الرئيس عون مرشح لقيادة الإنقلاب على حزب الله مظاهرات لبنان والعراق تقبر مشروع مد النفوذ الإيراني للبحر الأبيض المتوسط* شاكر الجوهري

النشرة الدولية –

الإنتفاضتان الشعبيتان ضد الحكم الشيعي في العراق، وسطوة حزب الله الشيعي على حكومة سعد الحريري في لبنان.. توجعان الرأس الإيراني على طريقة ضربتين في الرأس توجعان.

صحيح أن الشعبين اللبناني والعراقي ثارا ضد فساد السلطة في البلدين، لكن الصحيح أيضا أن فساد الحكم الشيعي في البلدين، حفز الشعبين على الثورة، التي تصب في خدمة مشروع احتواء ايران.. وهو هدف اميركي معلن منذ نشر الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مشروعه الإستراتيجي للإحتواء المزدوج لكل من العراق وايران سنة 1979.

لقد تم احتواء العراق تماما سنة 2003 من خلال الإحتلال الأميركي.. وبقيت التساؤلات مطروحة منذ ذلك التاريخ: وماذا عن احتواء ايران..؟

فساد السلطتين الشيعيتين في لبنان والعراق، على نحو غير مسبوق في التاريخ الإنساني كله، وثورة الشعبين على النظامين قدما الفرصة تاريخية في وقت تشدد فيها اميركا اجراءاتها العقابية على ايران.. وفي وقت أيضا تعتمل فيه عوامل الثورة الشعبية على النظام الحاكم في طهران ذاتها.

من هذا المنظار يتوجب على المحلل السياسي أن يقرأ في تقديم سعد الحريري استقالة حكومته، ضربة كبيرة للنفوذ الإيراني في لبنان ممثلا خصوصا في حزب الله.. الشريك المهيمن على القرار الحكومي.

لذلك تحديدا ثارت ثائرة ايران وحزب الله.

قصار النظر قد يعتقدون أن استقالة حكومة الحريري تعني تخليه عن البرنامج الإصلاحي الذي أقرته الحكومة قبل فترة بالغة القصر من تقديمه للإستقالة.

لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير.

إن استقالة الحريري التي قدمها خلال زيارته التاريخية للرياض (إختطافه) في 4/11/2017، كان الهدف السعودي من وراءها تشكيل حكومة لبنانية جديدة دون مشاركة حزب الله..!

وهو الأمر الذي لم يكن قد نضجت ظروفه بعد..!!!

الآن أيضا هدف استقالة الحريري هو ربما إعادة الحريري نفسه تشكيل الحكومة من دون حزب الله..

لهذا ثارت ثائرة المرشد الإيراني علي خامنئي، وثارت ثائرة حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله.. وصولا إلى تصدي مليشيات الحزب للمتظاهرين مقدمين مزيدا من مبررات اخراج الحزب من الحكم، والإنقضاض عليه كي يدفع ثمن حماقاته في سوريا والعراق واليمن.. حيث قاتل ضد الشعوب العربية.. وصولا لقتاله الشعب اللبناني نفسه.

هذه فرصة لا تعوض بالنسبة للبنانيين.. الشعب المسروقة لقمة قوته.. كما أنها فرصة تاريخية لأميركا والسعودية للتخلص من حكم الملالي لإيران.. وهي في ذات الوقت فرصة لا تعوض للشعب الإيراني المنكوب والمنكل به والمجوع من قبل نظام حكمه.

وبالفعل.. الأخبار الآتية من ايران تقول أن المعارضين لنظام الملالي بدأوا يعبئون لإطلاق ثورة شعبية ايرانية على النظام..

إنطلاقا من هذا العمق في الرؤية السياسية يجب أن نرى وأن نقرأ:

أولا: تصريحات الرئيس اللبناني حليف حزب الله والنظامين السوري والإيراني بالغة التأخر للحوار مع المتظاهرين، ودعوته للحوار مع المتظاهرين من جميع الطوائف.

ثانيا: إقتراح الرئيس ميشيل عون اجراء تعديل حكومي بدلا من استقالة الحكومة.

ثالثا: أن عون يدرك أن ثورة اللبنانيين تستهدف اطاحته هو أيضا كي يلحق بحكومة الحريري.

رابعا: إعلان نصر الله أنه ضد استقالة الحكومة.. آملا ابقاء حزبه جزءا نافذا مهيمنا على لبنان من خلال وجوده في الحكومة.

خامسا: وحين واصل المتظاهرون جهدهم الإصلاحي بالتخلص من جميع المسؤولين على قاعدة (كلن يعني كلن) وجد الحزب الذي طلق مواجهة اسرائيل منذ 2006 نفسه يتورط في مواجهات بالرصاص الذي أطلقه على تجمعات الشعب الثائر.

سادسا: ثم حين أدرك حماقته في إطلاق الرصاص على الجماهير حاول أن يرقع هذه الجريمة التي تعجل آخرته، بالتعبير عن مخاوفه (نصر الله) من تحول لبنان إلى فوضى عارمة ونشوب حرب أهلية جديدة في لبنان.

سابعا: وحين لم يجد كل ذلك، كان لا بد من زيارة سرية يقوم بها الجنرال الإيراني قاسم سليماني للضاحية الجنوبية لبيروت حيث مقر حزب الله الرئيسي.. ليناقش مع قادة الحزب الرئيسيون: كيف يمكن إنقاذ مشروع مد النفوذ الإيراني من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط..؟!

مظاهرات لبنان والعراق ستقبر هذا المشروع.. وبدايات ذلك هتافات اللبنانيين من أعماق اعماقهم ضد حزب الله، وفي المقدمة منهم ابناء الطائفة الشيعية.

الطائفية في حد ذاتها أصبحت الآن هدفا معلنا ومطالبا به للإلغاء في لبنان والعراق.. وهي في لبنان هدفا معلنا للسلسة البشرية غير المسبوقة التي امتدت من أقصى شمال لبنان إلى أقصى جنوبه.

أما الأميركان فلا بد من أن نتوقف أمام ما يلي فيما يخصهم والسعودية:

أولا: دعم اميركا العلني لحق اللبنانيين في التظاهر والإصلاح.

ثانيا: دعوة لبنان للإسراع في تشكيل حكومة جديدة.. تعجلا لإخراج حزب الله من الحكومة المقبلة التي قد يعيد تشكيلها سعد الحريري الذي لا يمكن أن ينسى أن ثلاثة من قادة حزب الله وجهت لهم المحكمة الدولية تهمة المشاركة والتخطيط لقتل والده رفيق الحريري، وأن الحزب رفض تسليمهم للمحكمة الدولية حتى الآن.

ثالثا: أن الموقف السعودي متفق حد التطابق مع الموقف الأميركي على قاعدة ضرورة تطويق وقصقصة أجنحة النظام الإيراني، ورفع تهديدات خطره عن السعودية وعموم دول الخليج العربي.

ومنذ الآن نرى أن معركة تصفية حزب الله ونزع سلاحه ستبدأ فور تشكيل الحكومة اللبنانية التي ستنتجها جماهير لبنان العريضة بكل مكوناتها.. المنقلبة على التقسيمة الطائفية.

ومنذ الآن نرى أيضا أن الرئيس مشيل عون قد يقود شخصيا الإنقلاب على حليفه الحالي حزب الله..

إنها حالة نادرة أن تلتقي فيها مصلحة الأمة العربية وشعوبها مع المصلحة الأميركية.. وهي حالة صنعتها الأطماع الإيرانية لا أحد غيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى