دنيا حيص بيص* صلاح الساير

النشرة الدولية  –
كانت الدبابات تحرس بوابة الإذاعة والتلفزيون، ولا تخرج الكتب من المطابع دون الفسح وإمضاء الرقيب.

والمقالات الصحافية لا تجد طريقها للنشر إلا بعد موافقة إدارة الصحف.

وكانت الحكومات هانئة البال، مطمئنة لا يزعجها سوى المناشير السرية والنكات السياسية ضدها.

وفجأة اختلفت الأحوال وهاج البحر، واضطربت الحكومات، وأصبح الإعلام المقروء والمسموع والمرئي متاحا لكل من هب ودب. فلا الدبابة تنفع ولا الرقيب يمنع، وبمرور الوقت (اتسع الفتق على الراقع) و(تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد)!

كانت أحوال الدول تشبه حديقة الحيوانات (المحبوسة في الأقفاص) حيث الثور في الزريبة، والأسد في العرين، والحصان في الإسطبل. والجحش في الحظيرة. وكانت الحكومات كمثل حارس الحديقة يراقب سير العمل فيها.

ويتأكد من تأمين الأقفال حيث الوضع تحت السيطرة. وفجأة أمست الأقفاص دون أبواب، وخرجت مخلوقات الله تذرع الأمكنة.

فالتماسيح تجول في الأسواق، والبقر في المكاتب الإدارية، وبعض القردة تتقافز وتغرد وتبدي رأيها في الأحوال العامة، وبعضها يرمي الناس بالشتائم بذريعة حرية الرأي.

وأمست الدنيا (حيص بيص).

أصيبت الحكومات بالوجوم وعقدت الدهشة لسانها وارتج عليها الأمر، فبعد أن كانت تحسب حسابا للمثقف العاقل، والخطيب البليغ، والسياسي الداهية، صارت تخشى الحمقى والبلهاء والعاطلين عن العمل.

وأصبح بإمكان شخص (صيني) ان يفتح حسابا في الفيسبوك باسم وصورة امرأة (افريقية) ليثير الفتنة بين الشعوب (الأوروبية) وبعد أن كانت الحكومات تستعين برجال الأمن القساة العتاة للسيطرة على الأحوال العامة أمست تستعين بأطباء الأمراض النفسية لتحليل ما يكتبه مغرد تخصص بشتم المقيمين في الكويت بحجة انهم وافدون (!)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button