جولة في ضاحية بيروت وآراء مختلفة بشأن الرد على إسرائيل* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

بعد سقوط طائرتين مسيّرتين إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، توالت الأحداث بين مواقف رسمية وشعبية ودولية.

وبينما وعد الأمين العام للحزب حسن نصر الله بالرد على الاختراق الأمني، طلب منه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “أن يهدأ”، في حين أجرى رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اتصالات دولية مع الروس والأميركيين موضحاً أن “الاعتداء الإسرائيلي على منطقة مأهولة بالسكان المدنيين بمثابة ضربة لأسس حالة الاستقرار التي سادت الحدود منذ صدور القرار 1701، ويهدد بتصعيد خطير للأوضاع في المنطقة، لا يمكن التكهن بنتائجه”.

على الصعيد الشعبي، ثمة خوف من حرب مقبلة. “اندبندنت عربية” استطلعت آراء الشارع اللبناني في حال ردّ حزب الله، وأدى ذلك الى حرب جديدة مع إسرائيل، عشية بدء العام الدراسي، وتعرض لبنان لضغوط اقتصادية ليس آخرها التصنيفات الائتمانية الاقتصادية.

بداية زرنا مكان الحدث أي شارع معوض حيث يوجد المركز الإعلامي لحزب الله.

تحدثنا مع عينات عشوائية من سكان المنطقة، لكن لم نستطع التصوير لأن ذلك ممنوع من دون إذن من المركز الإعلامي التابع للحزب.

قابلنا سيدتين تعملان كبائعات، وكانت أجوبتهما موحدة “نحن لا نخاف الحرب…  تدمرت بيوتنا سابقاً وعُدنا، ما الذي تغير اليوم؟”.

رافقتنا إحداهنّ لتدلنا على المركز الإعلامي. الشباب هناك وهم بالطبع حزبيون بثياب مدنية، منعونا من التصوير وأرشدونا الى المبنى.

محمد عفيف

استقبلتنا المساعدة لمسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف، وأدخلتنا إلى صالون الاستقبال لانتظار الإذن، لكن صودف دخول عفيف في تلك الأثناء فطلبنا منه الحديث بعد التعريف عن أنفسنا.

قال لنا عفيف، إن “المركز كان فارغاً لذا لم يتعرض أحد لإصابات فيما عدا إصابات طفيفة تعرض لها 3 شبان من العاملين فيه، نتيجة تناثر الزجاج”.

ولكن ماذا قصد نصر الله بقوله إن الرد سيكون في لبنان وليس مزارع شبعا؟ يجيب عفيف: “ما قصده هو الرد من لبنان وليس في لبنان، وأن هذا خلط لغوي لا يقصد منه أبداً أن الرد سيكون على الأراضي اللبنانية، وأن التحضير جار للرد لكن بعد تحليل المعطيات والرد أكيد سيكون من لبنان وليس من سوريا حيث قام العدو باستهداف مركز مدني هناك، وسقط لنا شهيدان”.

ويضيف “تبين أن الطائرات كانت محملة بالمتفجرات، ولم يعد مقبولاً أن تنتهك السيادة اللبنانية، وسماء لبنان وبحره وهو منذ عشرات السنين عرضة للانتهاكات، بخاصة بعد عام 2000 ، وكنا صامتين لأسباب عدة، تقديراً للظروف حينها، لكن المعطيات تغيرت، وحيث انتقل أسلوب العدو من التجسس إلى التفجير، وهو من قام بالتعدي وكسر المعادلة، والطائرات بالتأكيد كان تستهدف المركز، لأنه معروف للقاصي والداني، أما عن موعد الرد وشكله، لن نفصح عنه الآن، وهو يخضع لتقدير قيادة المقاومة، وكما سمعتم السيد بخطابه، قد يكون بعد يوم أو اثنين أو 3 أو 4”.

في شارع معوض وبعد خروجنا من المركز، التقينا عدداً من السكان، أحدهم عرف عن نفسه “اسمي ماهر أليس، أسكن على بعد 400 متر من المركز، وأعمل في شركة أمن، سمعت دوي الانفجار، وخرجت مسرعاً لاستطلع ماذا حصل، نحن لا نخاف، وأريد القول إن تداعيات الرد لا تهمنا، بل كرامتنا مقاومتنا”.

حرب استنزاف

وعبّرت مجموعة عن خوفها على أطفالها وعائلاتها في حال نشوب حرب.

لكن الى أين الهروب؟ يقول أحدهم “سأذهب الى بلدتي العديسة (جنوب لبنان) وهي في قلب الحدث، لا يوجد مكان نهرب إليه”.

توجهنا إلى طريق الجديدة في بيروت، وهي منطقة تعد معقلاً لـ “تيار المستقبل” التابع لرئيس الحكومة سعد الحريري. يبدو المواطنون في تلك المنطقة مسلّمين لأمر الله، حيث “لا مجال إلا للاستماع إلى ما يقوله السيد، بعدما تخلى الزعماء اللبنانيون عن ممارسة مهامهم”، يقول أحدهم.

ويوضح رجل في العقد السابع من عمره أن الاقتصاد منهار، والمحمصة التي يديرها كانت تدر أموالاً أكثر في السابق، أما اليوم فلا تتعدى 63 دولاراً يومياً. ويضيف “نحن ضد العدو، ولا نقبل بالانتهاكات، لكنها حرب استنزاف”.

مجموعة رجال في المنطقة أجمعت على رأي واحد تقريباً وهو التخلص من كل زعماء هذا البلد، “نريد العيش بسلام، وضع البلد منهار ولا يسمح بحروب جديدة، والسؤال لمَ علينا العيش بحرب دائمة، الموسم السياحي تبخر وطار، وإذا أراد حسن نصر الله فليذهب ويقاتل في الجنوب، ألم تعد مزارع شبعا لبنانية، هل تخلى عنها”.

ولدى السؤال عن أعمالهم، يهمهمون جميعاً، ويجيب أحدهم “أنا من الذين تخلى عني سعد الحريري”. آخر يقول “نريد العيش والعمل في بلدنا، ومن أدخل البلد في هذه المواجهة فليذهب وليقاتل وحده في سوريا”.

في المقابل كان للبعض وجهة نظر مختلفة حول الحرب المقبلة، إذ يعتبرون أن الرد “سيقوي الاقتصاد اللبناني، حين يهرب الغريب من جنسيات غير لبنانية”.

في الطريق إلى منطقة الأشرفية، يحدثنا سائق سيارة الأجرة وهو من الطائفة السنية كما عرّف عن نفسه، “أن دولتنا ضعيفة والجيش اللبناني لا يملك أسلحة يستطيع من خلالها الدخول في مواجهة مع إسرائيل”. ويضيف “لم ننسَ بعد أحداث 7 مايو (أيار) في 2008، عندما دخل علينا الحزب وحمل سلاحه في وجوهنا… لبنان وطننا وليس وطن حزب الله وحده، لذا الدفاع عن أراضيه واجب، أما بالنسبة إلى أن الرد على الحوادث التي تحصل في سوريا سيكون من الأراضي اللبنانية، نحن ضد أن يتحول لبنان إلى ساحة وهو دخل الحرب السورية من دون استشارة أحد، فليرد من سوريا أيضاً من دون العودة إلينا وتحميلنا مسؤولية أفعاله”.

في الأشرفية، وهي منطقة تقع شرق العاصمة بيروت، توجهنا إلى مركز تجاري للتسوق لاستطلاع بعض الآراء.

يدرس نادر (23 سنة) في الجامعة اللبنانية الأميركية، ويعمل كنادل في أحد المطاعم. يقول “أنا مسيحي، ومع الرد على إسرائيل، لا يحق لها التعرض لبلدنا كلما تريد، أصبحنا أضحوكة”.

ويضيف “يتحمل سياسيو لبنان الضعفاء مسؤولية تسليم البلد إلى حزب الله والتحكم بمصيرنا، البلد مفلس ولا نملك شيئاً غير الهجرة، وأنا من الذين سيقدمون أوراقه للحصول على تأشيرة هجرة”.

في المقابل، يقول طوني الذي يملك شركة لتأجير السيارات في منطقة الكسليك شرق بيروت ” أريد سلاماً مع إسرائيل، ألا يحق لنا الذهاب لزيارة الأماكن المقدسة الموجودة هناك، ولمَ علينا العيش في حرب دائمة، اقتصادنا منهار وكل يوم تقفل مؤسسة تضم مئات العمال، ونحن علينا أن نبقى في المواجهة، يحق لنا بالسلام مثل أي بلد في العالم، مشكلة البلد هي بسبب الدفاع عن الفلسطينيين، فليدافعوا عن أنفسهم، والسيد نصر الله لينتقل بحروبه إلى مناطق أخرى، كفانا حروباً في هذه البلد الصغير”.

يقول السيد نصر الله في ختام خطابه الأخير، “نحن جيش وشعب ومقاومة، صنعنا أمننا في الجنوب والبقاع ولبنان بأيدينا وتحملنا أعباء أن يكون لبنان واحة أمن وسلام ولن نسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء أو أن يصبح لبنان مستهدفاً وهذا الأمر بالنسبة إلينا خط أحمر…”.

فهل تعود عقارب الساعة إلى الوراء؟ أم أن لبنان سيبقى بعيداً من الاستهداف؟.

نقلا عن الاندبندنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button