عنصرية لبنانية تجاه الأجانب… التيار الوطني الحر في الطليعة

النشرة الدولية –

نشرت قناة OTV اللبنانية، التابعة للتيار الوطني الحر، في نشرتها المسائية مساء الأحد 22 سبتمبر (أيلول)، رسماً كاريكاتورياً يمثل طالبين لبنانيين لم يستطيعا أن يدخلا مدرستهما، والسبب لافتة وضعت على الباب تقول “نعتذر منكم، المدرسة ممتلئة بالسوريين والعراقيين والفلسطينيين والهنود والزنوج والأحباش والبنغلادشيين”، في سياق إعلان وزير التربية في الحكومة اللبنانية، أكرم شهيب، بأنه لن يسمح ببقاء أي طالب خارج المدرسة مهما كانت جنسيته.

واعتبر كثيرون الرسم عنصرياً. ما اضطر القناة إلى سحبه بعد موجات الاستنكار التي واجهتها. إذ اعتبرت إحدى الناشطات أنه “في ذكر كلمة الزنوج إيحاء ذو طابع تمييزي على أساس العرق”، مشيرة إلى أن “المادة 317 من قانون العقوبات اللبناني تعاقب أي شخص يدلي بأي خطاب أو كلام فيه إثارة لنعرات عنصرية”.

وكانت القناة قدمت اعتذاراً في مقدمة نشرة أخبارها، مساء الاثنين 23. وباعتذارها تنصلت تنصلاً تاماً من مضمون الكاريكاتور وراسمه أنطوان غانم.

جبران باسيل

لكن هذه المادة ليست أول ما يصدر عن التيار ويعتبر عنصرياً أو شعبوياً. إذ سبقها تغريدات وخطابات لرئيس التيار ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل. ففي إحدى تغريداته كتب “لقد كرسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جيني، وهو التفسير الوحيد لتشابهنا وتمايزنا معاً، لتحملنا وتأقلمنا معاً، لمرونتنا وصلابتنا معاً، ولقدرتنا على الدمج والاندماج معاً من جهة، وعلى رفض النزوح واللجوء معاً من جهة أخرى”.

لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني هو فوق اي انتماء آخر، وقلنا انه جينيّ وهو التفسير الوحيد لتشابهنا وتمايزنا معاً، لتحملنا وتأقلمنا معاً، لمرونتنا وصلابتنا معاً، ولقدرتنا على الدمج والاندماج معاً من جهة وعلى رفض النزوح واللجوء معاً من جهة أخرى

 

    — Gebran Bassil (@Gebran_Bassil) June 7, 2019

 

وأضاف “للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء وماذا يعني أن نشعر برابطة الدم وماذا تعني عبارة (الأرض بتجمع) وماذا يعني أن الانتماء اللبناني هو انتماء لحضارة وتاريخ”.

 

وفي تغريدة أخرى، في معرض دفاعه عن اليد العاملة اللبنانية، قال “من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى أكانت سورية (أو) فلسطينية (أو) فرنسية (أو) سعودية (أو) إيرانية أو أميركية، فاللبناني قبل الكل”.

وفي تغريدة أخرى قال، “البعض يتهمني بأني عنصري، وأنا أفهم لأن الانتماء اللبناني لدى هؤلاء ليس قوياً كفاية ليشعروا بما نشعر به ولأنهم يعتبرون أن هناك انتماءً ثانياً قد يكون أهم بالنسبة إليهم”.

وكانت هذه التغريدات أثارت موجة استنكار واسعة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وشُبهت من قبل نشطاء بالموجة التي صاحبت صعود النازية والفاشية في ألمانيا وإيطاليا خلال القرن الماضي، لما تحتويه من تعصب وطني وطائفي وعنف ومعاداة لللاجئين.

لم  تقتصر إساءة باسيل على السوريين والفلسطينيين في لبنان فحسب، بل وصلت الإساءة المعنوية إلى فئة من اللبنانيين، خصوصاً المغتربين في دول الخليج، بعدما كادت إحدى تغريداته أن تشعل حرباً دبلوماسية بين لبنان والسعودية، فاضطر إلى إعادة صياغة ما صرح به، قائلاً إن “الدول ومن ضمنها لبنان والسعودية تميز شعوبها عن غيرها بالقوانين، وهذه ليست عنصرية، فعندما تدافع عن حق شعبك تكون وطنياً وليس عنصرياً، وهذا ما قلته وهذا ما قصدته”.

الشعب “الرتش”

على خلفية الضجة التي رافقت الوفد الضخم الذي رافق رئيس الجمهورية ميشال عون إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تداول الناشطون معلومات عن التكلفة التي تكبدها لبنان كمصاريف سفر هذا الوفد، وهو الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة. إذ أُشيع في البداية أن الوفد المرافق يتألف من 160 شخصاً، لكن الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، أوضحت بعدها أن العدد لا يتجاوز الـ60 شخصاً، “بين وزراء ودبلوماسيين وإداريين وأمنيين وإعلاميين”.

وفي رده على هذه الاعتراضات، غرد عضو الهيئة المركزية في التيار، فؤاد القاصوف “في نيويورك مع الوفد المرافق لرئيس الجمهورية وعلى نفقة الشعب نكاية بالشعب الرتش”. ثم أضاف “الشعب الرتش عرفو حالن لحالن من دون ما حدا يقلن شي يا سبحان الله وصدقو النكتة قد ما هني ساذجين وما حسو أنها نكتة رتش”، وذلك بعدما استفزت تغريدته الأولى كثيراً من الناشطين الذين شجبوا كلامه.

يقول الناشط الحقوقي رياض عيسى لـ”إندبندنت عربية” إن هذه السلوكيات ليست مفاجئة، إذ إن “أول من بدأ باستخدام تعابير سوقية هو رئيس الجمهورية عندما كان نائباً ورئيساً للتيار. اهتز حينها سلم القيم الذي نحافظ عليه في لبنان. توجه إلى الشعب والإعلام بكلام بذيء في أكثر من مناسبة، وهذه المصطلحات انتقلت منه إلى الوزير جبران باسيل والقناة التابعة لهما، فاستعملت مصطلحات وتعابير عنصرية ومضى عليها الزمن كتعبير زنوج. وهذه إهانة بحق الإنسان عموماً”.

وأضاف “تعامل باسيل مع الناس بفوقية وهو لم يتوانَ عن التهجم على رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما نعته بالبلطجي. كما تهجم على رئيس الحكومة سعد الحريري، والطائفة السنية عموماً باستعماله تعبير السنية السياسية، معتبراً أنها جاءت على جثة المارونية السياسية وأخذت كل حقوق المسيحيين”. كما تهجم على الطائفة الدرزية عندما نبش القبور في زيارته إلى منطقة الشوف. وأهان النساء في أكثر من مناسبة أيضاً بتعابير لفظية وإشارات بيديه.

تحريف لا اعتذار

في كل مرة، يتنصل الوزير باسيل من تصريحاته أو يعتبر أنها حُرّفت. وهو كان قد قال في وقت سابق إنه “كل يوم معرضون لتحريف كلامنا وواجب علينا تحقيق مصلحة لبنان، وإذا حصل تحريف علينا أن نصححه”.

في هذا الخصوص، يقول عيسى إن “التيار لا يملك ثقافة الاعتذار. ذلك أن باسيل لم يبادر إلى الاعتذار مرة واحدة، بل كان في كل مرة يعتبر أن كلامه حرّف أو أخذ على غير مقصده. وهذا ما فعلته القناة التابعة للتيار عندما سحبت الرسم”.

وأضاف “التيار يحاول أن يرسي ثقافة فوقية وطائفية، وكأن من يكون في السلطة يحق له التصرف كيفما شاء. والدليل أن أحداً لا يستطيع أن يعترض وإلا سيلاحق قضائياً. سياسة كم الأفواه لا تليق بالتيار ورئيسه، لأنه هو نفسه تعرض للاضطهاد إبان وجود النظام السوري في لبنان”.

يختم عيسى “عتبنا على الرئيس وصهره كبير لأنهما واجهة لبنان، ويجب أن يكونا القدوة في ثقافة الحوار والتلاقي والمعاملة مع الآخرين بدبلوماسية وتهذيب، وإلا كيف يمكن لرئيس الجمهورية أن يدعو إلى جعل لبنان مركزاً لأكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار؟”.

يذكر أن مئات من مناصري التيار تظاهروا قبل أشهر أمام محال تجارية يعمل فيها سوريون، مطالبين بطردهم واستبدالهم بعمال لبنانيين. ويرفض التيار منح الجنسية اللبنانية لأبناء اللبنانية المتزوجة من أجنبي، بحجة التخوف من حصول تغيير ديمغرافي.

وتحت شعار “استعادة حقوق المسيحيين”، واجه مجلس النواب مشكلة دستورية بشأن المادة 79 من الدستور، التي حفظت حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في التوظيف، ذلك أن نواب التيار ينكرون حق هؤلاء، ليس لأن توظيفهم يؤدي إلى أعباء مالية على خزينة الدولة، بل لأن الغالبية العظمى منهم من المسلمين.

نقلاً عن “إندبندنت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button