إذا تطلب الأمر أن تكون نرجسياً ومغروراُ فكُن!* سلمى الزيدي

النشرة الدولية –

شدت انتباهي جملة قرأتها في إحدى المجلات «إذا تطلب الأمر أن تكون نرجسياً ومغروراً فكن» ورغم أن هذه الجملة تحمل بين طياتها معاني كثيرة، إلا أنني لم أفهمها وكون لا شيء يحدث من تلقاء نفسه، وأن كل ما نمر به في مشوار الحياة لسبب ما سيمر هو بنا أيضاً لا محالة وضعتني دائرة الحياة أمام هذه الجملة مرة أخرى بعد أن عشتُ تجربة واستطعت أن أقرأها من دون ارتباك.

نحن نعطي ونقدس مفهوم العطاء؛ لأنه صفة من صفات الله، لكن مع مضي الأيام نكتشف أننا أعطينا كل الناس إلا أنفسنا.

بعد تجربة أقل ما يقال عنها متواضعة، يمكنني أن أقول إنه بين التجربة والكلمة مسافة وإنك ستتعلم بمرور الأيام أن لنفسك عليك حقاً لم تعرفه ولم تدافع عنه، رغم دفاعك الشرس عن الذات البشرية ورغم خروجك مع كل مظاهرات للدفاع عن حقوق الإنسان، حتى رغم أنك عضو في جمعيات الرفق بالحيوان، إلا أن الشخص الوحيد الذي أهملته هو أنت.

ستفهم بمرور الوقت أن الجرح العميق الدفين أنت سببه، وأنت الوحيد الذي أحدث كل هذه الفوضى، وأن كل من حولك قدموا أدوارهم في حياتك بإخراجك أنت لهذا الفيلم، فيلم يراه البعض كوميدياً ويراه الآخرون تراجيدياً.

الوقت يمضي واعترافك بأنك المذنب قادر على أن يصلح كل شيء، وأن يغلق الجرح ويقلب الصفحة.

ستتعلم كل يوم الوقت المناسب للوقوف، وأن تركض، وحتى أن تطير، ستعرف جيداً ما ينبغي أن تعرفه وما لا يجب أن تعرفه، ستشرق الشمس رغم إحكامك غلق نوافذ الغرفة وتصبح أقوى لدرجة أنك ستخاف في بعض الأحيان من تعاملك مع هذا الوحش الذي أيقضه صوت صراخك المتعالي في الداخل.

أنا لا أرمي الورود ولكني أرمي المعاني والكلمات، ولا أحاول أن أرفع من معنويات أحد، أنا فقط أحاول اختزال رحلة الحياة القاسية والممتعة بين طيات الكلمات، وأريد أن أذكركم بالحقيقة التي لا أدعي احتكاري لها.

لا أدعي المعرفة بل أنا أيضاً أكتب من أجل التجارب التي عشتها وأضع حزام الأمان لأخرى سأعيشها.

ربما حان الوقت لكي نعلن أن كل لحظة نقر فيها بذنبنا، نحن نكبر ونتعلم السباحة في أعماق محيطات الذات، وأننا نحن من نتعلم ونحن من نقف بقوة، وما بين هذه المفارقة العجيبة تكمن الحياة التي سوف يصفها بعضكم بـ «اللعينة»، وبعضكم «جديرة بالعيش».

في كل مرة يخيل لك أن الباب قد أغلق تأكد أنه لحظة مسح دموعك سيتضح أن هنالك ألف باب آخر مفتوح أمامك فقط ادفع..

ما قلته كله مجرد كلمات ولا مجال لتصديقه إلا عندما نعيش تجارب في الحياة، لكن يجب أن نتحلى بالروح الرياضة إذا فشلنا.

أظن أن الرهان الأكبر في العالم هو الصبر ومجاراة الوقت، يعني عندما نجرح وحده الوقت من يمكنه علاجنا، ولا يمكن أن نكبر إلا بمرور الوقت أيضاً.

الحياة في كل الأحوال تمضي، ولا تفهم لغة المشاعر، نحن من نستطيع خلق فاصل، في كل مرة تضع الأقدار لنا نقطة، ونحن من يجب أن نحب أنفسنا أولاً، وأن نتقبل التقلبات والمفارقات، والأهم من كل هذا «إذا تطلب الأمر أن تكون نرجسياً ومغروراُ فكُن».

عربي بوست

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى