لبنان… أهالي صور والنبطية الجنوبيتين يتعرضون للترهيب فتزداد أعداد المتظاهرين* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

نفذت عناصر حزبية في منطقة النبطية الواقعة في جنوب لبنان، هجوماً على حشد يضم عشرات آلاف المتظاهرين في تلك المنطقة، واعتدت عليهم بالضرب بالعصي والحجارة، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح. وقال بعض المتظاهرين إن هذه العناصر تنتمي إلى حزب الله.

وعلى إثر هذا الحادث، استقال 4 أعضاء من مجلس بلدية النبطية، عُرف منهم عباس وهبي ووليد غندور، وآخر من بلدية النبطية الفوقا ويُدعى هيثم العزي.

وكان العضو البلدي المستقيل عباس وهبي أشار إلى أن استقالته أتت استنكاراً لما حصل، وقال في تصريح اعلامي “لماذا يتمّ استخدام البلدية واجهة لمواجهة الناس؟ أهالي النبطية يريدون التعبير عن رأيهم والاعتصام ما زال قائماً في المدينة وكل الشعارات التي تطرح هي ضد الديكتاتورية والطبقة الحاكمة والفاسدة ومن أجل استعادة الأموال المنهوبة”.

يُذكر أنه لدى زيارتنا إلى مدينة النبطية، لاحظنا وجود عناصر مهمتها حماية صورة عملاقة لرئيس البرلمان نبيه بري. ولدى سؤالنا المتظاهرين عن الخوف من التعرض لأي نوع من المضايقات، قيل لنا “تحملنا هذه الأحزاب لسنوات طويلة وهي تمارس شعائرها واحتفالاتها ولم نتدخل، اليوم أتى دورنا لممارسة ما هو حق طبيعي لنا”.

وتحدثت “اندبندنت عربية” إلى بعض الناشطين من مدينة صور والنبطية للاطلاع على مشاهداتهم، ومعرفة ما إذا كان الخوف قد تسلل إليهم.

نور فارس من مدينة صور (27 سنة)، مدرب رياضي، مستقل ينتمي إلى عائلة منضوية في حزب الله، قال “نزلت إلى التظاهرات منذ اليوم الأول، وكنت شاركت عام 2013 يوم نزل الناس للتظاهر ضد التمديد للبرلمان، كما نزلت عام 2015 يوم تحول البلد إلى مكب للقمامة، إلا أن ما حدث في النبطية من اعتداءات، هو امتداد لما حصل في مدينة صور يوم السبت الماضي (أي في 19 أكتوبر/ تشرين الأول)، حيث أقامت حركة أمل مسيرة لدعم الرئيس بري والنائب علي خريس، بعدما كثرت الهتافات والتنديدات بهم، حيث قامت مجموعة من 4 عناصر مسلحة بالاعتداء على مجموعة من 20 شاباً وفتاة تحت أعين القوى الأمنية، التي لم تحرك ساكناً، ما اضطُر المجموعة إلى الهرب، ومَن لم يستطع الهروب ضُرب، ورأيت بعينَي فتاتين تعرضتا للضرب المبرح بالعصي والدوس بالأقدام، عندها أقام الجيش حاجزاً وأخذ يستجدي العناصر للانسحاب من المكان. ثم بعد هذه الحادثة أقام عناصر من الحركة حاجزاً على دوار “أبو ديب” في وسط المدينة ورفعوا شعارات مثل “نبيه بري مؤلّه عندي ويللي بجيب سيرتو بدنا نمسح فيه الأرض”، وكثيراً ما يأتي أحد العناصر ويخطف المذياع من المتظاهرين ويوجه تحيات لنصرالله وبري، كما يدخل مندسّون في الحراك، ويبدأون برفع شعارات وهتافات تأييداً للزعيمين الشيعيين، أو تبدأ بإطلاق شتائم كي تؤلب الجمهور الشيعي المؤيد للحزب أو الحركة ضدنا، ولكي يصبح التحرك مشبوهاً”.

ولكن ألا تخاف من تهديد لك شخصياً بخاصة بعد إعطائنا اسمك بالكامل؟

أجاب نور أن “التهديد سبق ووصلني وبشكل شخصي لأنني أهاجم الحزب، وتواصل أحدهم مع أهلي كي يمنعوني من النزول وقالوا لهم “ضبوا ابنكم”، لكنني لا أخاف وكلمة الحق سأقولها، لكن الخوف بقي موجوداً، لكننا أصحاب حق وعلينا أن نتغلب على خوفنا، حيث أنهم زرعوا وهماً فينا وهو، إذا ما خرجتم من محيطنا سترون ما لا يعجبكم”.

ولدى سؤاله عن كيفية وصوله إلى هذه القناعات؟ قال “نحن المقاومة ونحن مَن قدمنا شهداء، لكن السيد سلخ نفسه عن المتظاهرين وصوّر نفسه خصماً، عندما قال مطالبكم محقة ولكن هذا العهد لن يسقط. وهذه الأحزاب لم تعد موجودة، الكل أصبح ضدها، مع أن إعلام حزب الله لا يزال يعمل بشكل قوي كي يستعيد جمهور المقاومة من خلال تركيزه على بعض الأمور التي تحصل في التظاهرات، كالراقصة التي كانت في ساحة الشهداء، كما أنهم يروجون لفيديوات ورسائل نصية ضد الحراك، إنها ألعاب السلطة وهذا ما أبعد جمهور المقاومة عنها، انحياز نصرالله إلى السلطة حيث أصبح جزءاً منها، شريك في المجلس النيابي والحكومة، كلنا ضد إسرائيل لكن هناك أموراً اقتصادية على الحزب أن يلتفت إليها، لا أستطيع أن أقاوم وأنا جائع، عملوا على تفكيك الوطن ولم يتركوا لنا وطناً كي ندافع عنه”.

عبد المجيد (26 سنة) طالب هندسة ميكانيكية، من قرية مروحين، قضاء صور، قال “نحن في الحراك منذ اليوم الأول، كما شاهدت كل التعرضات التي أتت من قبل عناصر حركة أمل ضد المتظاهرين، لأنه في اليومين الأولَين كانت الناس تهتف بشعارات ضد نبيه بري وزوجته رندة كما ضد قادة الطوائف، لكن في الأيام التالية توقفت الشعارات المنددة ببري، حيث جرى ما يشبه الاتفاق الضمني بين كل الساحات، وعلى كل الأراضي اللبنانية، ألا تُذكَر أسماء بل أن تكون الهتافات ضد النظام ككل، وذلك كي لا نعطي أحداً مبرراً للتدخل وقمعنا، كما أن حادثة القمع التي حصلت في صور أثارت غضب الناس ما تسبب برد فعل انعكس سلباً على الحركة، إذ زادت أعداد الناس المتظاهرين.

وعن مشاهداته كونه لا يخلي الساحة، يقول إن “الناس أصبحت أكثر وحدة ونرى وجوهاً لم نكن نراها من قبل وكأن الناس صحيت فجأة وثارت”.

لكن متى يخلون الساحات؟ أجاب “سأبقى إلى أن يشكلوا حكومة انتقالية يُجمع عليها المتظاهرون على كل الأراضي اللبنانية، ولا يعنيني موضوع الطائفة وحتى لو شُكلت كلها من الشمال، المهم أن تكون حكومة من الوطنين الشرفاء، إن حاجز الطائفية سقط عندما اجتمع 3 ملايين لبناني في الساحات”.

ولدى سؤاله حول ما إذا يخاف من التهديدات أو التعرض له أو لعائلته؟

ردّ عبد المجيد “لعبوا ورقة الترهيب وسقطت، لن يقوموا بترويعنا مرة أخرى، هل سيقتلون كل الناس الموجودة هنا، وإذا قتلوا واحداً سيخرج مئة في المقابل، إن الترهيب يلعب ضدهم ولصالحنا، لكنهم اتبعوا سياسة أخرى، سياسة شق صفوف المتظاهرين عبر تظاهرات مناصِرة لزعماء الأحزاب، ولكن حتى الآن لم تؤت بنتائج، بالنسبة لي لست خائفاً، لا أفعل شيئاً غير المطالبة بحقوقي المشروعة”.

أما حسين (23 سنة) من النبطية، في السنة الأخيرة من دراسته الجامعية، فقال إن “موضوع النبطية ليس وليد الساعة، إنها تراكمات ووضع مأسوي لأهالي النبطية يعيشون فيه، نسبة البطالة مرتفعة، والمرضى يُتركون على أبواب المستشفيات، وفي السنة الأخيرة حوالى 25 متجراً أقفلت أبوابها، كما أن عناصر الحزب انخفضت رواتبهم أو أحياناً لا يتقاضوها، في الأيام الأولى للتظاهرات ترك الحزب الحرية للناس في النزول من عدمه، لكن أمس عندما وقع الإشكال سرَت إشاعات بأن تعميماً أصدره الحزب للتجار وأعضاء البلدية كي يقفوا بوجه التظاهرات، وأن يطردوا الناس من الساحة حيث كانوا يوجدون، ولكن الناس رفضت المغادرة، عندها اعتدوا عليهم بالضرب، حيث جُرحت فتاة في التاسعة من عمرها وامرأة في السبعين، وسقط أكثر من 17 جريحاً، كما تعرضوا لعضو البلدية المحامي وليد غندور الذي كان مشاركاً في التظاهرة أمام الناس، ما دفع به إلى تقديم استقالته، كما استقال عضوان آخران من بلدية النبطية التحتا وعضو من بلدية النبطية الفوقا”.

وهل أخاف ذلك الناس؟

رد “الناس خائفة بالفعل، لكنها تنزل على الرغم من الخوف، إذ تأتينا تهديدات مبطنة لما بعد الحراك، كما أنهم يلاحقون الشباب إلى المنازل، وهناك شاب من آل عاصي لوحق وضُرب وهو في المستشفى. كما أنني شخصياً خائفاً، إذ إنني ناشط جداً، وكل مرة أستطيع أن أهرب في اللحظات الأخيرة من التعرض للضرب، الله  يستر”.

وماذا عن كلمة نصرالله؟

قال حسين “أنا لا أسمع له ولا تعنيني خطاباته، لكن أريد أن أقول إنهم في كل مرة يتعرضون لنا فإن أعداد الناس تزداد بالنزول، حيث نزل أمس أكثر من 2500 مواطن في أكبر تظاهرة أراها في النبطية، كما سرت أخبار في الساعات الأخيرة، أن هناك تململاً داخل صفوف الحزب، حيث أن هناك انقساماً وعدم رضى من قبل العناصر الحزبية، عن ضرب أقاربهم وأصدقائهم والتعرض لهم”.

نقلاً عن اندبندنت عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button