الخرطوم : محمد طاهر زين
وقع المجلس العسكري الانتقالي وقوى اعلان الحرية والتغيير بالعاصمة السودانية الخرطوم، مساء “السبت” على وثيقة الاتفاق النهائي لتقاسم السلطة، الذي ينص على تكوين مجلس حاكم انتقالي من المدنيين والعسكريين، ويمهد الطريق نحو انتخاب حكومة مدنية.
ويبدأ السودان بذلك مرحلة انتقالية جديدة، بعد أشهر من الاحتجاجات ومواجهات دامية بين متظاهرين وقوات الأمن.
مثل المجلس العسكري في التوقيع نائب الرئيس محمد حمدان دقلو ( حميدتي)، وقد اتفق الطرفان على جدول زمني لمرحلة انتقالية تستغرق 39 شهرا يتقاسمان خلالها السلطة وتنتهي بانتخابات حرة بحسب ما جاء في وثيقة الاتفاق.
حضور دولي وإقليمي
وقد حضر مراسم التوقيع رئيسا وزراء إثيوبيا آبي أحمد، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، ورؤساء جمهوريات كل من جنوب السودان سيلفاكير، وتشاد إدريس ديبي، وأفريقيا الوسطى فوستن أرشانج تواديرا، إلى جانب رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الذي بدورة عبر عن دعم بلاده للاتفاق واختيارات الشعب السوداني، مؤكدا على أن الفترة القادمة ستشهد “تحولا غير مسبوقا” في العلاقات الثنائية بين البلدين.
كما شارك أيضا وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية سلطان بن سعد المريخي، ووزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.
فرح السودان
على إثر هذه التطورات الإيجابية، خرجت مواكب شعبية حاشدة صباح اليوم السبت من مختلف أحياء العاصمة الخرطوم والأقاليم، قبيل وبعد مراسم توقيع الإتفاق، للتعبير عن فرحتهم به، الذي من المتوقع أن يكون بداية عهد جديد في تاريخ السودان بعد سقوط الرئيس السابق البشير .
وفي مشهد لافت، وصل قطار عطبرة إلى الخرطوم مرة أخرى بعد زياته الاخيرة قبل فض إعتصام القيادة العامة في مايو الماضي، قادما من مدينة الحديد والنار عطبرة، التي انطلقت من رحمها الثورة السلمية في أيامها الأولى.
بعد استقبال القطار اتجهت المواكب نحو ساحة الحرية ( الخضراء سابقا) عمت الأفراح والاحتفالات شوارع العاصمة وأطلقوا شعارات وهتافات تعبيرا للانتصار ونجاح ثورتهم للانتقال السلمي.
أغلبية مدنية
في 17 يوليو/تموز الماضي، وقع المجلس العسكري بالاحرف الأولى على وثيقة” الاعلان السياسي ” مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وأقر فيه هياكل السلطة الانتقالية “المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي”.
ونص الاتفاق على أن يتكون مجلس السيادة من 11 عضوا، خمسة مدنيين ترشحهم قوى الحرية التغيير، وخمسة من العسكريين، في حين تختار قوى “الحرية والتغيير” رئيس مجلس الوزراء. وينص الاتفاق على أن يعين العسكر وزيري الداخلية والدفاع.
وفي 4 أغسطس/آب الجاري، وقع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بالأحرف الأولى، وثيقة “الإعلان الدستوري”، بوساطة من الاتحاد الأفريقي.
تهنئة مستحقة
وسيط الاتحاد الإفريقي محمد الحسن لبات لدى مخاطبته حفل التوقيع النهائي هنأ الشعب السوداني وقال ” إن إفريقيا قادرة اليوم بقوة وعزم على تخطي مشكلاتها ، وأنها تقف اليوم مع السودان، وأن السودان يقف مع إفريقيا وبذلك نعطي درسا بأن الحل يمكن أن نحققه بأنفسنا” .
مرحلة جديدة
رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسي فكي قال “إن الاتفاق الذي تم التوقيع النهائي عليه اليوم يجسد ويرتب لمرحلة انتقالية ديمقراطية للسودان ، مؤكدا على أن الاتفاق يضع حدا للحروب والكوارث والصراعات.
وامتدح جهود ممثله في المفاوضات محمد الحسن لبات والتي تكللت بالتوقيع النهائي علي الاتفاق، كما اشاد بجهد المبعوث الاثيوبي محمود درير في نجاح المفاوضات .
يمثل فرصة رغم انه لا يلبي جميع الطموحات
بدوره ممثلا للاتحاد الأوروبي وزير خارجية فنلندا، بيكو هافيستا، قال ” أن اتفاق تقاسم السلطة بين قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري السوداني، لا يمكن أن يلبي جميع التطلعات، إلا أنه يمثل فرصة لإحلال السلام في البلاد”.
مضيفا : أنه “لابد أن تكون هناك حكومة مدنية وحكام مدنيون حتى يكون هناك نجاح لهذه المبادرة ولهذا الاتفاق، وكل الفرقاء السياسيين لابد أن يتفقوا حول هذه الاتفاقية، فهي شاملة ولا يوجد أفضل منها”.
تحقيق السلام
من جانبه اعتبر الرئيس الكيني اوهورو كينيا أنه واجب الحكومة القادمة تحقيق السلام وانعاش الاقتصاد .
مؤكدا أن هذا الاتفاق يمهد الطريق لحلول مستقبلية لقضايا السودان
فيما أكد سلفا كير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان وقوف بلاده مع السودان من أجل تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية وتحقيق السلام الش
بينما أشار رئيس وزراء الأثيوبي أبي أحمد إلى أن عملية التحول الديمقراطي تتطلب الالتزام بمبادئ الديمقراطية وبناء المؤسسات والعمل الجماعي.
مؤكدا دعم بلده للسودان خلال المرحلة الانتقالية .
ووصف زعيم حزب الأمة الصادق لمهدي، التوقيع على الاتفاق السياسي في السودان، بالعبور نحو الحكم المدني.
وطالب بعدم إقصاء أي طرف في المرحلة المقبلة للتحول الديمقراطي، منوها أن عملية إحلال السلام ، وإجراء انتخابات ديمقراطية من أولويات المرحلة المقبلة.
مطالب مهمة
ممثل قوى الحرية والتغيير محمد ناجي الأصم خلال كلمته عقب مراسم التوقيع النهائي قال ” إننا نؤمن أن السلام يجب أن يكون شاملا، العدالة والمحاسبة من أهم واجبات الحكومة، وسوف نتمسك بالتحقيق الشفاف والعادل في فض اعتصام القيادة العامة، وألا يفلت أي مجرم من العقاب.
وأضاف: ” أن إعادة السودان إلى المجتمع الدولي مهمة عاجلة وضرورية ورفع العقوبات أولوية، وعلينا أن نتفق على التعايش ونعمل معا لنبذ العنصرية والقبلية البغيضة ورفع قيمة الوطن” .
دعوة للبناء
أما رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان في كلمته الختامية دعا إلى جعل هذا اليوم محطة لتجاوز مرارة الماضي، وقال إن سلمية الشعب السوداني ستبقى محفوظة في وجدان العالم خلال هذه الثورة.
وقال إن الشباب السوداني الذي كان وقود هذه الثورة مدعو للانتقال الآن للعطاء والبناء والإعمار، ودعا لجعل استشهاد من قدموا نفوسهم في سبيل السودان منطلقا لبناء الوطن وتحقيق التطلع.
وأثنى على أداء القوات المسلحة السودانية، وأكد أنها أثبتت أنها شريك وجسر عبور للتغيير دون أن تفقد مهنيتها، كما شدد على أن القوات المسلحة السودانية ستحمي إرادة الشعب لتحقيق الحرية والعدالة.
وخلص إلى أن المؤسسة العسكرية وقوى الحرية والتغيير توجها معا إلى مرحلة البناء “بفضل الترتيبات التي توصلنا إليها خلال الفترة الانتقالية”.