جدل… هل “إعادة شراء الأسهم تشويه للسوق وفخ للمستثمرين المبتدئين؟
النشرة الدولية –
في الوقت الذي يتجادل فيه الاقتصاديون ومحللو الأسواق بشأن “إعادة شراء الأسهم” ودورها في تأجيج عدم المساواة بين الناس، تجدد انتقاد الممارسة المثيرة للجدل باعتبارها سببًا في خفض المعروض من الأسهم في السوق الأمريكي وخلق طلب إضافي من الشركات على أسهمها.
من المقبول اختلاف وجهات النظر حول آثار هذه الممارسة، لكن البيانات التي كانت نتيجة فحص معمق لا تدعم هذا الاختلاف وتؤيد جبهة على حساب الأخرى، حيث تعكس بالفعل تزايد طلب الشركات على الأسهم -عن طريق إعادة شراء أسهمها- بشكل استثنائي. (يمكن الاطلاع على كيفية عمل هذه الممارسة من هنا)
وفقًا لتحليل أجراه مصرف “جولدمان ساكس”، تبين أن الشركات المدرجة في مؤشر “إس آند بي 500” في طريقها لتسجل مشتريات أسهم عبر هذه الممارسة بقيمة 480 مليار دولار هذا العام، وهو ما يجعلها أكبر مصدر للطلب على الأسهم متفوقة على الأسر وصناديق الاستثمار المشترك والصناديق المتداولة.
يرى البعض بيانات “جولدمان ساكس” تدين هذه الممارسة بتشويه السوق، لكن في حين كانت هي أكبر مصادر الطلب على الأسهم الأمريكية خلال الأعوام القليلة الماضية، فإنها تتراجع، حيث سجلت 598 مليار دولار من المشتريات في 2018، ومن المتوقع هبوطها إلى 470 مليارا في 2020.
مع ذلك، فإن قائمة الاتهام لم تنته عند هذا الحد، إذ تساعد الممارسة كبار الموظفين والأشخاص المطلعين على مجريات الأمور داخل الشركات في تحقيق أرباح طائلة عبر بيع حيازتهم من الأسهم عند تفعيل برامج إعادة الشراء، لعلمهم الدقيق بمواعيدها.
على سبيل المثال، في فبراير عام 2017، أبدت الشركة المنتجة للعبتي “كاندي كراش” و”كول أوف ديوتي”، تفاؤلاً كبيراً بشأن مستقبلها وأعلنت برنامجاً بقيمة مليار دولار لإعادة شراء أسهمها، وهو ما استجاب له المستثمرون بعمليات شراء كثيفة.
لكن قلة منهم كانوا على علم بأنه في حين يشترون أسهم “أكتيفيجن بليزارد”، فإن العاملين داخل الشركة يبيعون حيازاتهم ويحصلون على أرباح إضافية تزامنًا مع ارتفاع السهم عقب الإعلان عن الخطة التي تزيد من الطلب على السهم.
في العاشر من فبراير، وتحديدًا بعد يوم من إعلان الشركة خطة إعادة الشراء، باع الرئيس التنفيذي “بوبي كوتيك” نحو 4 ملايين سهم مقابل 180.8 مليون دولار، وكان متوسط سعر مبيعاته أعلى بنسبة 15% مما كان سيحصل عليه قبل ارتفاع السهم.
مبيعات “أكتيفيجن” تعكس نمطًا من عمليات البيع التي يجريها العاملون داخل الشركات أثناء تطبيق برامج إعادة شراء الأسهم، وغالبًا ما يبيع هؤلاء حيازاتهم خلال الفترة القصيرة التي يقفز فيها السهم بعد الإعلان عن خبر إيجابي أو بدء خطة لإعادة الشراء.
يقول مفوض لجنة الأوراق المالية والبورصات “روبرت جاكسون”: تجري الشركات الكثير من عمليات إعادة الشراء التي تحرك سعر السهم، أليس من التلاعب بالسوق أن تعلن الشركة ذلك؟ ثم يبدأ أحد المسؤولين بيع أسهمه!
وفقًا لمراجعة أجرتها “واشنطن بوست” تبين أن عمليات بيع العاملين خلال تطبيق برامج إعادة الشراء أصبحت شائعة بشكل مدهش، حيث باع ما لا يقل عن 500 موظف حيازاتهم من أسهم شركاتهم خلال تطبيق البرامج في فترة 15 شهرًا بين عامي 2017 و2018.
يقول “غاري ميشوريس” الشريك الإداري لـ”سيلفر رينغ فاليو بارتنرز” للاستثمار: إعادة شراء الشركات لأسهمها كارثة لا تُمحى في أغلب الأحوال، لقد مارس كبار المسؤولين التنفيذيين سلوكيات تتلاعب عادة بالمستثمرين المبتدئين، لو أن هناك شخصا أعلم بشأن الشركة فسيكون العاملون بها.
ينبغي أن تجري عملية إعادة الشراء عندما يتم التأكد من وصول جميع المعلومات إلى كل الملاك، ويكون سهم الشركة أقل بكثير من تقدير الإدارة للقيمة الحقيقية، لكن هذه القيمة غير مؤكدة دائمًا، ولا يتبع كبار التنفيذيين هذا النهج ويكون لديهم أسباب غير منطقية، بحسب “ميشوريس”.
عادة ما تُقبل الإدارات على إعادة شراء الأسهم عندما تكون آفاق العمل قوية ويرتفع سعر السهم، لكن في أوقات الموجات البيعية في الأسواق، في حين أنه من المفترض إقبال هذه الإدارات على شراء أسهمها ذات الآفاق الجيدة، فإنها تتجاهل ذلك.
انخفاض الأسهم خلال موجات البيع الهلعية أو أثناء الركود لا تدوم ومن غير المحتمل أن تؤثر في قيمة معظم الشركات بشكل كبير، ومع ذلك، فإن سلوك الإدارات لا يتسم بالشجاعة أو الثقة، وإنما بالخوف كمعظم صغار المستثمرين في مثل هذه اللحظات.