لبنان ينتفض… احتجاجات مستمرة ومطالب كثيرة

النشرة الدولية –

استفاق اللبنانيون، الجمعة، على الطرق المقطوعة ورائحة الإطارات المشتعلة. وكانت التظاهرات عمت لبنان من شماله إلى جنوبه، وأصيب عشرات المتظاهرين بحالات إغماء فجر أمس، جراء استخدام قوات الأمن اللبناني قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في ساحة رياض الصلح مقابل مقر رئاسة الحكومة، في وسط بيروت، بعدما اعتصم الآلاف احتجاجاً على إقرارها رزمة من الضرائب الجديدة وانهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.

وكانت “اندبندنت عربية” قد رافقت بعض التظاهرات للاطلاع على آراء المحتجين، التي تنوعت وتعددت، لكن المشترك بينها “أننا قرفنا ولم نعد نستطيع تحمل كثرة الأعباء والضرائب”، والكل هتف “الشعب يريد تغيير النظام”.

مروان عبدالله، منسق العلاقات الخارجية في حزب الكتائب كان من بين المتظاهرين. يقول عبدالله، “نحن كحزب معارض نزلنا بصفة حزبية وبصفة شخصية كمواطنين، نزلنا لنطالب برحيل الحكومة ووقف الضرائب. قد يكون بعض الناس ثار بعد سماع خبر ضريبة الواتسآب لكن نرجو عدم تسخيف التظاهرات، لأن هناك ضرائب كثيرة أقرت ولن نرضى بها، مثل زيادة على الضريبة المضافة الـTVA والضريبة على صفيحة البنزين. كما أن البلد يعاني من أزمة دولار، وعلى السلطات أن توقف الضرائب التي تثقل كاهل الفقير، إضافة إلى أننا نريد إصلاحات سريعة ولن نتراجع حتى تتحقق”.

لكن وكما بات معلوماً، فإن لبنان يرزح تحت متوجبات تجاه المجتمع الدولي منها مؤتمر “سيدر”، فما هي هذه الإصلاحات التي من الممكن أن تتحقق بسرعة؟

يقول عبدالله “أولاً على الحكومة أن توقف التعاقد مع 5400 موظف الذين عينوا كتنفيعات إبان الانتخابات النيابية، وإقرار موازنة عام 2020 خالية من الضرائب الجديدة وأن تكون موازنة بمنتهى التقشف. وفي المطالب اللاحقة، إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة اختصاصيين مقننة من ثمانية أو 10 وزراء، تضع خطة واضحة قصيرة الأمد للنهوض بالاقتصاد. إذ إن النهوض لا يكون بإثقال كاهل المواطن بوضع ضرائب جديدة، بل بوقف مزاريب الهدر مثل المؤسسات الحكومية التي ألحقت بالوزارات التابعة لها، وقف التنفيعات للمحيطين بالمسؤولين، استعادة الأملاك البحرية”.

لكن هناك من يردد دائماً أن الأزمة ليست بسبب هذه الحكومة. يقول عبدالله، “بغض النظر عن أن هذه الحكومة أثبتت فشلها في معالجة كافة الملفات، فإن مطلبنا الأساس، هو مجتمع مدني خال من الطائفية ويؤمن المساواة بين المواطنين كافة. نحن نريد تغيير النظام”.

رفض الضرائب

طارق أبو صالح، صحافي، يقول “لا بد من الإقرار بأن هناك غضباً كبيراً، وأن الناس لم تعد تحتمل، وقد تكون ضريبة الواتسآب القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن هناك ضرائب أخرى مثل رفع الرسوم على التبغ والتنباك المستورد والمنتج محلياً، وفرض ضرائب جديدة على المحروقات وزيادة ضريبة القيمة المضافة، كما أن الشارع كان يغلي والناس تتحضر”.

لكن ماذا عن أعمال الشغب التي حصلت وتكسير واجهات المحلات وحرق أبنية في وسط العاصمة بيروت؟

يقول أبو صالح “الخوف أن يستغل حزب الله هذه التظاهرات، إذ إن يده تبدو واضحة، حيث أنه من المستحيل إقفال طريق المطار إلا بأوامر من حزب الله”.

لكن موقف حزب الله واضح من الضرائب إذ أعلن في أكثر من مناسبة وعلى لسان مسؤوليه أنه ضد فرض ضرائب جديدة، وكان وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي أعلن في حديث إذاعي صباح اليوم الجمعة، عن وقوف الحزب ضد كل الضرائب التي تطاول الطبقات الفقيرة، مشيراً إلى أن “الضرائب التي لا نستطيع إسقاطها في مجلس الوزراء وتمر بسبب الأكثرية سنسقطها في مجلس النواب”. كما كان قد أعلن في وقت سابق عدم موافقة الحزب على ضريبة “واتسآب”.

يقول أبو صالح، “إنها عادة حزب الله بالتنصل من قرارات الحكومة، من سبّب هذه الازمة هو الحزب، نحن تحت وطأة العقوبات الدولية، وأزمة الدولار والتهرب الضريبي كلها بسبب هذا الحزب، فمن يحمي 134 معبراً غير شرعي، ومن يحمي محازبيه على المعابر الشرعية مثل المرفأ أو المطار من التهرب من الجمارك، فالتاجر الحزبي يمر والآخر يدفع، وكل هذا تغض الدولة اللبنانية الأعين عنه وتذهب إلى جيبة الفقير”.

تنوع المطالب الشعبية والاختلاف بوجهات النظر قد يؤدي إلى فشل المتظاهرين بتحقيق مطالبهم؟

يرد أبوصالح أن “الوجع كبير والشارع خرج عن سيطرة المنظمين كمنظمات من المجتمع المدني، لكن الكل متفق على محاربة الفساد وتغيير النظام الحالي، ولكن بالنسبة إلينا مستمرون حتى اسقاط رئيس الجمهورية والحكومة ورفع يد حزب الله عن مرافق الدولة”.

مستمرون

إيمان الحلبي مهندسة معمارية، رافقت التظاهرات بدايةً من بلدة بحمدون إلى ساحة رياض الصلح، تقول “أنا هنا بصفة شخصية لأنني عاطلة من العمل، منذ سنة وثلاثة أشهر، الشركة التي كنت أعمل فيها أفلست. ومع هذا أسست عملي الخاص من مدخراتي ولم أحصل على مشروع واحد طوال هذه المدة، لأن الناس خائفة من مستقبل البلد، لكن كلي أمل بهذا التحرك الشعبي الآن. هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان تظاهرات غاضبة كهذه”.

لكن ماذا ينتظر الشارع وهل سيتابع الاحتجاجات؟

تقول الحلبي “إننا مستمرون، سوف نبقى في الشارع، ليس فقط حتى إسقاط الحكومة بل ما نريده فعلاً هو تغيير النظام، على الجيش أن يستلم مقاليد السلطة، حتى الإتيان بطبقة جديدة، كلنا نتفق على محبة الجيش، علماً أنه بساحة بحمدون هناك شاحنة تابعة للجيش، اقتحمت المتظاهرين ولولا العناية الإلهية لذهب أكثر من 100 قتيل، ولكن هذا الجيش هو خلاصنا الوحيد”.

ويقول يحيى، وهو مهندس كهربائي، “على الحكومة الآن الخروج إلى العلن والإعلان عن إلغاء جميع الضرائب”.

ويضيف “الناس استفاقت من كذبة الطائفية، وهذا ما جمع كل هؤلاء. ما يعنينا فعلاً هو تفعيل المحاسبة، ليس سياسياً بل قضائياً، الكل يتهم الآخر بالفساد ولكن عند المحاسبة لا أحد يحاسب، وأهم هذه الملفات ما حصل منذ يومين، أي الحرائق”.

نقلاً عن “اندبندنت عربي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى