الأحزاب الأردنية بين (الواحد) والائتلافات (المشوهة)

النشرة الدولية –

تزخر الساحة السياسية الحزبية الاردنية بـ 49 حزبا مرخصا حسب وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، ورغم العدد الكبير، يغيب التأثير الواقعي والوصول الى البرلمان في ظل احزاب صغيرة غير فعالة وبأهداف ليست ذات تأثير مجتمعي، بحسب تقرير نشرته الزميلة، رانيا تادرس، في صحيفة الرأي الأردنية، اليوم الاثنين.

وتتشابه العديد من الأحزاب بالمبادئ التي تنادي بها، رغم وقعها الرنان، ورغم ذلك تغيب عنهم فكرة الاندماج كعنصر قوة وتأثير أكبر خصوصا في ظل قانون للاحزاب يسمح بذلك.

وفي ظل حاضنة قانونية جاء قانون الاحزاب المعمول به في الساحة السياسية الاردنية وحدد شروطا للإندماج، وفق قانون الاحزاب، حيث جاءت في نص المادة (8/ي) اجراءات دمج الحزب في حزب اخر.

وتعود فكرة اندماج الاحزاب لسنوات ماضية، ومنذ عام 1997 قررت 9 احزاب الاندماج بالحزب الوطني الدستوري، بحسب أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة، الذي بين ان التجربة عادت مجددا عام 2008 حين قرر الحزب الشيوعي، والشغيلة الشيوعي الاردني الاندماج تحت اسم الحزب الشيوعي الاردني، كما شهد عام 2017 اندماج أربعة أحزاب تحت مسمى حزب العدالة والاصلاح.

وجاءت المادة 30 الفقرة (أ) من قانون الاحزاب أن للحزب تعديل نظامه الاساسي او الاندماج في حزب اخر وفقا لاحكام الدستور والقانون واعلام اللجنة (لجنة الاحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية ) بذلك، فيما تقول الفقرة (ج) أنه في حالة دمج حزبين او اكثر لتشكيل حزب واحد يتمتع الحزب الجديد بشخصية اعتبارية وتؤول اليه جميع الحقوق العائدة للاحزاب المندمجة ويتحمل الالتزامات المترتبة على كل منها.

ومن باب تشجيع الاندماج فيما بين الأحزاب، يشير الدكتور الخوالدة الى أن نظام المساهمة في دعم الاحزاب المعدل منح خسمة الاف دينار للاحزاب المشاركة في ائتلاف حزبي لايقل عدد الاحزاب المشاركة فيه عن اثني عشر حزبا، وأن يكون الائتلاف معلنا عنه على أن يتم انفاق هذا المبلغ للغايات والاهداف التي أنشئ الائتلاف من اجلها.

وبحسب الخوالدة هناك خسمة ائتلافات وهي تيار الاحزاب الوسطية 12 حزبا، وتيار الاحزاب اليسارية والقومية 6 أحزاب، تيار الأحزاب الاصلاحية 4 احزاب، ائتلاف الاحزاب الوطنية 8 احزاب، وتيار التجديد 3 أحزاب.

فيما يعتبر العضو المؤسس بحزب التحالف المدني رمزي خوري انه في كافة الديمقراطيات عدد قليل من الاحزاب قادر للوصول الى حكم الدولة، بحكم ان الاحزاب يجب ان تمثل الغالبية لدى الشعب.

ويقول ان «ما حدث في الأردن عند بدء ترخيص الاحزاب هو ذهاب عدد كبير من الاشخاص كأفراد باتجاه تكوين احزاب تعتمد على الشخص الواحد بدلا من الاعتماد على التيارات السياسية الموحدة التي تشترك بالمبادئ والفكر السياسي وبالطبع البرامج السياسية التي على اساسها يطرح الحزب مرشحيه بأي انتخابات»، مضيفا ان العدد الكبير للاحزاب التي لا قواعد شعبية لها لا تستطيع تحقيق نجاح يذكر في الانتخابات البرلمانية.

بدوره يعتقد خوري ان هذه الاحزاب، لو نظرنا اليها، متشابهة الى حد ما بسياساتها فمجموعة منها وطنية اسلامية واخرى ممكن وصفها بالمحافظة ومجموعة تبدو انها وسطية، مضيفا انه «ظهرت محاولات عديدة لاقناع اصحاب هذه الاحزاب المتشابهة بالاندماج والذهاب الى احزاب عريضة قادرة على تحقيق النجاح ولم ترتق هذه المحاولات الا بتشكيل ائتلافات ما بين هذه الاحزاب غير ملزمة ويمكن ان تتفكك حال الاختلاف».

ويرجع حالة التشرذم الحزبي المنفرد لسبب ليس سياسيا بل شخصي، فكل زعيم يريد ان يكون القائد الوحيد حتى لو لم يحقق شيئا فعليا بالسياسة.

وعن تجربة التحالف المدني بالاندماج يقول خوري ان التحالف المدني كحزب عريض منبثق من التيار المدني جاء لحل هذه المعضلات، حيث اتفق اعضاء الحزب على مبادئ محددة تعتبر الخطوط الحمر، ويسعى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية على اسس سيادة القانون والمساواة والمواطنة والحريات وحقوق الانسان، ويؤمن باقتصاد السوق الاجتماعي ويمكن لاعضائه الاختلاف بالسياسات.. هذا النموذج مجرب وناجح بكافة الديمقراطيات وعلى الاحزاب الصغيرة غير القادرة على العمل الفعال ان تأخذ بهذا النموذج وتعمل على تطبيقه.

في المحصلة فإن حالة التشرذم وكثرة الاحزاب عددا دون تأثير ودون ائتلافات، لن تمكن هذه الاحزاب من الوصول الى البرلمان وخلق حالة حزبية صحيحة مؤثرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى