إسرائيل في مأمن* رجا طلب

النشرة الدولية –

أظهر استطلاعان للرأي في إسرائيل، أحدهما كان يوم الجمعة الموافق في التاسع من أغسطس (آب) والآخر قبله بأيام، أن الجمهور الإسرائيلي لم يعد يخشى ما كان يسمى سابقاً “الخطر الخارجي” أو خطر الإرهاب.

الاستطلاع الأول أجراه موقع “والا” الإلكتروني حول ضرورة وجود حكومة وحدة وطنية من عدمه. والمفاجأة كانت أن أكثر من 60% من الذين استطلعت آراؤهم لا يرون أن هناك حاجة ماسة لمثل هذه الحكومة، وهي نتيجة شكلت صدمة بصورة خاصة لدى المتنافسين الأساسيين في الانتخابات القادمة في سبتمبر (أيلول) المقبل، وأقصد هنا نتانياهو وغانتس وليبرمان وإيهود باراك.

أما الاستطلاع الآخر فقد أجراه معهد “غيئوكارتوغرافيا” لمنظمة “غيشر”، ونشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت الجمعة، وأفاد أن 55% من المستطلعين يخشون الحرب الأهلية، مقارنة بـ 42% يخشون الحرب مع إيران.

والسؤال هنا ما هو الاستنتاج الاستراتيجي الذي يمكن استخلاصه في حال كان هذان الاستطلاعان دقيقين؟

الجواب أن الكيان الإسرائيلي يدخل ولأول مرة منذ قيامه على أرض فلسطين مرحلة الشعور شبه الكامل بالأمان من الأخطار الخارجية، فبعد تأسيسه كان النظام العربي الرسمي وجيوشه هم “الخطر المفترض” الذي يهدد هذا الكيان واستمر هذا الوضع حتى انطلاق العمل العسكري الفلسطيني وتحديداً بعد انطلاق حركة فتح عام 1965 واستمر “الخطر الفلسطيني” حتى دخل الخطر الإيراني على الخارطة الأمنية الإسرائيلية في منتصف التسعينيات عبر وكيله حزب الله ووصلت إلى ذروته في حرب يوليو (تموز) 2006، إضافة إلى دخول حماس الى تلك الخارطة بعد سيطرتها على قطاع غزة، بالتزامن مع انطلاق الإرهاب “الإسلاموي”. وأقصد تنظيم القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقاوي بعد إطاحة نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003، وهو الإرهاب الذي تمدد و”تغول في العراق” بدعم إيراني غير مباشر واستمر حتى مطلع 2007.

ومع بداية 2010 دخل تنظيم داعش إلى بلاد الرافدين بقيادة أبو بكر البغدادي كحالة إرهابية أرعبت المنطقة والعالم بعدما نفذ أعماله الإرهابية في مدن عدة حول العالم أو بشكل أكثر دقة “نفذت” باسمه والذي لا يزال موجوداً حتى اللحظة على الخارطة في سوريا على أقل تقدير.

وعلى رغم أن إسرائيل على الدوام كانت تصنف كلاً من القاعدة وبعده داعش بدرجة عالية من الخطورة على ما يسمى الأمن القومي الإسرائيلي، إلا أنه لم يسجّل للتنظيمين قيامهما بأي أعمال داخل إسرائيل أو ضد المصالح الإسرائيلية في الخارج، وهو أمر كان ولايزال يلفت الانتباه ويؤشر ويرسم علامات استفهام كبرى على نشأة هذين التنظيمين ومدى ارتباطهم السري بأجهزة الأمن الاسرائيلية، والتوظيف السياسي والإعلامي الذي قامت به هذه الأجهزة لهذين التنظيمين لجلب الدعم والتعاطف مع الدولة العبرية.

في الواقع، فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعيش أفضل فتراتها الزمنية استقراراً وأمناً، فإيران ومعها توابعها من حزب الله إلى حماس ليست في وارد خوض مواجهة عسكرية مع إسرائيل، فيما تنظيمات الإرهاب المتسترة بالإسلام مثل القاعدة وداعش وغيرهما “انتهت” أدوارها المرسومة لها، وتحديداً بالبعد الخاص ببث الفوضى وتفكيك الدولة العراقية والسورية وتشويه صورة الإسلام في العالم.

في انتخابات الكنيست في سبتمبر (أيلول) القادم، سيكون موضوع الخطر الخارجي قد تراجع درجات كبيرة وسيحل بدلاً منه حرب الأعراق والتعصب الديني ومدى خطورته على الاستقرار الداخلي في “دولة الاحتلال”، وهي نتيجة لم نساهم نحن “المتفرجون العرب” بشيء في تغذيتها أو تعزيزها.

الرأي الأردنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى