وزير الصحة الكويتي: صحة المرضى «خط أحمر»
النشرة الدولية –
في الوقت الذي تصدر فيه موضوع «الأخطاء الطبية» ساحات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعد حادثة وفاة الطفل عبدالعزيز نواف الرشيدي في عيادة الأسنان بمركز الفحيحيل التخصصي، أكد وزير الصحة الشيخ د.باسل الصباح أن صحة المرضى «خط أحمر»، ولا تهاون فيها، قائلا: سنعاقب أي طبيب يثبت إهماله.
وذكر الوزير الصباح في تصريح خاص لـصحيفة «الأنباء» انه تم تشكيل لجنة محايدة من أساتذة كلية طب الأسنان بجامعة الكويت لتحقق في ملابسات وفاة الطفل عبدالعزيز نواف الرشيدي في عيادة الأسنان بمركز الفحيحيل التخصصي، لافتا الى انه سيتم الإعلان عن نتيجة التحقيق فور الانتهاء منه.
وأشار الوزير الصباح الى أنه تم التنسيق مع وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح لمنع الطبيب المزمع تسببه في هذه الحادثة من السفر، وتم إيقافه عن العمل لحين الانتهاء من نتائج التحقيق.
وأكد ان وزارة الصحة مستمرة باتخاذ كافة التدابير التي من شأنها المحافظة على حياة المرضى واستمرار الخدمات الطبية بأعلى صور الكفاءة والجودة، مشيرا الى انه سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية والإدارية الرادعة في حال ثبوت أي إهمال طبي تسبب بوفاة الطفل عبدالعزيز نواف الرشيدي، متقدما بتعازيه لأهل المتوفى.
بدوره، تقدم رئيس الجمعية الطبية الكويتية د.أحمد ثويني العنزي بأحر التعازي لأسرة الطفل الذي توفي بسبب مضاعفات او خطأ طبي والتي ستتم معرفتها بعد انتهاء لجنة التحقيق في المشكلة من وزارة الصحة من عملها، داعيا من الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان.
وأكد العنزي في تصريح صحفي أن الجمعية هي من اول الداعمين لحقوق المرضى، كما انها مع الارتقاء بالجودة الطبية لمنع حدوث الأخطاء الطبية، مطالبا برفع مستويات الجودة لأعلى المقاييس ودعم عملية التطوير المستمرة في ذلك والذي يقلل ويحد من الأخطاء الطبية.
وأفاد بأن قانون مزاولة مهنة الطب الجديد، والذي سيتم رفعه قريبا للجهات المختصة سيساهم في الحد من الأخطاء الطبية.
ودعا العنزي وزارة الصحة الى دعم حقوق المرضى في التحقيق، وتحري الدقة والعدل في التحقيقات، وإثبات مصدر الخطأ، وان كان الخطأ يقتصر على الطبيب أم ان هناك خطأ مؤسسيا في بيئة العمل والمركز الذي يعمل فيه الطبيب كتوفير المواد الإسعافية وأجهزة الإنعاش اللازمة لمثل هذه الحالات.
ولفت إلى أن أطباء الكويت وخاصة العمالة الوطنية لديها مؤهلات عالمية وذات مستوى عال، داعيا الى عدم استخدام الإعلام بشكل يسيء للمريض وذويه بالدرجة الأولى، وعدم استخدامه للتكسبات الإعلامية والسياسية وغيرها.
وأوضح ان ملف الأخطاء الطبية والمزايدات التي تحدث من خلاله أثرت بشكل كبير على الثقة بالخدمات الصحية، فضلا عن إحباطه الكفاءات الوطنية وغيرها، مبينا أن الجمعية الطبية مع المساءلة والرقابة، ودعم حقوق المرضى بالدرجة الأولى لكن دون تجريح بالجسم الطبي.
من جانبه، اكد رئيس جمعية أطباء الأسنان الكويتية د.محمد دشتي أن حوادث الوفاة نتيجة «التخدير» الكامل أو الموضعي «نادرة» جدا ما تحصل، مبينا أن الطبيب يسأل عن السيرة الطبية للمريض لمعرفة ما اذا كان هناك تأثير للبنج قبل البدء في العلاج، متقدما في الوقت ذاته بأحر التعازي لأهل الطفل المتوفى عبدالعزيز نواف الرشيدي، سائلا المولى عز وجل أن يرحمه، ويلهم أهله الصبر والسلوان.
ولفت في تصريح خـــاص لـ «الأنباء» الى أن معرفة الحقيقة وراء وفاة الطفل عبدالعزيز نواف الرشيدي ستكون بعد انتهاء لجنة التحقيق المشكلة من قبل وزارة الصحة لمعرفة ان كان الخطأ طبيا او بسبب نقص التجهيزات اللازمة في مثل هذه الحالات، داعيا الى عدم التهويل في نشر الأخبار حول حادثة وفاة الطفل الى حين ظهور نتائج التحقيق من وزارة الصحة لمعرفة حقيقة الامر وكشف الملابسات.
وكشف دشتي عن توجه لاستحداث دورة طوارئ طبية «إجبارية» لأطباء الأسنان المنتسبين للجمعية، والتي تساهم في الحد من المضاعفات التي تواجه المرضى، حيث تم تشكيل لجنة بهذا الشأن من قبل الجمعية، وستتم الاستعانة بأطباء لعمل هذه الدورات من القطاع الحكومي او الأهلي او من جامعة الكويت، فضلا عن استحداث «كتيب» خاص لتذكير الأطباء بكيفية التعامل مع المضاعفات الطبية.
وأكد أهمية هذه الدورة للحفاظ على سلامة المرضى في الحالات الطارئة والمضاعفات، مبديا تحفظه على دورة الإنعاش القلبي المفروضة من قبل الوزارة، مؤكدا انها لا تعني أطباء الأسنان في مجال عملهم.
ولفت دشتي إلى سعي جمعية أطباء الأسنان بالتعاون مع الجمعية الطبية ووزارة الصحة ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي لإقرار وسن قانون مزاولة مهنة الطب وحقوق المريض عن طريق لجنة شكلت من قبل وزير الصحة، والذي سيحفظ حقوق المريض والطواقم الطبية، علما انه تم الانتهاء من المسودة الفنية ورفعها للوزارة، والتي ستوجهها الى مجلس الأمة لإقرارها في دور الانعقاد المقبل.
وبين أن الكوادر الوطنية من الأطباء على كفاءة عالية من التعليم، مشيرا الى ان جمعية أطباء الأسنان تهدف دائما الى تطوير المستوى الطبي والتثقيف.
وأوضح دشتي ان الكويت من اقل الدول في نسبة الأخطاء الطبية، لافتا الى وجود جهود كبيرة للحد منها تدريجيا الى أن تنتفي من قبل وزارة الصحة بالتعاون مع جمعية أطباء الأسنان والجمعية الطبية من خلال المساهمة في سن القوانين التي تنهي ملف الأخطاء الطبية الشائك مثل قانون مزاولة مهنة الطب الجديد، سائلا الله عز وجل ان يحفظ الجميع.
من جانبه، دعا رئيس وحدة طوارئ الأطفال بمستشفى العدان واستشاري طب الأطفال بمستشفى دار الشفاء د.مرزوق العازمي الى التفريق بين «الخطأ الطبي» و«المضاعفات»، علما أن الخطأ الطبي يأتي نتيجة تقصير من الطبيب أو الطاقم الطبي أثناء التشخيص أو تطبيق الخطة العلاجية مما قد يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمريض وهو أمر يمكن تلافيه أو تجنبه وقد يكون هذا الخطأ شخصيا أو مرفقيا، اما المضاعفات فهي الحوادث التي تحصل للمريض أثناء علاجه ويتضرر منها المريض ولكن ليس للطاقم الطبي المعالج سبب في حدوثها أو منعها وهناك عدة أنواع للمضاعفات الطبية.
واقترح العازمي إنشاء منظومة طبية متكاملة لعلاج الأخطاء الطبية تضم الجوانب «القانونية – الادارية الفنية»، فضلا عن وجوب منح الشفافية في الابلاغ عن تلك الاخطاء لحفظ حقوق المريض والطبيب، واستحداث سجل لمعرفة عددها ونسبتها ليتم من خلاله وضع خطة العلاج.
وبين انه يجب تطبيق قواعد «سلامة المرضى» في المرافق الصحية الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية للتقليل من الأخطاء الطبية، كما يجب معرفة معدلات الكويت في الأخطاء الطبية من حيث زيادتها أم هي ضمن المعدلات الطبيعية.
وعن لجان التحقيق المشكلة من قبل وزارة الصحة في الاخطاء الطبية، اكد العازمي انها لحفظ حقوق المرضى، داعيا في الوقت ذاته الى الكشف عن توصيات تلك اللجان العامة وتطبيقها في المستشفيات والمراكز الطبية، والتي من شأنها ستقلل او تساهم في تفادي الاخطاء.
وطالب د.العازمي وزارة الصحة بإنشاء مراكز «للمحاكاة السريرية» كما هو معمول بالدول الاخرى مثل المملكة العربية السعودية لتدريب الكوادر الطبية والتمريضية على الاستجابة وعلاج المرضى في سيناريوهات مشابهة للحالات الطارئة باستخدام دمى طبية تشبه المرضى بالواقع بنسبة كبيرة بهدف المساعدة على تفادي الأخطاء.
بدورها، أوضحت د.عائشة الحسن المتخصصة بجودة الخدمات الصحية والصحة العامة الدولية من إدارة الجودة والاعتماد بوزارة الصحة أن حدوث الأحداث السلبية للمرضى جراء تقديم الرعاية الصحية مثل الضرر الشديد أو الوفاة ليس من الضروري أن تكون سببها خطأ طبيا نتيجة إهمال أو تقصير، مبينة أن هناك نسبا متوقعة لحدوث المضاعفات لأي إجراء طبي.
وذكرت أن الإقرار بحدوث الخطأ الطبي مسؤولية جهة متخصصة بعد إجراء التحقيق اللازم وليس عموم الناس، لافتة الى أن إلقاء الاتهامات والطعن بالكيان الطبي بشكل عام والطبيب بشكل خاص دون أي دليل حقيقي يعتبر أمرا مرفوضا ويؤثر سلبا على ثقة المجتمع بالمؤسسات الصحية.
وشددت على أهمية تقديم جميع أنواع الدعم اللازم للمريض المتضرر وأسرته، فضلا عن تقديم الدعم والمساعدة للفريق الطبي المعني بالقضية لأن هدف الفريق بالأصل تحقيق شفاء المريض وتقليل معاناته وليس ضرره.
وقالت: في الطب لا يستطيع الطبيب ضمان نتائج العلاجات والإجراءات التي يقدمها ١٠٠%، وهو فقط يجتهد ببذل العناية اللازمة، لأن التعامل مع الجسم البشري أعقد مما قد يتصوره البعض وهناك اختلافات بشرية بالتفاعل والاستجابة للعلاجات الطبية وهي حقيقة معترف بها عالميا في الأوساط الطبية.
واختتمت تصريحها بتقديم خالص العزاء لأسرة الطفل عبدالعزيز نواف الرشيدي، أسكنه المولى فسيح جناته، مؤكدة أن هذه القضية ليست المناسبة للتكسب الاعلامي، فالأمر يتطلب مهنية عالية في التعامل للوصول للحقائق وإجراء التصحيح اللازم، فسلامة الرعاية الصحية ومأمونيتها حق للمجتمع ككل.