نحن والجن* صلاح الساير
النشرة الدولية –
القيظ في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية فترة صعبة جدا، فدرجات الحرارة ترتفع لتبلغ أرقاما قياسية، والعواصف الترابية تعمي العيون، وقرب الشطآن ترتفع نسبة الرطوبة إلى درجات لا تطاق في الزمن الحاضر، فما بالنا في الأزمنة القديمة وقت انعدام وسائل التبريد وندرة المياه العذبة الصالحة للشرب وصعوبة التنقل. وتلك بيئة طاردة لا تستقطب الناس بل تنفرهم وتدفعهم إلى الهجرة، خاصة ان سبل الرزق في المنطقة مضنية وشاقة مثل الغوص على اللؤلؤ أو الإبحار في لجة البحر العظيم او ضرب أكباد الإبل عبر رمال المفازات.
رغم هذه الحقائق العلمية والتاريخية التي تؤكد صعوبة أو استحالة العيش في هذه المنطقة، استمر الاستيطان فيها، وعاش أهلها واحتملوا المشقة والصعاب وسطروا في صفحات التاريخ أمجادا مجيدة، حيث الصراع من أجل البقاء وسط طبيعة شحيحة الموارد طوّر قدرات ومهارات سكان المنطقة وقوى من عزائمهم. كما ان كثرة مدنهم الساحلية (من جدة إلى الكويت مرورا بالمرافئ الأخرى) وكثرة استقبالهم للغرباء الوافدين، واتصالهم بالمجتمعات البعيدة في آسيا وأفريقيا، واختلاطهم بالناس هناك، عمّقت تجاربهم الحياتية وخبراتهم الإنسانية.
أخلص إلى ان تشبيه ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان لهمة الشعب السعودي بـ (جبل طويق) وانه (يعيش بين شعب جبار) ليس من باب المبالغة أو التعبئة الوطنية، بل هو وصف دقيق للناس في هذه المنطقة (سعوديون وغيرهم من الشعب الخليجي) الذين تمكنوا منذ الآف السنوات من حفر قنوات مائية تحت الأرض على عمق عشرات الأمتار لتجري فيها (الأنهار الجوفية) مسافات طويلة بما يشبه المعجزة حتى نسج الناس الأساطير حول (الأفلاج)، وقالوا ان الجن هم الذين حفروها لخدمة النبي سليمان عليه السلام.
الأنباء الكويتية