سياسيون وصحافيون لبنانيون يتضامنون مع “نداء الوطن”… حرية الصحافة مقدسة* سوسن مهنا

النشرة الدولية  –

جمعت صحيفة “نداء الوطن” اللبنانية، صباح الاثنين، في مكاتبها في العاصمة بيروت حشداً من المسؤولين السياسيين والإعلاميين والنقابيين، للتضامن معها على خلفية الكتاب الذي وجّهه النائب العام لدى محكمة التمييز بالإنابة في لبنان القاضي عماد قبلان، إلى رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية، الخميس 12 سبتمبر (أيلول)، وطلب فيه استدعاء رئيس تحرير الصحيفة بشارة شربل ومديرها المسؤول جورج برباري.

وطلب قبلان حضور شربل وبرباري إلى جلسة تُعقد في قصر عدل بيروت، عند التاسعة والنصف من صباح يوم الأربعاء 18 سبتمبر، وفقاً لـ”الوكالة الوطنية للإعلام”.

الاستدعاء جاء بعد مانشيت نشرته “نداء الوطن” قالت فيه “سفراء جدد في بعبدا… أهلاً بكم في جمهورية خامنئي”،  في مقالة تلت تقديم سبعة سفراء أوراق اعتمادهم، في 11 سبتمبر، في القصر الجمهوري ببعبدا.

قال شربل، تعليقاً على الاستدعاء، خصوصاً أنه لم يمضِ شهران على انطلاقة الصحيفة، إنها “محاولة لاستهداف الجريدة لأن شعارها السيادة الوطنية. كنا نتوقع هذا الاستهداف وأن يُصار إلى استدعائنا، لكننا استغربنا أن يحصل ذلك من قبل المباحث الجنائية. القضية هي دفاع عن الحرية وكرامة المواطنين”.

وأضاف “نحن نقول رأينا بصراحة من دون قفازات ومن دون تدوير للزوايا، وسنكون موجودون صباح الأربعاء برفقة المحامي بطرس حرب في قصر العدل. ومستعدون لهذه المعركة”.

مالك وناشر صحيفة “نداء الوطن” ميشال مكتف اعتبر لـ”اندبندنت عربية”، في سؤال عن مستقبل الحريات في لبنان، “حرية الإعلام مقدسة لأنها تمثل صورة لبنان، وهو والحرية صنوان. لبنان كبر وترعرع واستمر على حرية الكلمة والرأي الحر، ونحن لا ندافع عن الصحيفة كصحيفة، بل عن قضية وطنية بامتياز. وهم لم يستدعوا رئيس التحرير والمدير المسؤول فحسب، بل استدعوا كل الجسم الإعلامي الحر الذي من المُفترض أن يكون حراً أو لا يكون”.

وعن وجود سقف محدد للإعلام، قال مكتف “لا يوجد سقف للإعلام، إن أصحاب الأقلام هم من يحددون سقوفهم. نحن لم نحرج أحداً ولم نعطِ مرة معلومات كاذبة. عندما يكون التعامل باحتراف وشفافية، لا يمكن أن يكون هناك سقف”.

وعن استمرار العمل بالروحية ذاتها، أكّد “سنستمر على المنهاج عينه، فإما أن نعمل في هذه الأجواء أو نترك. تكوّن خمسون عائلة جسم الصحيفة، جاءت على هذا الأساس وستبقى على هذا الأساس”.

لم نعد نملك إلا الحرية

الوزير ريشار قيومجيان، وزير الشؤون الاجتماعية وممثل حزب القوات اللبنانية في الحكومة، قال لـ”اندبندنت عربية”، “أتينا لنؤكد تضامننا ووقوفنا إلى جانب نداء الوطن، ليس لأنها تمثل رأي شريحة كبيرة من اللبنانيين، بل لأننا بالمطلق ضد المس بالحريات السياسية والإعلامية. وما ذكرته الصحيفة هو واقع نعيشه في لبنان، فقرار الحرب والسلم ليس بيد الجمهورية اللبنانية، لذا ندعو فخامة الرئيس ميشال عون إلى أخذ ما ذكرته الصحيفة بالاعتبار، من عودة القرار السيادي والسلاح وقرار الحرب والسلم إلى يد الجيش اللبناني”.

وأضاف “لم نعد نملك إلاّ الحرية لنحافظ عليها، ولا خوف على الحريات في ظل وجود فريق سياسي سيادي وشريحة واسعة من اللبنانيين نزلت إلى الأرض عام 2005 وأخذت قراراً بأن لبنان سيبقى حراً وسيداً ومستقلاً. والموقف الذي نأخذه نحن وكل حلفاؤنا هو الذي يضمن الحرية، فالحرية تؤخذ ولا تُعطى في كل الدول العربية، للأسف”.

أما النائب مروان حمادة، وبالنسبة إلى وصول الرئيس عون واستبشار الناس خيراً أنه سيكون سنداً للحريات بعدما عاناه هو نفسه من قمع ونفي إبان وجود النظام السوري في لبنان، فقال “لم أستغرب أن ديكتاتوراً دائماً مثل ميشال عون سيرجع إلى طبيعته، فكل مقاطعه التلفزيونية والجولات الصحافية كانت صدامية وذلك منذ عام 1988. لكن اعتقدنا أن وصوله إلى سدة الرئاسة وادعاءه بأنه بيّ الكل، (أب للجميع)، سيعطي حرية الصحافة القسط الذي تستأهله، لأن الصحافة في لبنان هي الدينامو الأساسي، وما يجذب العالم إليه هو حرية الصحافة، وما يبعدهم عنه هو قمعها. هذا العهد وأدواته، خصوصاً وزير البلاط سليم جريصاتي والعائلة والصهر، يدفعان إلى استزلام القضاء”.

مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس صرّح من ناحيته لـ”اندبندنت عربية”، أنّ “لبنان يتمتع بميزات حرية الإعلام وحرية التعبير، وهما من الميزات القليلة الباقية، ونحن في الحزب التقدمي الاشتراكي نملك حساسية مفرطة تجاه المس بالحريات، لذا نبدي تضامناً سريعاً ونرفض أي مس فيها. صحيفة نداء الوطن بتجربتها القديمة لها تاريخ في هذا الوطن وبتجربتها الفتية، حجزت لها مكاناً سريعاً، وهناك حاجة ملحة إلى إيجاد صيغ توفّق بين حرية الإعلام وممارسة الحرية المسؤولة”.

المسيرة مستمرة

رئيس نادي الصحافة الإعلامي بسام أبو زيد دعا عبر “اندبندنت عربية” جميع الإعلاميين والصحافيين إلى “التضامن والعمل لوقف مثل هذه الممارسات”، مضيفاً “المسيرة مستمرة على الرغم من كل حملات التخوين والشتائم”.

أما الإعلامي يزبك وهبي، فاعتبر لـ”اندبندنت عربية” أن “ما حصل مع نداء الوطن غير مقبول وما فعلته هذه الصحيفة هو توصيف للواقع، فهي عندما وصفت الجمهورية بـ”جمهورية خامنئي”، كانت تعبّر عن رأي الكثيرين في هذا البلد، وما فعلته أنها عبّرت كما عبّر أحد الزعماء في حديثه عن جمهورية خامنئي. فهي لم تستهدف مقام الرئاسة بل وصفت واقع حال، وقد يكون الموضوع اجتهاداً من القاضي أو طلب أحدهم منه ذلك، لكن هذا القرار يؤثر في حرية الصحافة ويجب التصدي له”.

وعن مستقبل الحريات، قال وهبي “لن نخاف، لأن هناك تضامناً كبيراً وسيظهر ذلك من قبل السياسيين والمسؤولين والإعلاميين والقوى النقابية. وهذا التصرف لم يكن في مكانه أبداً، وإذا تكرر سنتصدى له بالكلمة والقلم والمنبر”.

وعن قانونية تحويل الصحف والإعلاميين إلى القضاء الجنائي، رأى وهبي أن “هذا الأمر بحاجة إلى تعديل وهناك محكمة مطبوعات تتولى ذلك ولكن قد يرى بعضهم أن المحاكم الجنائية تخيف الصحافيين أكثر، فيتوجهون إليها”.

أما الصحافي جورج بكاسيني، عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل، فذكر أنّ “ما حصل هو وجهة نظر. هناك من يتفق معها وهناك من لا يتفق. لكن حرية الإعلام هي من المقدسات، ولا يمكن لأحد أن يقبل المس بها. حرية التعبير خط أحمر، والجسم الإعلامي يتضامن دائماً بمواجهة هكذا أمور”، مضيفاً “لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، المس بحرية الرأي وحرية الإعلام”.

“مش جريدة بس… قضية”، شعار ترفعه “نداء الوطن”، فهل تبقى مستمرة في ظل هذه الضغوط؟

نقلاً عن اندبندنت عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button