الروائية ريما بالي: روح تعشق الحرية، وتؤمن بقدرتها على ابتكار عالم خاص بها
النشرة الدولية – طلال السكر- تصف الروائية السورية ريما بالي نفسها بأنها روح تعشق الحرية، وتؤمن بقدرتها على ابتكار عالم خاص بها.
ولدّتُ في حلب، درست بكلية التجارة والاقتصاد، غادرتها عندما اندلعت الحرب التي استمرت لثلاث سنوات، كانت يومها تعمل في فندق تراثي في حلب القديمة، غادرتها عام 2015 الى إسبانيا.
تقول ريما، أول رواية كاملة كتبتها في حوالي العشرين من عمري، ثم كتبت أخرى بعد سنوات.
صدر لها رواية “ميلاجرو، بين طاحونة الحرب ومعجزة الحياة” ، ورواية “غدي الأزرق”.
“النشرة الدولية” كان لها هذا الحوار مع الروائية ريما بالي.
من هي الكاتبة والروائية ريما بالي؟
هي روح تعشق الحرية، وتؤمن بقدرتها على ابتكار عالمها الخاص.
ولدّتُ في حلب عام 1969، درستُ في كلية التجارة والاقتصاد. عندما اندلعت المعارك كنت أعمل مديرة فندق تراثي في حلب القديمة، غادرت عام 2015 إلى إسبانيا بعد أن عاصرت الحرب بأبشع صورها لثلاث سنوات.
صدرت لي رواية “ميلاجرو، بين طاحونة الحرب ومعجزة الحياة” 2016 عن الدار العربية للعلوم، ورواية “غدي الأزرق” 2018 عن دار الآداب.
متى بدأت كتابة ؟
عندما تعلمت إمساك القلم، بدأت برسم حكايات مصوّرة، وعندما تعلمت الكتابة كتبت قصائداً صغيرة كانت تنشر في لوحات الشرف في المدرسة، وفي المراهقة، ألّفت قصصاً قصيرة، وبدأت برواية لا أتذكر أن أنهيتها أم لا.
أول رواية كاملة كتبتها في حوالي العشرين من عمري، ثم كتبت أخرى بعد سنوات، حاولت نشرها فلم أفلح إذ كانت هزيلة وتحتاج إلى الكثير من العمل والتنقيح، أصابني الإحباط بعدها وشككت بموهبتي، فانقطعت عن الكتابة لفترة طالت كثيراً.
كيف ساهمت سنوات النشأة الأولى في تشكيل وعيك الثقافي وذائقتك الإبداعية؟
ذائقتي الأدبية ووعي الثقافي تشكلّا من خلال مكتبة والدي وحثّه لي على قراءة الكتب التي كانت تحويها، كان يغريني بقراءة الكتاب وكتابة ملخص عنه مقابل مكافأة، حتى عشقت القراءة والكتابة وصارا بحد ذاتهما شغفي ومكافأتي.
من كان يدعم ويؤازرك حتى وصلت الى ما انتِ عليه الآن؟
أبي دعم شفعي بالقراءة والكتابة منذ الطفولة، وكان يبدو فخوراً عندما كنت ألقي قصائدي في المناسبات العائلية، وفي فترة انقطاعي الطويل، كانت أختي وبعض من أصدقائي يحثونني على العودة إلى الكتابة، إلى أن كتبت رواية “ميلاجرو” التي تتحدث عن معاناتي في الحرب وقررت نشرها، فآزرني أهلي وأصدقائي من جديد، لكن الداعم الأقوى، كان التحدي الكبير الذي ولد في داخلي بعد الحرب، ما جعلني أضرب عرض الحائط بمخاوفي وترددي، لتبصر روايتي النور في العام 2016. اليوم يدعمني زوجي بحب ويشجعني بحماس رغم أنه للأسف الشديد لا يستطيع قراءة ما أكتب لأنه كندي الجنسية.
هل ترين أن للصالونات الثقافية أهيمة في زمننا الحالي؟
الصالونات الثقافية والأدبية تحولت بمعظمها إلى مواقع الكترونية في عصر الإنترنت، وأجدها بأنواعها مهمة فعلاً لنشر الوعي وتحسين الذائقة الأدبية، ويفرحني جداً عندما أجد أن روادها بل والمشرفين عليها من الشباب، تريحني حقيقة أن الشباب يقرأ، وبشغف، ورغم أن الكمية تتناقص للأسف، إلا أن النوعية فاخرة.
ما المواصفات الواجب توافرها في الكاتب الروائي أو الروائية؟
أي كان، يستطيع أن ينشر أي شيء اليوم، وأذواق الناس مختلفة، باختلاف درجة وعيهم وثقافتهم واهتماماتهم، الكتاب الذي قد أراه أنا سخيفاً، قد يراه غيري رائعاً، وبالعكس. لكن بالعموم، أنا كقارئة اشترط في الكتاب الذي أقرأه المتعة والتشويق، بمعنى أبسط أن يكون مسلياَ فاتناً (قصة حلوة)!! فالفن هو جمال وغبطة أولاً وأخيراً، ومن ثم، يجب أن يحمل الكتاب فكراً قيماَ، وأخيراً (والأهم) أن يكون فيه شيئاً جديداَ!! (فكرة صادمة، أسلوب مبتكر، طرح مؤثر ومحفز على التفكير…الخ). كل ذلك يعود إلى موهبة المؤلف بالدرجة الأولى، ومن بعد، إلى صبره ومثابرته وحنكته بالدرجة الثانية. الخلاصة، أن المؤلف برأيي يجب أن يتمتع بموهبة الابتكار، وموهبة الصياغة الأدبية، ثم عليه أن يكون مثابراً وصبوراً وذكياً ليجيد استعمال موهبته في صناعة كتاب فريد ومؤثر، إلى جانب الثقافة الواسعة والتمكن من اللغة.
هل تعترضين على نجومية بعض الشعراء والكتاب؟
رغم أني أدرك تماماً أنه في زمننا هذا صارت صناعة النجوم مهنة!! إلا أنني لا أعترض على نجومية أحد، إذ أؤمن أن الزمن يغربل السيء من الجيد، في مجال الأدب وغيره، وكم من نجوم أفلت، ونجوم سطعت بعد حين.
كم تمنحكِ أو منحتكِ حريّة في صوغ النصّ، في كتابته؟
الحرية شرط أساسي لكتابة نص مقنع، مقنع لمن يكتبه ولمن سيقرأه. وعن تجربتي الشخصية، لم أتجرأ على الكتابة والنشر من جديد إلا بعد أن شعرت بالحرية. ألم يقل نزار قباني: “كيف نكتب والأقفال في فمنا.. وكل ثانية يأتينا سفاح”!
كيف انعكست سنوات النشأة الأولى على إبداعك، وبالتالي بلورة رؤيتك؟
في طفولتي كنت منتشية بموهبتي الفطرية البدائية، أما ما بلور تجربتي وأطلق فكري وقلمي فهو تلقي صدمة الحرب. عندما لامستُ الموت وعاشرتُ العدم ثلاث سنوات، بركان من الخبرات النادرة والقاسية تفجر داخلي وكاد أن يقتلني لو لم أكتب.
هل من تجربة ندمت عليها؟
نعم ولا!! بعد نشر روايتي الأولى “ميلاجرو” أدركت أنني ظلمتها، لم أكن صبورة ومثابرة كفاية لصياغتها بالشكل الأمثل، اذ كتبتها بشغف طفلة تصر على ارتداء ثوب العيد قبل حلوله، خشية ألا يأتي مع ذلك فهي مدللتي التي تعني لي الكثير، وتعلمت منها الكثير.
ماذا تعني لك المفردات التالية: المرأة، الرجل، الأرض، الحب؟
المرأة والرجل: كائنات صغيرة عابرة في هذا الكون الشاسع الرهيب. الأرض: حلب. الحب: لون الحياة وذروة حسنها، ومن الحب ما قتل!
ما هي اللغات التي تجيدينها إضافة للعربية؟
أجيد الإنكليزية وبعض الفرنسية إضافة إلى الإسبانية التي تعلمتها خلال اقامتي في اسبانيا.
هل فكرت في الكتابة بغير العربية للتواصل مع قارئ من ثقافة مغايرة؟
أحلم طبعاً وأهدف أن تصل أعمالي إلى قراء من كل الثقافات، لكنني لم أفكر بالكتابة بغير العربية، ولا أظن أنني قد أفعل فالكتابة عندي طقس متعة وانتشاء لا يتحقق إلا بالعربية، التي تسبح مفرداتها في روحي قبل ذهني الذي تتأرشف فيه بقية اللغات.
ما المحرّك الأكبر في أعمالك؟
الحب والحرب، فلسفة الحياة على اتساعها وعبثيتها.
ما هو الحلم الدّائم الذي يداعبك؟
الحلم الذي تجاوز مداعبتي إلى تعذيبي خلال كل حياتي السابقة قبل الحرب كان: أن أمتهن الكتابة. الآن وبعد أن فعلت، صار الحلم أن أصبح كاتبة جديرة بهذا اللقب، فليس كل من امتهن الكتابة “كاتب”.
هناك اتّجاه إلى تداخل الأجناس الإبداعيّة في المنتج الإبداعيّ العربيّ. كيف ترين ذلك؟
الأدب والإبداع لا جنسية لهما، الكاتب المبدع تظهر هويته بقوة خلال أعماله ولو كانت مطعمة بأجناس إبداعية أخرى، وأنا مع أن يكتب الكاتب العربي للأدب الصرف وللمكتبة الإنسانية عامة، وليس للمكتبة العربية فقط، مع الحفاظ على نكهته الأصلية الخاصة.
ما رأيك بخارطة الجوائز الإبداعية العربيّة؟
الجوائز محفز جيد لكنها ليست مقياس جودة الرواية، إذ تعتمد كلياً على وجهة نظر اللجنة المؤلفة من عدد قليل من الأشخاص، وبالنهاية أنا أؤمن أن كل شيء نسبي، وليس من مقياس ملموس للإبداع ليتم التقييم على أساسه.
ماذا تقرأ ريما بالي؟ ولمن تقرأ؟ ومن هم الكتّاب والرّوائيون الذين أثّروا في توجّهها الأدبيّ؟
أقرأ كل شيء، لكن الكتاب الذي يعذبني لا أكمله، تأثرت في طفولتي ومراهقتي بروائع الأدب العالمي على اختلاف كتّابها من هوغو حتى سارتر وكامو، عشقت جبران خليل جبران ونجيب محفوظ وأذهلتني جاذبية إحسان عبد القدوس. حديثاً أحب الكثير من الكتّاب ولكني أتأثر بأعمال ايزابيل الليندي، خالد الحسيني، أمين معلوف، ربيع جابر وخالد خليفة، ويلفتني عدد كبير من الكتاب الجدد لا أستطيع أن أسميهم الآن جمعياً.
ما هي أخر نشاطاتك؟
وضعت اللمسات الأخيرة على روايتي الثالثة “خاتم سليمى”.. وأتمنى أن تبصر النور قريباً.
ما هي أمنية ريما بالي؟
أتمنى عموماً: الحرية والكرامة للجميع.. وشخصياً: الانتشار الجيد لأعمالي لتصل لأكبر شريحة وتنال حقها، وراضية أنا بحكم القراء.