النيل العطوش* صلاح الساير

النشرة الدولية –

ضفاف الأنهار ظمأى، فماذا تنتظر المجتمعات العربية أكثر وأوضح من هذه الدلائل والشواهد والكوارث للتوقف عن الجري وراء سراب «الدولة الدينية» الذي تروج له جماعات الإسلام السياسي؟ فالأمثلة واضحة وصارخة على فشل هذا المشروع الخيالي الذي لا علاقة له بالدين الحنيف، مثلما لا علاقة له بالسياسة الرشيدة وبناء الدولة الحديثة وتطويرها وقيادة التنمية فيها. ولعل نظرة إلى تاريخ أفغانستان المعاصر وتجربة طالبان في حكم «إمارة أفغانستان الإسلامية» تفصح لنا عن خواء الشعارات الدينية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

الشعارات الخيالية التي تخلط بين الدين والدنيا، فتوظف الدين في السياسة وتدس السياسة في الدين، لم تنهض بالدول في عصرنا الراهن، فالدولة تنجح بسبب الفهم السياسي السليم والتخطيط العلمي والعمل الجاد ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بصرف النظر عن دينه أو مذهبه أو (عشيرته) الحزبية. والتي يحث التعليم فيها الأجيال الطالعة على العمل والمثابرة والتفكير السليم والسعي إلى تجميل الحياة، ولا ينشغل فيها طلاب المدارس بالقبور وعذاب الموت. وأسوق مثالا طازجا من السودان الخارج توا من حكم الإسلام السياسي.

السودان الخصيب الرطيب الذي يعبره نهر النيل وتتوافر فيه المياه والتربة والأيدي العاملة. والذي تفوق مساحة أراضيه الصالحة للزراعة 40 مليون فدان، وتقدر ثروته الحيوانية بـ 130 مليون رأس، والدواجن 45 مليون طير داجن، أما ثروته السمكية من البحار والأنهار فإنها تتجاوز مئات الآلاف من الأطنان. هذا السودان (سلة غذاء) العرب، وبعد تجربة مريرة مع الدولة الدينية، تمده السعودية والإمارات في الجزيرة العربية بـ 500 ألف طن من القمح! فمن أهدر الماء وبدد الفرص؟ ولماذا بارت الأرض الكريمة؟ وأين فرت الشعارات من وادي النيل؟

الأنباء الكويتية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى