صباح الأحمد .. أمير وضمير* رجا طلب

النشرة الدولية –

يوم مبارك وعزيز هو يوم 13 أيلول، يوم خروج الشيخ صباح الأحمد الجابر من مشفاه في أميركا، والشيخ صباح الأحمد سمو أمير دولة الكويت ليس حاكما عاديا فقد نال شرف أن يكون أول شخصية سياسية في تاريخ الامم المتحدة يلقب «بقائد الإنسانية»، صباح الأحمد هو آخر رجال زمن العظام والكبار، ذلك الزمن العروبي الذي كانت فيه الأمة في حال أفضل بكثير مما هي عليه الآن، وكانت تحدياتها المصيرية تتمثل بالخطر الإسرائيلي وكيفية مواجهته، وكانت الخلافات العربية – العربية (الخمسينيات والستينيات والسبعينيات) تنشب في أغلبها بسبب الاجتهادات بشان القضية الفلسطينية، وكان سموه ورغم صغر سنه في تلك العقود كان مؤمنا بأن فلسطين هي واسطة «العقد» الذي يجب ان يتوحد حولها العرب، وأنه من غير المسموح أن تصبح سببا لخلافات العرب، وإن أصبحت فسيكون ذلك بداية انهيار الأمة.

برزت عبقريته في إدارة علاقات «الكويت» بالعالم، هذه الدولة الصغيرة والغنية بالنفط والتى تميزت مبكرا بتنوعها الثقافي وديمقراطيتها ودستورها الحضاري وشكلت بتميزها هذا حالة «مستفزة» لبعض جيرانها وبعض الدول الشقيقة، وبرزت من خلال هذا التحدى عبقرية «صباح الاحمد» في تعامله مع محيطها الاقليمي وبخاصة مع الاقطاب المتنافرة وقتذاك، ايران سواء في زمن الشاه او زمن الخميني والعراق سواء زمن احمد حسن البكر او زمن صدام حسين بالاضافة لعلاقات الكويت مع جيران الجيران مثل سوريا حافظ الاسد وبشار الاسد، ولبنان برؤسائه المتعاقبين بدءا من شارل الحلو وصولا الى ميشيل عون والاردن في عهد الحسين طيب الله ثراه او عهد عبد الله الثاني حماه الله وبطبيعة الحال مع منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات وقيادتها التاريخية المعروفة.

حاول سموه ابعاد الكويت قدر الامكان عن نيران الاقليم وتحديدا الخلاف السوري العراقي ولاحقا الحرب العراقية الايرانية وعمل جاهدا على انجاز الوحدة اليمنية وتوحيد الصف الفلسطيني، وكان سموه وبعقليته العروبية ونظرته السياسية الاستراتيجية يرى ان الكويت هي قلب الوطن العربي وليست دولة على حافة الخليج، وان دورها الحقيقي هو حماية الامن القومي العربي ومنع التدخلات الخارجية في الخلافات العربية، وايقن مبكرا ان الخليج العربي سيكون ساحة صراع اقليمي ودولي وكان وراء تبني الكويت مشروع «مجلس التعاون الخليجي» ليكون الخليج محصنا بوحدة ابنائه.

.. خرج «الصباح» من المستشفى معافى ولكن الغصة في قلبه كبيرة، فالخليج لم يعد خليجه الذي خطط له، والامة لم تعد الامة التى تمناها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى