إدارة الأزمات والتواصل!* فاطمة العازمي
النشرة الدولية –
يعتبر التعامل مع الأزمات فنا وعلما يتطلب الكثير من الخبرة والدراية والمقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة بأسرع ما يمكن، فالأزمات (Crisis) تمثل أي تهديد قد يلحق الأذى بالممتلكات أو الأشخاص أو البلدان، والذي قد يؤدي إلى تعطيل العمل بها بصورة طفيفة أو بشكل عام، وكل جهة عمل مهما اختلفت طبيعتها معرضة لهذه الأزمات سواء كانت وزارة أو هيئة أو مؤسسة أو شركة، ومدى تأثرها سلبا يؤدي إلى الإضرار بسمعتها وتشويهها وتكبيدها الخسائر بشكل خاص، وإلحاق الضرر بالدولة ككل.
وإذا نظرنا إلى علم إدارة الأزمات (Crisis Management) لوجدنا أنه يهتم بدراسة الأخطار المحتملة الحدوث في المستقبل وضرورة تلافيها والعمل على وضع الخطط لمعالجتها بشكل إيجابي (Crisis management Plan) ليس ذلك فقط بل التجهيز والاستعداد لما قبل وقوعها، وهو يسمى بمرحلة ما قبل الأزمة (Pre-Crisis Plan) للتمكن من إدارتها بشكل سليم.
وللتمكن من ذلك يتطلب الأمر إعداد فريق عمل يتكون من عدد من المختصين في مجالات عدة تحتاجها هذه الخطة، ويتم تدريبهم سنويا ليتمكنوا من تطبيق الخطة بكل احترافية وفاعلية.
وقد تكون هذه الأزمات طبيعية كالزلازل والعواصف المدمرة والحرائق والفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة أو غيرها من الأزمات التي قد تتسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن البلاد مثلا أو المياه أو تخريب الطرقات والمرافق وغيرها، إضافة إلى أعمال الشغب والتخريب أو الهجمات الإلكترونية التي تدمر أنظمة الاتصالات وتشغيل الآلات والمشاريع، وغيرها من الأنواع الأخرى للأزمات كانتشار الأوبئة والأمراض المعدية التي قد تصيب البشر أو الحيوانات، ومدى نجاح الخطط الموضوعة للحد من آثارها.
وقد تكون هذه الأزمة محلية ولكن لها تأثيرا دوليا كبيرا كأزمة 11 سبتمبر 2001 والتي تعتبر مثالا واضحا للأزمات المعاصرة، إضافة الى أنها تعتبر أزمة إرهابية عالمية تأثرت بها الولايات المتحدة الأميركية والعالم أجمع.
حيث تعاملت معها بشكل كبير داخليا وخارجيا مكونة تحالفا دوليا ضد الإرهاب، كذلك ما تتعرض له بعض الدول النامية التي تهزها الأزمات وتدمرها نظرا لضعف استعدادها لمثل هذه الأزمات.
إن إدارة الازمات مسألة قائمة منذ القدم وكانت مظهرا من مظاهر تعامل الإنسان مع المواقف الطارئة والحرجة التي يواجهها من الطبيعة أو البشر، ولم تكن تعرف آنذاك باسم «إدارة الأزمات» إنما عرفت بمسميات أخرى مثل «براعة القيادة أو حسن الإدارة»، وكانت هي المحك الحقيقي لقدرة الانسان على التعامل ومواجهة هذه المخاطر.
ولو رجعنا إلى الوراء، لعام 1962، إبان الأزمة الكوبية لرأينا أن موضوع الأزمات كان على رأس الموضوعات الحيوية والمهمة في العالم، وتكمن أهمية هذا الحدث في تصريح وزير الدفاع الأميركي آنذاك (روبرت ماكنمارا) عندما قال «لن يدور الحديث بعد الآن عن الإدارة الاستراتيجية وإنما ينبغي الحديث عن إدارة الأزمات».
إن نجاح إدارة الأزمات يكمن في تطبيق خطة وسياسة متوسطة أو طويلة الأمد تساهم في منع نشوب الأزمات أو تفاقمها، والإدارة الناجحة للأزمة هي التي تضمن الحفاظ على مصالح الدولة وحمايتها من الضرر، وقد يكون ضعف الإدارة وسوء التعامل مع الأزمة عنصرا من عناصر شدتها وقوتها.
فأغلب الأزمات لا تكون وليدة اللحظة وإنما نتاج عوامل نشأت قبل ظهور الأزمة، ومثال على ذلك التظاهرات والثورات والعنف والتطرف والأعمال الإرهابية.
ويبقى السؤال.. لماذا لا يوجد لدينا مركز لإدارة الأزمات يكون مجهزا تجهيزا كاملا بفريق محترف لدية الجاهزية والقدرة لمواجهة أي من هذه الأزمات؟
نعم لدينا مركز للتواصل، ولكن أين إدارة الأزمات من هذا المركز؟ فهذان المركزان وجهان لعملة واحدة، فعند وقوع الأزمة لابد من التواصل مع العامة وطمأنتهم وتزويدهم بكافة المستجدات حيالها لحظة وقوعها أيا كان نوعها.
إن التعامل مع الأزمة لا يعني فقط إعداد رسائل مرئية ومكتوبة مرتبطة بوسائل التواصل والاجتماعي، ولكن الأهم من ذلك هو إصدار بيانات واضحة عنها لحظة وقوعها ومتابعتها لحين انقضائها.
فأوضاع المنطقة الملتهبة تتطلب وجود مركز متطور لإدارة الأزمات والتواصل.
الأنباء الكويتية