، دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق لمن يشارك في الفيلم ملوحا بعقوبات قد تصل إلى الفصل من النقابة.

وكان عدد من الممثلين الأردنيين أعلنوا انسحابهم من العمل في الفيلم، وهم علي عليان، عبد الكريم القواسمي، منيب القضاة، محمد سميرات، جمال مرعي، ثامر بشتو، سعد أبو انجيلة، يوسف كيوان، أما الفنان محمد العبادي فبرر اعتذاره عن الدور بأسباب فنية بحتة.

ويشارك أيضا في الفيلم الممثلة البريطانية آلي باستين، وشين كرونين، وسميرة أسر، والروسي ألكسندر ميروكي، والممثل المصري المقيم في أميركا إفرايم حنا، ومولي كرونين، وكاسبيك قندور، والأكاديمي الأردني سليم شريف.

“قصة خيالية” ولم أقدم تاريخا
من جهته، نفى المخرج محي الدين قندور أن يكون الفيلم “يتطرق لحق إسرائيل في البتراء أو الأردن أو فلسطين”، لافتا إلى أن الفيلم مأخوذ عن رواية له بالاسم نفسه وصدرت عن المؤسسة العربية للدارسات والنشر ببيروت وأشهرت قبل فترة في عمان وتحكي “قصة خيالية”، مضيفا أنه لم يقدم تاريخا.

ويشرح المخرج أن فيلم مغامرة “عن طفل يجد صخرة عليها كتابات عبرية، ويبين انتماء الطفل الذي يسلم الحجر لدائرة الآثار ويلقي الضوء على قوة الأمن الأردني وحرصه لمواجهة عصابات الاتجار بالآثار ومواجهة الاستخبارات الإسرائيلية التي تدخل على الخط”.


المخرج محي الدين قندور: هل من المعقول أن أتنكر لتاريخي وتاريخ أبي الذي قاتل في القدس؟ (مواقع التواصل)
المخرج محي الدين قندور: هل من المعقول أن أتنكر لتاريخي وتاريخ أبي الذي قاتل في القدس؟ (مواقع التواصل)

لم يقرؤوا السيناريو
وبين قندور أن كثيرا ممن هاجموا الفيلم لم يقرؤوا السيناريو، مشددا على أن تصريحات أحد المرشحين لأحد الأدوار فيها إساءة، وقال من الممكن أن أرفع دعوى قضائية، لأنه “لامس الخطوط الحمر”، مستدركا “سبق أن كتبت سيناريو فيلم عن خالد مشعل، فهل من المعقول أن أتنكر لتاريخي وتاريخ أبي الذي قاتل في القدس؟”.

وأوضح قندور أن الفنان علي عليان رشح من قبل طاقم الفيلم، ولم يكن يعرفه سابقا، وقابله مرتين، وأسند إليه دور عقيد في المخابرات، حيث قرأ النص، ومنحه الدور “لهيبته التي تتناسب مع الدور”.

ويضيف “تفاجأت بعد ذلك أنه يطلب تغيير في الشخصيات والنص، فقلت له: هل تريد إخراج الفيلم؟!، وأجبته، آسف، ووضع السيناريو وخرج زعلان وبدأ يكتب على فيسبوك”.

وعن رأي الهيئة الملكية للأفلام، قال المخرج قندور “منحوني الإذن بالتصوير في كل الأماكن، وبعد النشر وتداول الموضوع طلبوا مني بيانا عن الفيلم وأرسل إليهم”.

وقال إن ما نشر في وسائل الإعلام عن عرضه في منتصف سبتمبر/أيلول ليس صحيحا، فالتصوير سيبدأ في أول أغسطس/آب، ويمكن أن يعرض في نهاية العام، وهناك أمل أن يرشح للأوسكار.

وبين قندور أن التمويل أردني بالكامل، موضحا “كان هناك ممول روماني، اشترط التصوير في روما ويومين في البتراء فرفضت العرض”.

وقال قندور الذي أخرج فيلم “الشراكسة” ومجموعة من أفلام الأكشن الهوليوودية إن اسم الفيلم “جابر”، لم يعتمد حتى الآن، لأن هناك أسماء مشابهة، ونحن بصدد الاستشارة القانونية باحتمال تغيير الاسم إلى “جابر والصخرة” أو اسم آخر.


الفنان الأردني علي عليان -أول المنسحبين- رشح ليقدم دور عقيد في المخابرات بفيلم "جابر" (مواقع التواصل)
الفنان الأردني علي عليان -أول المنسحبين- رشح ليقدم دور عقيد في المخابرات بفيلم “جابر” (مواقع التواصل)

رواية المؤرخة ليغينز
يذكر أن الفيلم يروي حكاية طفل (يقوم بدوره محمد أديس) يعثر خلال العمل في طريق وادي موسى البتراء على حجر مكتوب عليه باللغة العبرية. والحكاية تعتمد على نظرية للمؤرخة لويز ليغينز التي ترى أن النبي موسى أحضر اليهود من مصر إلى البتراء وليس سيناء، حيث مكثوا أربعين عاما قبل الانتقال إلى فلسطين، ولكن المخرج يقول إن القصة خيالية ولم يأخذ برواية ليغينز كما هي.

يذكر أن الفيلم يأتي في زمن أجواء معقدة تختلط فيها الأوراق ضمن سياقات تحول المواجهة من المعركة العسكرية إلى الحرب المعرفية التي تسعى معها الصهيونية لتغليب روايتها.

وربما لا يبتعد تصريح رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو قبل أيام في تغريدات على حسابه في (تويتر)، يقول فيها إن “أصل الفلسطينيين يعود إلى جنوب أوروبا، في حين أن أصل الفلسطينيين الحاليين يعود إلى شبه الجزيرة العربية”.


محمد رفيع: إسرائيل تسوق البتراء كجزء من أراضي دولة الثكنة العسكرية في فلسطين المحتلة (مواقع التواصل)
محمد رفيع: إسرائيل تسوق البتراء كجزء من أراضي دولة الثكنة العسكرية في فلسطين المحتلة (مواقع التواصل)

تزوير تاريخ المنطقة العربية
وفي تفاعلات القضية في الساحة الثقافية والشعبية، قال رئيس لجنة الحريات في رابطة الكتاب الأردنيين سابقا، الكاتب محمد رفيع إن فيلم “جابر” الذي دار حوله الكثير من اللغط في وسائل الإعلام لا يبتعد عن المسار التزويري لتاريخ المنطقة العربية.

وأضاف أنه في السياق العام يخدم الجهود الإسرائيلية المتواصلة منذ سنوات في تسويق البتراء كجزء من أراضي دولة الثكنة العسكرية في فلسطين المحتلة، وتسوقها سياحيا على هذا الأساس، وهي خطوة متقدمة لتأسيس تبعية البتراء لدولة العدوان.

وكال رفيع النقد لنقابة الفنانين الأردنيين التي نظرت للموضوع من وجهة فردية، وللهيئة الملكية للأفلام كمؤسستين مسؤولتين قانونيا عن إدارة كامل الأعمال الفنية في الأردن، لافتا إلى موقفهما “الهزيل”، وقال “مسألة الفيلم ليست مسألة تطبيع، بل تمثل انتهاكا فاضحا للتاريخ الأردني والعربي وتاريخ الأنباط، مما يستدعي موقفا سياسيا صارخا قبل كل شيء وعلى أعلى المستويات في الدولة”.

هشاشة اللحظة الراهنة
من جهته قال الشاعر الإعلامي غازي الذيبة “أرى أن اللحظة الراهنة مشتملة على خراب كبير على مستوى الوعي الفكري والثقافي العام الذي يجعل جدار صد الهجمات ضعيفا، وهذه المناخات تؤدي لاستسلام العقل الجمعي الذي يشعر بالاستلاب للرواية الإسرائيلية، وهذا ما حدث من الفيلم الذي يمثل اللحظة الهشة التي يشعر معها المثقف أن تاريخ العرب طارئ”.


البتراء واحدة من أهم الأماكن السياحية في العالم أدرجت على لائحة التراث العالمي باليونسكو عام 1985 (مواقع التواصل)
البتراء واحدة من أهم الأماكن السياحية في العالم أدرجت على لائحة التراث العالمي باليونسكو عام 1985 (مواقع التواصل)

البتراء واحدة من عجائب الدنيا السبع
يشار إلى أن البتراء (225 كم جنوب العاصمة عمان) تأسست عام 312 ق.م وتسمى المدينة الوردية وهي محفورة في الصخر، وكانت عاصمة الأنباط العرب وتعاقب عليها عدد من الملوك ممن يحملون اسم الحارث.

والبتراء واحدة من أهم الأماكن السياحية في العالم واختيرت واحدة من عجائب الدنيا السبع، وأدرجت على لائحة التراث العالمي باليونسكو عام 1985.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button