كلنا للوطن الذي لم نستحقه* ميسون نويهض
النشرة الدولية –
قطعة سماء تزينت بأشجار زيتون وأرز شامخ، أحبّتها الطيور وغردت على أغصانها، وغطت قممها خيوط ذهبية، وسبحت في سمائها سحابات تارة صافية وتارة ملبدة.
القمر جاورها ليضيء لياليها ويحميها من تسلل سارق الفرح والجمال.
هذا القمر خانه النعاس، وإذا بشعلة نار غدرته وتسللت إلى أرض جفت دموعها على ماض مشرق وعلى مستقبل يلفه الغموض وحاضر قاحل.
هذه الكتلة النارية ما لبثت أن تمددت وكشّرت عن أنيابها وتواطأت مع ذئاب استشرى فيهم الطمع والفساد وماتت ضمائرهم.
نيران قتلت ما تبقى من أمل لهذا العصفور ليتنفس حرية، نيران حوّلت الفراشات الملونة إلى قطع رماد تتطاير لتغزو السماء وتلبسها وشاحا أسود.
حلّ الصباح والظلام أبى أن يفارق هذه البقعة الثكلى من غضب الطبيعة وطمع فاسديها وجهل مسؤوليها وخنوع مواطنيها الذين لم يتّعظوا من سنين الحرب الطويلة وبقوا على تعصبهم لزعمائهم. الغضب من مواطن مستمر بالهتاف بالروح بالدم افديك يا زعيم، ومواطن مستعدّ لخسارة فلذة كبده فداء للزعيم.
ومرت ساعات النهار الأسود والآذان تصمّخت من أصوات نشاز مليئة بالجهل والفئوية وقلة المسؤولية ووقاحة مسؤولين لم يخجلوا من إلقاء المسؤولية على بعضهم بعضا.
في ظل هذا المشهد المأساوي أطلت قلوب ناصعة ما زالت تحمل حبا لهذا الوطن، وأيادٍ نظيفة قدمت المساعدة للمنكوبين، وأبطال صارعوا النيران وضحوا بحياتهم ليذكرونا أنه ما زال في هذا البلد كرامة وعزة نفس في وجه الذل والهاوية التي أوصلنا إليها من ائتمناهم على مستقبلنا ومستقبل أطفالنا .
وفي ساعات المساء الأولى تدخلت العناية الإلهية وأمطرت السماء على هذه الأرض الطيبة التي روتها دماء شهداء فأزهرت حرية يحاولون أن يسرقوها بكم الأفواه.
وغدا سيستمر المطر ونغسل أحزاننا وننسى النيران ونلوذ بزعمائنا.
كلنا للوطن الذي لم نستحقه.
عن موقع العربية. نت