استياء لتغيير موعد معرض الرياض للكتاب
النشرة الدولية –
بعد أن تسلّمت إدارته للمرة الأولى، قرّرت وزارة الثقافة السعودية تغيير موعد معرض الرياض للكتاب في دورته القادمة من شهر مارس إلى الثاني من أبريل 2020، وذلك مراعاةً لموعد معرضي لندن وباريس اللذين كانا يتزامنان مع موعد المعرض القديم. غير أنّ الموعد الجديد سيتقاطع مع مجموعة معارض عربية على رأسها معرض البحرين ومعرض أربيل ومعرض تونس. الأمر الذي يضع تساؤلا: كيف سيتسنّى لدور النشر العربية المشاركة في جميع المعارض.
كان وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود قد لفت -في وقت سابق- إلى أنّ مكانة معرض الرياض الدولي للكتاب مرموقة بين المعارض العربية، إذ يحتلّ المرتبة الأولى عربيّا من حيث المبيعات.
وأوضح الوزير أن الإعلان المبكّر عن المعرض كان لضمان تحقيق أهدافه المتمثّلة في أن يكون مكانًا يجمع العاملين والمهتمين والخبراء والوكلاء التجاريين بقطاع صناعة النشر والمعلومات (تقليدي/ رقمي) والمؤلفين والمنتجين. إضافة إلى دوره كمنصة للشركات والمؤسسات والأفراد العاملين والمهتمّين بقطاع صناعة المعلومات والنشر لعرض منتجاتهم وخدماتهم. بالإضافة إلى الدور التقليدي في تعزيز وتنمية العادات والمهارات القرائية للمجتمع، وزيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي والفنّي بتحفيز الأفراد على زيارة معارض الكتب للاطلاع واقتناء المصنّفات الثقافية والأدبية والتعليمية، وحضور المؤتمرات وورش العمل والندوات والمحاضرات الثقافية والأدبية والفنية والمبادرات المصاحبة للمعرض.
وبيّن الوزير أن لتغيير موعد المعرض من شهر مارس إلى الثاني من أبريل 2020 أكثر من سبب، أهمها أنه كان متزامنا مع معارض دولية مصنّفة ضمن أفضل 10 معارض عالميّا، كمعرض لندن وباريس.
وستتولّى وزارة الثقافة للمرة الأولى مهمّة تنظيم المعرض وإدارته بالكامل، ضمن حزمة ملفات ثقافة تتولاّها الوزارة بعد فصلها عن وزارة الإعلام في مارس الماضي.
وبدأت الوزارة الاستعدادات للمعرض السنوي منذ أبريل الماضي، إذ عيّن الوزير الدكتور عبدالرحمن العاصم مديراً للمعرض. وقد نجح المعرض خلال السنوات الماضية في تسجيل حضور لافت في خارطة معارض الكتب في العالم العربي، إذ أضحى أكثر المعارض العربية مبيعاً، كما يقصد المعرض ما يزيد على نصف مليون زائر، ويشارك فيه أكثر من 500 دار نشر محلية وعربية وعالمية.
أكد مدير دار عرب للنشر والترجمة في لندن الشاعر العُماني ناصر البدري المقيم في لندن، بأنّ مراعاة التزامن بين الرياض ولندن وباريس هو أمر مفهوم ومهمّ، ويستحق الانتباه له، لاسيما من وزارة جديدة بدأت تؤسس لهيئاتها ومبادراتها بشكل مؤسّساتي. لكنّ القرار يدفع -حسب وجهة نظره- إلى التساؤل حول الدور الثقافي الذي سيؤديه معرض الرياض لو تقدّم أو تأخّر عن هذين المعرضين.
وأوضح البدري أنّ دار عرب مع وكلائها وشركائها تنظر إلى معرض الرياض على أنه من المعارض العربية المهمّة التي يجب أن تشارك فيه جميع الدور، إما بشكل مباشر، وإما عبر الوكالة، لهذا فمن الخسارة أن يتمّ تعيين موعد جديد دون تنسيق مع اتحاد الناشرين العرب.
وفي الشأن نفسه يقول مدير دار تكوين للطباعة والنشر والترجمة الشاعر العراقي محمد ماجد العتابي “أعتقد أنه من صالح دور النشر العربية ألاّ يكون هناك تعارض بين مواعيد معارض الكتاب، حيث أنّ هذه المعارض هي نوافذ للالتقاء بالقرّاء، وللترويج للإصدارات الجديدة، وفتح خطوط توزيع مختلفة مع المكتبات، أعتقد أن الهيئات المسؤولة في الدول العربية عن معارض الكتاب عليها التنسيق مع اتحاد الناشرين العرب لما يصبّ في مصلحة القرّاء والمكتبات والناشرين. وما يحدث حينما تتعارض المواعيد، هو أن الدور تختار مضطرةً المعرض الأكثر شعبيةً لتُشارك به، مما يؤدي إلى ضعف وتراجع في المعارض ذات الحضور الأقل”.
ويضيف “يُعاني الناشر أساسا من معوقات كثيرة، تتعلق أحياناً بتأشيرات الدخول تارةً وبتزامن الجداول تارة أخرى، وأقل ما نتوقعه وجود تنسيق بين الجهات المختلفة لضمان مشاركة أوسع”.
من جانبها تقول الكاتبة الكويتية إقبال عبيد مديرة مؤسسة ترجمان للترجمة والنشر إن هذا التغيير سيُربك كل أجندة المنظمين، والناشرين في المقام الأول، ولاسيما العاملين في الدور الخليجية والعربية. وتضيف “يعمل الناشر في العالم العربي ضمن خارطة تنقلات مقتصدة، وترتيبات محدّدة سلفًا لكل موسم كتاب، محاولاً بذلك أن يوزّع مجهوده على المشاركة في أهم الدور العربية تباعًا، وبما أن موعد المعرض سيتقاطع مع مواعيد لمعارض عربية أخرى، فإن كاهل هذا الناشر سيُثقل أكثر، هناك معضلة شحن الكتب السنوية بين معارض المدن العربية، وتأخّرها المعتاد. هناك الوقت المستقطع لهيئات الرقابة. وهناك عراقيل إصدار التأشيرات لفريق العمل. كل ذلك سيراكم عبء الناشرين الذين لا يحلمون بأكثر من المشاركة في كل المعارض العربية بشكل منظم، وبفترات استراحة بين كل معرض وآخر”.
في سؤال لمدير دار رواشن للنشر الشاعر معتز قطينة عن رأيه، أجاب “يكاد معرض الرياض يكون أحد أهم المعارض العربية، إن لم يكن أهمّها، نظرا إلى التنوّع الهائل في العرض وحجم مشاركة دور النشر، إلى جانب ارتفاع قيمة القوة الشرائية لدى القراء، وهو ما يجعل الناشرين حريصين على المشاركة فيه أيا كان وقته”.
ويتابع “ربما لن يشكّل تقاطع المعرض مع توقيت معارض أخرى مشكلة لدى دور النشر الكبيرة التي سيكون بمقدورها المشاركة في أكثر من معرض في الوقت ذاته، سواء بشكل مستقلّ أو بالتنسيق مع دور أخرى للمشاركة باسمها، بينما ستفضل الدور الصغيرة والمتوسطة حزم كتبها إلى الرياض”.
ويختتم بقوله “الاستراتيجية الثقافية الجديدة في المملكة تضع نصب أعينها المنافسة عالميّا، وهذا يفسّر أسباب تغيير موعد المعرض لئلاّ يتضارب مع المعارض العالمية، هذا سببٌ وجيه وطموح، وإن ارتأينا المنافسة العالمية في قطاع النشر – ولو بعد حين ـ فإن التخطيط المبكّر والعمل منذ الآن لتحقيق ذلك سيؤدّي إلى تحقيق الهدف المرجوّ”.
وعلى مستوى الاستراتيجيات المستقبلية يتفق المدير التنفيذي لدار ميلاد الروائي إياد عبدالرحمن عمر مع الشاعر قطينة في رأيه، ويضيف عليه قائلا “ليس خارجاً عن المألوف مطلقاً أن يتقاطع معرض كتاب ما مع معارض كتب أخرى، إذ لطالما وفرّت الجهات الثقافية عبر العالم العربي برامج ثقافية تتقاطع مع بعضها البعض”.
ويضيف عبدالرحمن “بصفتي ناشراً، لا أعتقد مطلقاً أن السادة الناشرين غير قادرين على إيجاد حلول ممكنة للمشاركة في أكثر من معرض كتاب في الوقت ذاته، خصوصاً مع أنظمة الوكالات وخيارات البيع الرقمي أثناء المعرض، والتي تسمح لأي دار نشر بأن توفّر إصداراتها في معارض الكتب المتنوعة مع دور نشر صديقة دون الحاجة إلى التواجد بصفة شخصية”.